منية الساكت لـ«الشرق الأوسط»: نطالب الحكومة الجديدة بالعناية بالمؤسسات الخيرية وتذليل العقبات أمامها

رئيسة «جمعية التكافل للإغاثة والتنمية» التونسية: هناك عائلات في وضع مأساوي

منية الساكت.. رئيسة جمعية التكافل للإغاثة والتنمية التونسية
TT

تأسست «جمعية التكافل للإغاثة والتنمية» التونسية، في 13 أغسطس (آب) 2011، لكنها استوعبت التجارب الإغاثية بالتتلمذ والتدريب على يد كوادر مؤسسات أخرى كمؤسسة «المرحمة» في ألمانيا، وتهدف كما قالت رئيستها منية الساكت لـ«الشرق الأوسط» إلى «إغاثة الفئات الأضعف والأكثر فقرا في البلاد، كالمعاقين، والأيتام، والأرامل، ولدينا قوائم لا تزال مفتوحة، وفي برامجنا مساعدة العاطلين عن العمل لبعث مشاريع صغرى يعيشون منها مع أسرهم، إضافة لمشروع دار الأيتام، وبناء مساكن شعبية لسكان بيوت القصدير (الصفيح)، ومساعدة المرضى الفقراء بتوفير العلاج والدواء، كما نسعى لإقامة مطعم خيري مجاني في كل مدينة، وإن شاء الله في كل قرية لصالح كبار السن وضعاف الحال الذين ليس لهم من يعولهم ولا يتمتعون بالضمان الاجتماعي من الدولة، وسنطلب دعم السلطات المحلية والمركزية في هذا الإطار»، كما «نعمل على إحياء نظام الوقف الذي يمكنه أن يؤدي دورا مهما في التنمية الاجتماعية وحتى الاقتصادية، وكان بورقيبة قد قضى على نظام الوقف وهو جريمة عظمى على المستوى الحقوقي والاجتماعي». وتابعت «لقد أدرك التونسيون أن ضرب الوقف من قبل بورقيبة، هو ما عكس حالة الفقر المدقع والخصاصة والعجز على جميع المستويات الاجتماعية. وكان بإمكان الوقف في ظل التطورات التي طرأت عليه إسلاميا وعالميا أن يساهم في توفير العيش الكريم، أو الحد الأدنى منه على الأقل لآلاف الأسر المحتاجة».

وعن مدى حاجة المجتمع التونسي لمؤسسات خيرية مثل «جمعية التكافل للإغاثة والتنمية»، أفادت بأن «الدولة في العهد البائد كانت مجرد صورة، لا علاقة لها بالأوضاع الاجتماعية التي وصلت إلى حد التعفن، وصندوق (26/26) كانت تذهب أمواله لجيوب خاصة، ونحن كجمعية إغاثية خيرية تنموية، وضعنا جملة من الأهداف التي نرى أنها ستساعد في تخفيف حدة الفقر، وستؤدي دورا في عملية التنمية بالبلاد، وبالتالي معاضدة الحكومة الجديدة في مساعيها لمعالجة تركة الماضي المثقلة بالفقر والخصاصة والحرمان». وفي المقابل «نطالب الحكومة الجديدة بالعناية بالمؤسسات الخيرية وتذليل العقبات أمامها حتى تؤدي دورها بنجاح في خدمة الفئات المحرومة، لأن الدولة لا يمكنها أن تقوم بكل شيء وحدها، وهذا ما استخلصناه من الحقبة الطويلة الماضية».

وعما إذا كانت الإمكانات المتوافرة حاليا بإمكانها أن تحقق أهداف الجمعية، قالت «نحن نأمل خيرا في أهل الخير من داخل تونس وخارجها، فهناك متعاونون أو من يعربون عن استعدادهم للتعاون معنا في معالجة الأوضاع الاجتماعية المتردية، كما نأمل بإثمار العلاقة التي بدأت بين الجمعيات الكبرى والصغرى، وجميعنا ولدنا بعد الثورة، وهناك تعاون مع بعض الخيريين وإن كان لا يزال محتشما»، ونوهت بدور الإعلام في هذا الخصوص «ننوي إقامة ندوات سنعقدها حول هذا النشاط والتعريف بنا وبنشاطاتنا، فنحن حريصون على رفع مستوى المهمشين إلى مصاف الحياة الكريمة التي ينشدونها والتي هم في أمس الحاجة إليها ويمكنهم المساهمة في الدورة التنموية للبلاد من خلال ذلك».

وفي ردها على سؤال: ماذا خسرت تونس، بمصادرة الأوقاف، كما حصل في النظم الشيوعية في القوقاز والبلقان وغيرها؟ أفادت «خسرت كثيرا، فقد ذوت كل الأعمال الخيرية، وزاد بفقدها مستوى الفقر والإجرام الناتج عنه، ولم تكن هناك محاضن تربوية تنتشل الشباب من الواقع الآسن وتغرس فيهم الأمل وتمكنهم من إيجاد مكان في سوق العمل. وبانتهاء الوقف انتهت الأعمال الخيرية الدائمة، وحلت محلها الحملات الدعائية التي يتجاوز حجمها الإعلامي مقدارها الاجتماعي على مستوى الكم والكيف معا».

وبخصوص مساعي إعادة الوقف الذي يعد ملكا غير قابل للتصرف، ولا يحق للدولة مصادرته، لأنه ملكية خاصة، تعد مقدسة حتى في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، أشارت إلى أن «بعض الأوقاف لا تزال قائمة، وخاصة العقارية منها، ولكن وضعها صعب للغاية وآيل للسقوط. ومشروع استعادة الوقف كبير جدا وسنتعاون جميعا من أجل استرداده والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا السياق، ولا سيما القوقاز والبلقان، ونحن نتحرك كجمعيات ونطالب الحكومة الجديدة بوقفة جادة لاسترجاع الأوقاف ووضعها تحت هيئة وطنية تتعاون مع المنظمات الخيرية لتحقيق أهداف الوقف التي هي أهداف الجمعيات الخيرية»، وأضافت «هناك مساجد ومدارس ومقامات تمت مصادرتها وتحويلها بشكل متعسف إلى مكاتب وإدارات، باستخدام مصطلح في غير محله وهو المصلحة العامة، وبذلك صودرت إرادة واقفيها، فالوقف له خصوصية الملكية الخاصة التي لا يحق التصرف فيها بغير ما أراده الواقف حيا كان أم متوفى».

وعن أهم الحالات والحاجات التي رصدتها الجمعية وغيرها من الجمعيات الخيرية في تونس في الفترة التي أعقبت سقوط النظام السابق، أوضحت «أهم المطالب هو العيش الكريم، والشعور بالمواطنة.. يقولون نريد أن نعيش باحترام، ونسكن مساكن لائقة، وأن يذهب أبناؤنا للدراسة»، وأردفت «ذهبنا في قافلة إغاثية لصالح المنكوبين في بلدة السبيخة، ووجدنا السيول قد فعلت فعلها في المنطقة، وكان السؤال لماذا لم يكن الإعلام يتحدث عن هذه المآسي في السابق رغم أن ما جرى لم يكن أول مرة؟ ومن جملة ما فاجأنا هو وجود أطفال لم يدخلوا المدرسة».

وتحدثت منية الساكت عن الأوضاع التي رصدتها جمعيتها بإسهاب «هناك حالات عائلات في وضع مأساوي تعيش في غرفة بدون كهرباء.. زوج عاطل عن العمل، و5 أطفال وعندما ينزل المطر يدخل الماء دون استئذان عبر سقف كأنه غير موجود. وجدنا أناسا بدون بطاقة علاج وهم فقراء بينما هناك أغنياء لديهم بطاقات علاج مجاني لا لشيء سوى أنهم من المنخرطين في الحزب البائد».

وأكدت على وجود مشاريع تنموية وعاجلة وموسمية لدى الجمعية «لدينا مشاريع موسمية، كالعيدين، (لحوم، وملابس)، وسلة رمضان، وإفطار صائم بما في ذلك موائد رمضان، ومشاريع للإغاثة العاجلة، وتوزيع مساعدات مقطوعة، أي حسب ما يتوافر لدى الجمعية من مساعدات عينية، إضافة إلى حاجة بعض المعاقين لكراسي متحركة كهربائية ويدوية، ومشاريع تنموية، حيث أدركنا بعد عدة زيارات ميدانية أهمية دعمها تحت شعار (خذ فأسا واحتطب)، و(لئن تعلم أخاك كيف يصطاد السمك خير من أن تعطيه سمكة)، ومن ذلك نقاط بيع للحلويات أو المواد الغذائية، وعربة متنقلة، وبعثنا مشاريع صغرى مثل بيع ملابس جديدة وملابس مستعملة، وهو ما يجعل المستفيدين من هذه المشاريع يعتمدون على الله ثم على أنفسهم بدل انتظار مساعدات مقطوعة من الجمعية، حيث يكل بعض المتبرعين بينما تبقى حاجة الفقراء قائمة، لذلك بحثنا عن المهارات المتوافرة في كل أسرة ونبحث لها عن عمل أو دعم لتجد تلك المهارات حظها في سوق الإنتاج والعمل».