زكاة الفطر.. خلاف يتجدد كل عام بين البحث عن محتاج وتوكيل جمعيات متخصصة

جمعيات خيرية في السعودية تحصل على توكيل خطي من الأسر الفقيرة لتسلم زكاة الفطر وتوصيلها لهم

الخلاف السنوي يتجدد حول البحث عن المستحقين للزكاة أو إعطائها لجمعيات خيرية من مهمتها إيصالها للمحتاجين («الشرق الأوسط»)
TT

يتجدد الخلاف كل عام في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، حول زكاة الفطر وكيفية إخراجها ووقتها المناسب، وحول ضرورة أن يقوم الفرد بالبحث عن المحتاجين وإيصال الزكاة لهم بنفسه، طمعا في كسب مزيد من الأجر وضمانا لوصول هذه الزكوات لمستحقيها، أو توكيل الجمعيات الخيرية لتوزيع هذه الصدقات على الفقراء والمحتاجين، كونها على دراية بمن هم في حاجة إليها وفقا لخبرتها بالأسر المحتاجة، التي تعمل على مساعدتها طوال العام حفظا لكرامتهم من السؤال.

كما أن هناك خلافا حول ضرورة إخراجها كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مقتصرة على الأرز والتمر والطعام بشكل عام، وفقا لقول ابن عمر: «فرض رسول الله زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير»، وحول جواز إخراج قيمتها المالية، مستدلين على ذلك ببعض الأدلة كقول الحسن البصري: «لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر».

إبراهيم صالح يرى أن إعطاء المحتاجين القيمة المالية لزكاة الفطر أفضل من إعطائهم الطعام، لأن هناك بعض الأسر ليست بحاجة للأرز أو الطعام، ولكنها بحاجة للملبس - على سبيل المثال- معتبرا أن ذلك من سماحة الشريعة الإسلامية، لا سيما إن كانت مصلحة الفقير في إعطائه القيمة المالية للزكاة وليس الطعام، وفق قوله.

ويعمد أبو عبد الرحمن الأحمد إلى توكيل الجمعيات الخيرية بتوصيل الزكاة لمستحقيها، لأن ذلك فيه توفير للوقت والجهد، إضافة إلى أنه يضمن وصول هذه الزكاة للمحتاجين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أفضل أن أعطي زكاة الفطر للجمعيات الخيرية، فهي على دراية بمن هم بحاجة للزكاة، وذلك عن طريق شراء الكوبونات المعتمدة من هذه الجهات بقيمة الزكاة من المساجد أو أماكن وجود المندوبين، وتقوم هذه الجمعية بإيصالها لمستحقيها سواء كانت ملبسا أو طعاما».

في حين يفضل حسن الحربي أن يقوم بإيصال زكاة الفطر للمحتاجين بنفسه بدلا من توكيل الجمعيات الخيرية، وقال: «أقوم بإيصال زكاة الفطر إلى من أعرفهم من المحتاجين والذين يسكنون بجواري في الحي حتى أضمن وصولها لمن هم بحاجة إليها»، وأضاف: «أنا لا أعرف إن كانت هذه الجمعية تقوم بإيصالها لمستحقيها وفي الوقت المناسب أم لا؟».

إلى ذلك، تتكثف جهود هذه الجمعيات الخيرية لاستقبال زكاة الفطر في شهر رمضان المبارك من خلال إطلاقها مشاريع «زكاة الفطر» بهدف إيصالها إلى المحتاجين، وخوفا من عملية تدويرها وإعادة بيعها، إضافة إلى مساعدة المزكين في إيصال الزكاة للأسر المحتاجة كونها تعمل وفق أحدث وسائل التقنية لتحقيق أهدافها الخيرية، حيث تقوم هذه الجمعيات بعمل مسح ميداني شامل لجميع الأحياء لمعرفة الأسر المحتاجة، إضافة إلى توفر بيانات وأرقام هذه الأسر لدى الجمعيات، حيث تقوم بمساعدتها على مدار العام، الأمر الذي يسهل عملية الوصول لهذه الأسر في وقت قصير.

وأوضح مازن بترجي رئيس مجلس إدارة «جمعية البر» في جدة أن الهدف من إطلاق الجمعية مشروع «زكاة الفطر» هو وضع حلول فورية للظواهر السلبية التي تتزامن مع موسم إخراج زكاة الفطر كإعادة تدويرها، وتعمد بعضهم بيعها، إضافة إلى مساعدة المزكين في إيصال الزكاة للأسر المحتاجة بشكل فعلي.

وفي السياق نفسه، أشار فيصل الحميد المدير العام لـ«المستودع الخيري» في جدة أن مشروع «زكاة الفطر» الذي يتبناه «المستودع الخيري» يهدف إلى وضع حلول فورية للظواهر السلبية التي تتزامن مع موسم إخراج زكاة الفطر، وبين أن «المستودع الخيري» يسعى لتنفيذ المشروع في فترة قصيرة، لا سيما أن هناك إقبالا ملحوظا للمزكين في ظل الانتشار الواسع للأسر المحتاجة والفقيرة المستحقة لهذه الزكاة التي يجب أن تتسلمها خلال فترة قصيرة جدا وبصورة حضارية.

وتقوم هذه الجمعيات على إخراج الطعام من زكاة الفطر امتثالا للسنة النبوية، متحرية الدقة في ذلك، حيث أوضح الحميد أن «المستودع الخيري» بجدة عمد إلى تحري الدقة في تحديد مقدار زكاة الفطر وتنفيذ عملية كيلها بتحديد عدد «الكيلات» التي يرى «المستودع» أنها لا بد أن تخرج من عبوات الأرز. وقال: «يعتمد (المستودع الخيري) في عملية الكيل على استخدام مكيال (المد النبوي) لقياس زكاة الفطر، الذي يعود سنده إلى الصحابي زيد بن ثابت، لا سيما أنه يُعتبر من أكثر المعايير دقة لتحديد مقدار زكاة الفطر. ويوازي (المد) الذي حدده الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث إن الثابت في إخراج زكاة الفطر أن تخرج (كيلا) لا (وزنا)».

وبين الحميد أنه ومن خلال عملية الكيل التي تمت أكثر من مرة على عدة عينات عشوائية من أكياس الأرز المستخدمة في الزكاة، ثبت أن الكيس الواحد بحجم 40 كيلوغراما يحتوي على 61 مدا نبويا وثلث المد، وبقسمتها على 4، حيث إن مقدار الفطرة الواحدة صاع كامل؛ أي أربعة أمداد، فإن الكيس الواحد يحتوي على 15 وثلث الفطرة».

وحول المكيال المستخدم في عملية الكيل، أكد الحميد أن هذا المكيال من النوع النادر ويعتبر من أكثر معايير زكاة الفطر دقة، نظرا لتوارثه عبر الأجيال بسند متصل إلى الصحابي زيد بن ثابت الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام: «اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا»، مؤكدا أن «المستودع الخيري» يمتلك الوثائق الرسمية كافة التي تؤكد نسب هذا المكيال وتبرهن على دقة قياسه.

من جهة أخرى، أكد سليم الفايدي مدير العلاقات العامة والإعلام في «المستودع الخيري» أن دلالات وجود هذا المكيال والاهتمام بسنده طوال هذه القرون تدل على استمرارية وأهمية زكاة الفطر في الإسلام. وأضاف: «سعي إدارة (المستودع الخيري) بجدة للحصول على هذا المكيال النادر نابعة من حرصنا على أن يكون تحديد الفطرة حسب السنة».

وأكد بترجي أن «جمعية البر» بجدة حصلت على توكيل خطي من الأسر والأيتام الذين تكفلهم والبالغ عددهم 3070 يتيما و1354 أسرة لتسلم زكاة الفطر عنهم عبر مركزها وفروعها ومن ثم تسليمها لهم. وبين أن الجمعية حصلت على توكيل خطي من 42000 مستفيد من مشروع زكاة الفطر من الأسر الفقيرة والمحتاجة والأيتام، حتى تستقبل الجمعية الزكاة وتسلمها لهم.

وأشار بترجي إلى أن قيمة زكاة الفطر للشخص الواحد تبلغ 15 ريالا، لافتا إلى أن الجمعية تستقبل الزكوات العينية والنقدية التي سيتم توزيعها على المستفيدين قبل صلاة العيد عن طريق المندوبين وبعض القرى المجاورة، لافتا إلى أن الجمعية تمكنت العام لماضي من توزيع 84 ألف كجم من الأرز على الأسر الفقيرة والمحتاجة ضمن مشروع زكاة الفطر واستفاد منه 33 ألفا و600 شخص بزيادة 8400 مستفيد عن العام الذي سبقه. وأكد أن عدد المستفيدين من مشروع زكاة الفطر التابع لـ«جمعية البر» بجدة في ازدياد مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن عدد المستفيدين من مشروع الزكاة حتى العام الماضي بلغ 33600 في حين يستهدف هذا العام 42000 مستفيد.