المواسم الدينية الإسلامية موسم خاص للمتسولين في الهند لجني أموال باستخدام عبارات دينية

بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية يسافرون مسلمين كانوا أم هندوسا إلى كشمير وكيرلا

TT

تعد بعض المواسم الدينية موسما خاصا للمتسولين في الهند، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية. ويسافرون مسلمين كانوا أم هندوسا إلى كشمير وكيرلا وغيرهما من المناطق التي ينتشر بها المسلمون في الهند، ويقومون بممارسات خادعة وفريدة باستخدام عبارات دينية تستدر عطف الناس لجني أموال سهلة. وفي نهاية هذا الشهر يعودون ضاحكين ومعهم الكثير من الأموال.

ومن الممكن أن ترتدي المتسولات الحجاب ليخدعن الناس، كما قد تستخدم الكثيرات منهن أطفالا صغارا عند التسول ليستعطفن المارة.

تبلغ لاكشمي التي ترتدي البرقع من العمر 20 عاما، وهي هندوسية لكنها عند قدوم شهر رمضان، تغير اسمها إلى حميدة وترتدي الحجاب وتضع طفلا صغيرا في حجرها، ويبدو وكأنه مصاب بجرح عميق لكنه في الحقيقة تم عمل ذلك باستخدام مادة كيميائية توهمك بأنه مصاب بحروق.

ويقف أطفال أبرياء أيديهم في الجبس عند إشارات المرور وخارج المساجد يجمعون مبالغ ضخمة من أموال الصدقات من المارة. وفي الحقيقة فإن هؤلاء الأطفال يضعون جبسا مزيفا لاستدرار عطف الناس. ويجبر بعض النساء أطفالهن على تناول عقاقير مخدرة لتجعل الناس يعتقدون أن هؤلاء الأطفال يتضورون جوعا وفي حاجة ملحة لتناول الطعام. وفي كل يوم بمنطقة مسجد جاما في دلهي القديمة، تأتي سيارة صغيرة بعد الغسق بوقت قليل تجمع المتسولين من الشارع. وفي الساعات الأولى من اليوم التالي تتركهم ليتسولوا مرة أخرى. ويحدث هذا بصورة مستمرة منذ عدة سنوات.

وتعمل أنجالي (16 عاما)، وهي أحد هؤلاء الأطفال، في شارع «أجميري جيت» في دلهي خارج أحد محلات الحلوى المثلجة. وقد تأثر وجهها بفعل الشمس، واسود انفها بسبب الغبار، وتقف شاحبة لتجمع الصدقة. وسافرت أنجالي مع والدتها إلى دلهي من ولاية تشهاتيسغار الهندية، حيث اعتادت أن تعمل في مصنع للبلاستيك. وتعيش الآن في كوخ صغير في مستعمرة «دلهي القديمة» وتقوم بدفع 800 روبية إيجارا شهريا. إنهم مثل كثيرين قدموا إلى دلهي للتسول من خلال شخص يدعى أمجاد، قام بإحضار ما يزيد على 200 طفل إلى هنا، حسبما ذكرت أنجالي. وقالت «يأتي كل جمعة لجمع الأموال ثم يختفي»، ثم أضافت «من السهل أن تقوم بجمع المال هنا. وإذا ما عرفت كيف تطلب وتتسول فلن تصاب أبدا بالإحباط».

وتحصل منظمات الخدمات الاجتماعية والفقراء على مبالغ كبيرة مع نهاية شهر رمضان المعظم واقتراب العيد، حيث يحتشد المحتاجون وممثلون لمنظمات عديدة بعد كل صلاة أمام المساجد، ويكون أغلبهم أعضاء في شبكات محترفة للتسول، ويعتبرون أن أوقات الصلاة فرص عظيمة للتسول. ووفقا لمصادر يحصل المتسول على ما يزيد على 20.000 روبية في الشهر، حسب بعض التقديرات، وهو أعلى كثيرا من مبلغ الـ4.600 روبية التي يحصل عليها المواطن في المتوسط في الهند.

لنأخذ على سبيل المثال حالة سليم، الذي يجلس في السوق مع شريكه، كل منهما لديه إعاقة جسدية ما في يديه وقدميه. وبينما يلقي سليم نفسه على الطريق واضعا أحد قدميه على القدم الأخرى، يرقد الشاب الآخر على ظهره، ويقومان بالبكاء ليستدرا عطف الناس وكرمهم.

وعندما سألناه عما إذا ما كان هذا ما يقومون به طوال العام، أجاب سليم بأنه يقوم في المعتاد ببيع الجوتكا، خليط من التبغ وجوز التنبول ومكونات هضمية بالقرب من أجرا. لكنهما اعتادا على التسول خلال شهر رمضان في دلهي. لكن سليم قال إنه سيتوقف عن التسول تماما عندما يتزوج. «هل الزواج مطروح بالنسبة لك؟»، سألناه، فأجاب «بالطبع، خلال عامين أو ثلاثة. لقد اختار والدي لي الفتاة، وهي تدرس في الوقت الحاضر».

على نحو مشابه، يرقد متسول كبير السن على عربة بضائع في وسط الشارع، ومعه فتاه صغيرة، من الممكن أن تكون ابنته أو حفيدته. ومع مرور الأشخاص وهم في أبهى حلة، تتدفق الأموال على هؤلاء، فلسان حالهم أبلغ من لسان المقال. وتعد كشمير التي بها الكثير من المسلمين ملاذا للتسول في هذا الشهر، ويأتي المتسولون من ولايات مثل راجاستهان وماهاراشترا وبيهار أوتار براديش وغيرها من الأماكن.

وقالت شيلا، متسولة من راجاستهان كانت تزور كشمير منذ سنوات عديدة خلال شهر رمضان، إنها وجدته أفضل مكان لجمع المال خلال هذا الشهر. وتقوم شيلا مع زوجها بالإضافة إلى أطفالهم الثلاثة بزيارة الوادي خلال رمضان من كل عام. وقالت «نحن الخمسة نجني هنا ما يزيد على ألف روبية كل يوم. إننا نرى أشخاص أكثر تواضعا وكرما في هذا الشهر، وتعد كشمير ملاذا للفقراء أمثالنا». ويعد هؤلاء المتسولون «السياح» الوحيدين الذين يأتون إلى كشمير حتى في الوقت الذي تشهد فيه أسوأ الصراعات داخلها. وما من شيء يثنيهم عن العودة إلى هنا كل عام. لقد اكتشفوا أن فردوسهم في كشمير. إنهم يجنون المال بسرعة شديدة هنا، خاصة في شهر رمضان، وعندما يأتي الشتاء يختفون تماما.

ولديهم أيضا عملاء خاصون بهم يأتون بهم من دلهي كل عام في شاحنة إلى كشمير ويحصلون على 40 في المائة مما يحصلون عليه، وبعد العيد يقومون بنقلهم وإعادتهم إلى دلهي ومعهم كمية كافية من المال من المستحيل جمعها في ولايتهم الأصلية. ويأتي المتسولون المهاجرون من أنحاء مختلفة من الهند، وتكون العملية منظمة للغاية، حيث يقوم متعاقد، مثل السيد لطيف، بإحضارهم إلى كشمير، ويعقد معهم صفقة أن يأخذ نصف ما يحصلون عليه من أموال، ويعرف لطيف وأمثاله باسم «لالا».

وقال جالان خان من ولاية بيهار التي تقع شرق الهند والذي يتسول في كشمير «إننا نعطي (لالا) أربعين في المائة مما نحصل عليه، لكننا نشعر بتحسن كبير هنا. إن المكان هنا يعد أفضل مكان في الهند للتسول. الطقس جيد ولا يستغرق الأمر طويلا حتى تجني أموالا كثيرة. إنني أجني ما يزيد على 300 روبية في اليوم وأعطيها إلى لالا، ونعود بعد العيد، حيث يعطينا لالا الأموال ويقوم بنقلنا إلى دلهي».

وتحمل حفيظة، متسولة من جايا في ولاية بيهار، أخا نصف جسده مصاب بحروق بالقرب من «بانثا شوك». وتنشط في العمل عند ازدحام المرور، مستخدمة أخاها الصغير في استدرار شفقة الناس. واعترفت بأنها تجني ما يزيد على 500 روبية في اليوم. وقالت «عندما كنا نسمع عن كشمير، كانوا يقولون إنها مكان خطير. لكن بعد أن أتيت إلى هنا، وجدت أنها جيدة. فالأشخاص هنا أكثر إنسانية من أي مكان آخر في الهند. لقد اعتدت أن أتسول في دلهي، لكني كنت أحصل على مبلغ يتراوح بين 100 و150 روبية في اليوم». وبالنسبة لهؤلاء المتسولين لا تعد كشمير أقل من أي دولة متقدمة كما يقولونن فهناك الكثير من الأموال بحوزة سكان كشمير. ويمنحونك الكثير بما يفوق أي مكان آخر في الهند. ويقول أنور علام، متسول من بيهار «إنها تشبه أميركا بالنسبة إلينا». وعلى الرغم من أن التسول عملية غير مشروعة في الهند، فإنه لا يعامل بجدية مناسبة. فهناك ما يربو على 5.000 متسول في الشوارع الهندية بحسب مسح أجراه قسم العمل الاجتماعي في جامعة دلهي هذا العام، ووجدوا أن هناك أربعة أشخاص حاصلين على درجات علمية ويتسولون في عطلة نهاية الأسبوع بالإضافة إلى مرتباتهم، وستة أشخاص حاصلين على درجات جامعية و796 شخصا وصلوا إلى الثانوية. وفي مومباي يحصل 300.000 متسول مجتمعين على ما يزيد على 45 مليون دولار سنويا. على الرغم من ذلك، فهناك أيضا العديد من المحتاجين بالفعل الذين يأملون في الحصول على الصدقات، لكن المتسولين المحترفين يفوقونهم مهارة في سباقهم للحصول على أموال الصدقة. «لست متسولا، لكني بحاجة للمال لإعالة أسرتي، وهذا أفضل وقت في السنة، حيث يكون الناس راغبين في إعطاء الصدقات في هذا الشهر المعظم»، هذا ما ذكره خورام، وهو طفل مراهق كان يقف خارج بوابات المسجد في دلهي. وقال إن الإسلام يمنعنا من التسول، لكنه لا يمنعنا من الحصول على الزكاة، ولكونه فقيرا فإن من حقه طلب الزكاة.