إعلام «الإسلاموفوبيا» صنع مضامين مشوهة لكسب أكبر عدد من القراء والمشاهدين

لقاء في الرباط بحث تداول المعلومات بين حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان

TT

وضعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) خطة عمل تمتد حتى نهاية السنة الحالية، في مجال الإعلام وتعزيز التواصل بين الشعوب والدول الأعضاء في المنظمة، للرد العلمي على حملات التشويه الإعلامي للإسلام، وذلك من خلال التعريف بالحضارة الإسلامية التي أغنت الحضارة الإنسانية. في هذا الإطار، نظمت «إسيسكو» بمقرها الدائم بالرباط مائدة مستديرة حول «تداول المعلومات بين مقتضيات حرية التعبير وواجبات احترام حقوق الإنسان».

وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام لمنظمة «إسيسكو»، إن «الأهداف المنصوص عليها في ميثاق الـ(إسيسكو)، تدعيم التفاهم بين الشعوب في الدول الأعضاء خارجها، والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل، ولا سيما عن طريق التربية والثقافة والاتصال». وزاد التويجري قائلا «لا شك في أن تدعيم التفاهم بين الشعوب هو هدف نبيل يتطلب تضافر الجهود من أجل تحقيقه على المستويات كافة، ومن خلال آليات تنفيذية، لعل أقواها تأثيرا الإعلام بكل وسائله والاتصال بجميع وسائطه». ويرى الدكتور التويجري، أن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة اهتمت في جميع خطط عملها المتعاقبة، بهذا المجال الحيوي، وعملت على وضع «استراتيجية تطوير تقانات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي التي تضمنت خطوات وإجراءات يساعد تنفيذها الدول الأعضاء على توفير الشروط الضرورية للانتقال إلى مجتمع المعرفة. ومن أهم تلك الشروط «تطوير التشريعات والقوانين الإعلامية في العالم الإسلامي، وإعداد البنية التحتية المسايرة، وتربية الأطفال والشباب في العالم الإسلامي على الاستعمال المفيد لوسائل الإعلام والاتصال بما يقوي ارتباطهم بهويتهم الثقافية، ويعزز انفتاحهم على الثقافات العالمية ويحصنهم من مخاطر التطرف والغلو والإقصاء».

وإذا كان الحق في الإعلام النزيه المنضبط بقواعد أخلاقيات المهنة، والحق في الاتصال باعتباره وسيلة للتفاعل، وللتثاقف، وللتعارف الإنساني الواسع، هما من الحقوق الأساس للإنسان، فإن الممارسة العملية لهما تتطلب برأي الدكتور التويجري الحرية في التعبير بما يعني حرية الرأي والضمير والموقف إزاء ما يجري من أحداث وما يقع من تحولات، وما تشهده الإنسانية اليوم من متغيرات تقتضي التعبير عنها واتخاذ الموقف إزاءها بدرجة عالية من الحرية، على حد تعبير الدكتور التويجري.

وحسب تعريفه للإعلام والاتصال، يقول التويجري إن «الإعلام في عمقه وجوهره هو التداول الحر للمعلومات، والاتصال هو الاستثمار الوظيفي لتلك المعلومات من خلال القنوات المهنية المعتمدة، لكنهما محكومان بالقوانين التي هي ضوابط مهنية وأخلاقية قبل أن تكون قواعد قانونية يجب التقيد بها والتزامها». إن من شأن الالتزام بهذه القواعد والأخلاقيات المهنية احترام الآخر أو الآخرين في خصوصياتهم لأنه ليس من العدل والحق والإنصاف في شيء المساس بحقوق الإنسان وانتهاكها، ومنها بتعبير الدكتور التويجري «حق الإنسان في الحفاظ على خصوصياته التي تشكل هويته، وحقه في التمسك بمقومات شخصيته والتشبث بالثوابت التي تحفظ عليه تماسك المجتمع الذي ينتمي إليه، وتدرأ عنه المخاطر التي تهدد شخصيته الاعتبارية كما تهدد كيانه الوطني وحقه في التنوع الثقافي الخلاق، في الكرامة والعزة والعيش المشترك في وطنه وفي محيطه الإقليمي، وحقه في العيش بسلام في الدائرة الإنسانية الواسعة».

ولاحظ المدير العام لمنظمة «إسيسكو» أن الإعلام المعادي للإسلام أو ظاهرة «الإسلاموفوبيا» انتشرت خلال العقد الماضي في الغرب بشكل متسارع، وقامت بعض وسائل الإعلام الغربية، من خلال توظيف أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بجعل الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين أكثر شيوعا وربطها بالثقافة الإسلامية والدين الإسلامي. ونظرا للطبيعة التجارية لمختلف وسائل الإعلام الغربية واهتمامها الرئيسي بالحصول على سبق صحافي من جهة، وربح مادي أكبر من جهة أخرى، فإنها حرصت على صنع مضامين عن الإسلام والمسلمين، وذلك من خلال استقطاب أكبر عدد من القراء والمشاهدين. وتبعا لذلك، يرى الدكتور التويجري أن الصور النمطية التي يتم ترويجها «عن الإسلام والمسلمين في مختلف وسائل الإعلام الغربية، تصف المسلمين بأوصاف بذيئة ونعوت مشينة، وتعزز ما رسخته الأفلام السينمائية والكتب المدرسية من معلومات مشوهة، مما أدى إلى تفشي ظاهرة الكراهية للإسلام والمسلمين».

ويفيد الدكتور التويجري بأن منظمة «إسيسكو» لم تبق مكتوفة الأيدي إزاء هذا الوضع، إذ عملت من خلال وثائقها المرجعية وفي تقارير مؤتمراتها المتخصصة، على «ضرورة التصدي لمخاطر الإعلام الغربي في تشويه صورة الإسلام والحضارة الإسلامية، وذلك حفاظا على المصالح الحيوية للعالم الإسلامي، مما يستوجب تغييرا جذريا لآليات العمل وأساليب التعامل مع الغرب لمخاطبته بلغته، ومواجهته بمنطقه، وتوظيف جميع الوسائل التكنولوجية المتطورة في التبليغ والإعلام والتواصل».

لذلك، أوضح الدكتور التويجري، أن «إسيسكو» قررت تنفيذ خطة عملها لتعزيز التواصل بين المؤسسات والمنظمات الإعلامية والإعلاميين في الدول الأعضاء، ومع المؤسسات والمنظمات الإعلامية والإعلاميين في الدول الغربية بهدف التقريب بين وجهات النظر بخصوص احترام التنوع الثقافي للشعوب، ومواجهة ثقافة التمييز العرقي والديني والإساءة إلى المعتقدات الدينية والحضارية وازدراء الأديان.

وحسب مخطط هذه الخطة العملية، سيتم التنفيذ من خلال شبكات للتواصل الإعلامي تساعد في عملية تعزيز القواسم المشتركة لثقافة إنسانية متسامحة والرد بأسلوب عملي على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية والتعريف بالصور الحقيقية للإسلام وحضارته التي أغنت الحضارة الإنسانية.