«مظلة بيت العائلة» تجمع فرقاء التيارات الإسلامية في مصر

شيخ الأزهر استقبل «جبهة علماء الأزهر» بعد 12 عاما من القطيعة

جانب من لقاء د. أحمد الطيب شيخ الأزهر مع د. محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وبعض من قيادات الجماعة («الشرق الأوسط»)
TT

نجحت مظلة «بيت العائلة المصرية» التي دعا إليها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في لمّ شتات الفرقاء الإسلاميين، في إطار وحدة المجتمع المصري، ودعم ثورة «25 يناير»، وتنمية منجزاتها على شتى الأصعدة.

وشهد مكتب شيخ الأزهر خلال الأيام الماضية مجموعة من اللقاءات المهمة، مع التيارات السلفية، ومع جماعة الإخوان المسلمين، ومع فصائل حزبية، رفعت كلها شعار مصلحة الوطن أولا قبل أي اعتبارات أخرى. وكان اللافت في هذه اللقاءات التقارب بين جبهة علماء الأزهر، وشيخ الأزهر، الذي يأتي على خلفية خصام وصراعات وقطيعة دامت نحو 12 عاما. وأثمر اللقاء الكثير من الأشياء الإيجابية لمصلحة الدعوة والوطن معا.

الدكتور محمد عبد المنعم البري رئيس جبهة علماء الأزهر، أكد هذه الروح الجدية بقوله: «إن الجبهة بعد ثورة 25 يناير لا ترد أي لقاء تدعى إليه وتعتبر ما حدث خلال الثورة فتحا من الله وعطفا منه على المسلمين بعد طول صبر».

وقال الدكتور البري لـ«الشرق الأوسط»: «وجودنا في المؤتمرات داخل جامعة الأزهر يعتبر تغييرا في المواقف بعد الثورة، بعد أن أصبحنا أكثر انفتاحا وحرية»، مشيرا إلى حدوث تقارب بين الجبهة ومؤسسة الأزهر، ولقاء شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بعد توجيه الدعوة للجبهة، وتم الاتفاق فيما بيننا على تصحيح المفاهيم الخاطئة والعمل على خدمة الدعوة وتقويم الفهم غير المعتدل.

ووصف الدكتور البري لقاء الجبهة بشيخ الأزهر والتغيير في المواقف بين الأزهر والجبهة بأنه «خطوة للتعاضد والتآزر وهدفها خدمة الدعوة الإسلامية والقرآن الكريم، وتحقق حلم الحفاظ على كرامة وإنسانية البشرية وتبشر بخير كبير»، قائلا «نطمئن إلى أن الدكتور الطيب يحب الأزهر ويحمل همومه على عاتقه ويقول ويفعل»، مضيفا أن المشهد الديني داخل الأزهر تغير تماما بعد الثورة ورفع لواء قول الله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».

وأضاف الدكتور البري أن الدكتور الطيب يسعى إلى لمّ شمل جميع التيارات الدينية تحت لواء المنهج الأزهري الوسطي حتى لا يتسلل «الخلابيص» من اليهود وأذنابهم لمواقع الشهداء ويواصلون الإساءة للدين الإسلامي.

وقال رئيس جبهة علماء الأزهر إن شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي كان على غير وفاق مع الجبهة، وتعامل مع الجبهة بعنف لدرجة الاستيلاء على أثاث مقر الجبهة في شارع بورسعيد بالقرب من جامع الأزهر، لافتا إلى أن المعادلة تغيرت مع الدكتور الطيب الذي نرى أن هناك اتجاها للتقارب مع الجبهة، وهو الأمر الذي أزاح الخلافات ليؤدي كل فرد عمله، مضيفا أن الجبهة أسعدها المسلك الطيب الذي يسلكه شيخ الأزهر في تسيير أمور الأزهر، وما اتخذه من قرارات من شأنها أن ترد للأزهر هيبته وتحافظ على مكانته، خاصة أن الأزهر منارة للعلم وللدعوة في العالم كله، بعد أن تراجع دوره في السنوات الأخيرة.

وأوضح الدكتور البري أن القوانين التي تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر في مصر منفرة وظالمة وتؤدي إلى جهنم، وذلك في معرض رده على عدم تمكين الجبهة من استعادة مقرها القديم في شارع بورسعيد.

ودعا البري شيخ الأزهر لتوفير مقر للجبهة للقيام بدورها الدعوي والديني في المجتمع، خاصة أن عمل أعضاء الجبهة تطوعي وليس للجبهة أي موارد، فضلا عن أن أعضاءها يلتقون في منازلهم، نافيا تحويل الجبهة إلى حزب سياسي ذي توجه ديني بقوله: «لا نفكر في تحويل الجبهة لحزب حتى لا تضيع مكانتها الدعوية الروحية ويتحكم في أعضائها المال».

ورفض البري الزج باسم جبهة علماء الأزهر في أحداث الفتن الطائفية، قائلا التقينا الكثير من المسيحيين للحد من الفتنة الطائفية داخل مصر وخارجها، وقلنا باسم القرآن الكريم وباسم محمد صلى الله عليه وسلم، إننا نفخر ونعتز بأننا مؤمنون بالمسيح عيسى ابن مريم، وبطهر مريم العذراء، وبموسى، وهارون، وبالتوراة، وأن المسلمين لا يقبلون بأن يساء إلى تراب نعل مريم، مصداقا لقول الله تعالى «وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين»، ونساء العالمين تبدأ بحواء وتنتهي يوم القيامة، مشيرا إلى أن الجبهة لا تسمح مطلقا بالاعتداء على الكنائس.

وكانت جبهة علماء الأزهر قامت بإصدار بيان أثنت فيه على قرارات الدكتور الطيب عقب تعيينه شيخا للأزهر، ومنها إلغاء عقود الزواج التي كانت تقام بمقر المشيخة، ونقل التفويضات الخاصة لشيخ الأزهر في بعض الاختصاصات إلى المجلس الأعلى للأزهر، وفقا لأحكام القانون 103 لسنة 1961 ولائحته التنفيذية التي تنص على ضرورة الرجوع للجنة من المجلس الأعلى للأزهر قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بقبول التبرعات والهبات والوصايا من شيخ الأزهر، كما أثنت الجبهة على قرار إعادة تدريس فقه المذاهب مرة ثانية.

ويذكر أن جبهة علماء الأزهر تأسست عام 1946 وتعد أقدم مؤسسة دينية داخل الأزهر وتضم داخلها الكثير من مشايخ وعلماء جامعة الأزهر على رأسهم الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق.

لكن نشاط الجبهة توقف في أواخر الثمانينات وعاودت نشاطها عام 1994 إلا أنها بعد عامين واجهت الكثير من الصعاب، بعد تولي شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي مشيخة الأزهر عام 1996، وذلك بسبب مواقفها منه وانتقادها المستمر له، وقيامها بإصدار فتاوى ضد رغبته، وإعداد قوائم بالفتاوى التي أصدرها وتبيان المخالف منها لشرع الله ولما اجتمع عليه الفقهاء بهدف محاكمته فقهيا، وهو الأمر الذي دعا شيخ الأزهر السابق إلى رفع دعاوى قضائية ضد الجبهة وحصوله على حكم قضائي نهائي بحلها، وإغلاق مقرها في شارع بورسعيد بالقرب من جامع الأزهر في يونيو (حزيران) 1998، وعلى الرغم من حصول جبهة علماء الأزهر على حكم من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار الحل في مايو (أيار) عام 1999 فإنه لم ينفذ.

وفي عام 2000 اختفت جبهة علماء الأزهر من على الساحة الدينية لتعاود الظهور مرة أخرى بعد قيام ثورة «25 يناير»، وتطلق موقعا إلكترونيا معلنة إحياء نشاطها ورسالتها.