ندوة في لندن تدعو إلى تدريس سيرة النبي محمد في المدارس البريطانية

خبراء ومعلمون يناقشون المنهج والتطلعات في إمكانية تعليم السيرة النبوية لأبناء المسلمين والراغبين

جانب من أعمال الندوة العلمية في لندن («الشرق الأوسط»)
TT

نظمت هيئة التعريف بالرسول صلى عليه وسلم التابعة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، بالتعاون مع المركز الثقافي الإسلامي في لندن، ندوة علمية حول تدريس سيرة النبي الكريم لأبناء المسلمين والراغبين من غيرهم في المدارس البريطانية يوم الأربعاء الماضي. وناقش في هذه الندوة عدد من الخبراء والمعلمين الذين يعملون في المدارس والكليات الجامعية البريطانية إمكانية إعداد مناهج للسيرة النبوية ليتم تدريسها بالطرق العلمية والطرائق التعليمية في المدارس البريطانية، سواء كانت مدارس إسلامية أو المدارس العامة التي توجد بها أعداد من التلاميذ أبناء المسلمين، لا سيما أن الحاجة أصبحت الآن ملحة من قبل الخبراء والمعلمين المسلمين لتدريس السيرة النبوية في المدارس البريطانية بعد تزايد أعداد التلاميذ المسلمين والراغبين من غير أبناء المسلمين في المدارس الخاصة والعامة، إضافة إلى بعض الكليات والجامعات التي تعنى بتدريس الإسلام لطلابها، وأن دراسة السيرة النبوية مدخل مهم لفهم الإسلام فهما صحيحا، وأن دراستها ستساهم في إحداث قدر كبير من التوعية بالتعاليم الإسلامية، وفهم موجهات التربية الدينية الصحيحة للمسلم.

وافتتح الدكتور عادل الشدي، الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي والأمين العام لهيئة التعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم، أعمال ندوة «تدريس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.. المنهج والتطلعات». وقال في كلمته الافتتاحية للندوة: «إنه من الضروري تدريس السيرة النبوية العطرة لأبناء المسلمين في بريطانيا وغيرها من بلدان العالم بمناهج تعليمية وأساليب علمية ليتعلم النشء من أبناء المسلمين سيرة نبيهم الكريم، لأنها من ضرورات فهم الإسلام فهما صحيحا»، مشيرا إلى «تزايد أبناء المسلمين في بريطانيا، ولله الحمد والمنة، مما يستدعي العمل على تدريس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دراسة علمية في المدارس الإسلامية والمدارس العامة في بريطانيا، لنغرس في قلوب الناشئة وعقولهم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكون الرسول الكريم قدوتهم الحسنة في عباداتهم ومعاملاتهم، من خلال دراسة سيرته ومعرفة جليل أعماله، لأنه صلى الله عليه وسلم أسوتنا الحسنة، كما قال تعالى: (لَقَدْ كَان لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَان يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخر وَذَكَرَ الله كَثِيرًا)».

ودعا الدكتور الشدي الله أن يوفق هذه الندوة في الخروج بتوصيات علمية وعملية تساعد في الإسراع بتحقيق أهدافها للعمل على تدريس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في المدارس الإسلامية وبعض المدارس العامة في بريطانيا التي يوجد بها عدد من أبناء المسلمين.

كما رحب الدكتور أحمد الدبيان، مدير المركز الثقافي الإسلامي في لندن، بالمشاركين في هذه الندوة، وبانعقادها قبل أيام من استئناف الدراسة في المدارس البريطانية، على أمل تطبيق بعض توصياتها العلمية والعملية في العام الدراسي الجديد، خاصة في المدارس الإسلامية البريطانية، مؤكدا أهمية تدريس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها نص متكامل لفهم الإسلام الصحيح.

وقدم الدكتور سعيد المغناوي، أستاذ السيرة النبوية وعلوم الحديث في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس المغربية، ورقة علمية حول «النصوص التأسيسية حول شخصية النبي صلى الله عليه وسلم في العقل الأوروبي ودراسات المستشرقين»، حيث تناول فيها كيف حاور الرسول، صلى الله عليه وسلم، مجموعة من أصحاب الديانات ودعاهم إلى الإسلام، وفي مقدمتهم مشركو العرب الوثنيون، ثم اليهود والنصارى والمجوس. وكيف أن التسامح الإسلامي في نهاية المطاف، أدى إلى دخول عدد كبير من أصحاب الديانات الأخرى في حظيرة الإسلام.

واستعرض الدكتور محمد إسماعيل، المفتش التربوي والمستشار التعليمي في المدارس الإسلامية البريطانية، في ورقته، الوضع الحالي لتعليم السيرة النبوية في المدارس الإسلامية البريطانية، مشيرا إلى أنه يختلف بشكل كبير من مدرسة لأخرى بالنسبة لتوعية التعليم الإسلامي في كل مدرسة. وأوضح أنه «حاليا لا يوجد توحيد للمناهج في هذه المدارس. فبعض المدارس تبدأ تعليم السيرة النبوية من السنوات المبكرة، وهناك مدارس أخرى تعلم السيرة النبوية كجزء من التاريخ الإسلامي، بينما البعض الآخر يحتوي على معلومات مختصرة جدا عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد تستخدم مناهج تعليمية تختلف عن بعضها الآخر».

ودعا الدكتور إسماعيل في توصياته إلى جملة مقترحات، من بينها تنظيم مؤتمر سنوي عن السيرة يعقد في المركز الثقافي الإسلامي في لندن، وإنشاء مؤسسة مقرها المركز الثقافي الإسلامي في لندن باسم الأمانة الوطنية للسيرة النبوية، لتعمل على نشر السيرة النبوية في جميع أنحاء بريطانيا.

وأعرب الدكتور عبد الله شاهين، الأستاذ في معهد ماركفيلد ببريطانيا، في ورقته، عن أسفه لملاحظة أن المعلومات التقليدية المتعلقة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع بعض الاستثناءات تكاد تختفي من مناهج الدراسات الإسلامية التي تدرس في المؤسسات التعليمية في بريطانيا، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بتدريس سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، في المؤسسات التعليمية في بريطانيا.

وأشار الدكتور شاهين إلى «التحديات التي تواجه تعليم السيرة النبوية من خلال النصوص العلمانية ومتعددة الثقافات في الغرب، حيث هناك الكثير من الافتراءات على الإسلام وكثير من سوء الفهم عنه صلى الله عليه وسلم، ولا بد من التحذير من مثل هذه الافتراءات، ولذلك فإن الوضوح المعرفي يظل ضروريا في تعليم السيرة النبوية في الغرب».

وفي ختام الندوة، قدمت تجربة عرض سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمها إعلاميا من خلال قناة «الإسلام» الناطقة باللغة الإنجليزية والتي تبث برامجها من لندن وتهدف إلى الوصول للمشاهدين المسلمين في بريطانيا.

وعقب الندوة، تم لقاء موسع بين الدكتور عادل الشدي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي والأمين العام لهيئة التعريف بالرسول صلى الله عليه ورؤساء الجمعيات والمراكز الإسلامية في بريطانيا، حيث تم بحث القضايا التي تهم الأقليات المسلمة في المملكة المتحدة. ووعد الدكتور الشدي ببذل الجهود لحل بعض المشكلات التي تعيق العمل الإسلامي في المملكة المتحدة من خلال رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة.