لا أحد أغير من الله

صالح المغامسي

TT

من الخطأ الظاهر والفهم القاصر، حصر فهم الإسلام في شعائر التعبد، والظن أن الإسلام ما هو إلا أذان يرفع، وهلال يتراءى، بل المجتمع كله محراب للتعبد، والحياة كلها ينبغي أن تسير بهدي الله.

في عصرنا هذا أضحى للإعلام سطوته التي لا تمارى، وأصبحت الشاشات التلفزيونية والسينمائية والتقنية تأسر الملايين، بل وتسوقهم إلى غاياتها فيأتون السحر وهم يبصرون.

فإذا تحرر هذا، فإن جمعا من قنوات عربية كانت ولا تزال تبث برامج ومسلسلات وأفلاما تدعو جهارا عيانا للفواحش ما ظهر منها وما بطن، حينا باسم الترفيه، وحينا باسم نقل حضارات الشعوب وتقاليد الأمم، وحينا باسم معرفة المواهب ورعاية القدرات، وغير ذلك من الدعاوى التي جماعها الحيدة بالناس عن الفطرة والتلقي عن الغرب أسوأ ما فيه، فأضحى الحال فيها عورات تكشف، ومروءة تدفن، وفاحشة تزين، ورجولة تتهاوى ليسفر عن ذلك بيوت تقوض، ومؤمنات غافلات يفتن في دينهن، وشباب يساق إلى الوراء في القول والفحشاء في السبيل.

إن من أعظم البلاء أن يظن أحد أنه لا حجة لله عليه، فيرى نفسه في أمن من مكر الله، وفي منأى من نقمته، لقد قال ربنا تعالى في كتابه العظيم: «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»، وقال الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم: «لا أحد أغير من الله».

وعليه، فإن من أعظم الواجبات اليوم على كل ذي قدرة أن يوقف هذا التسابق المذموم والتغريب المشؤوم، وليعلم رجال المال والأعمال والإعلام وغيرهم، أن الأمر كما قال الحسن البصري، رحمه الله: «ما أهون الخلق على الله إذا هم عصوه».

والحديث عن موضوع كهذا له متعلقات كثر، ليس من الحكمة الإفصاح عنها جميعا، لكن لعل فيما قلناه ما تبرأ به الذمة، ويهتدي به المسترشد، وتقوم به الحجة، وتتضح به المحجة، والأمر كله لله.