رئيسة الجمعية التونسية للمالية الإسلامية: نريد أن نعقد مصالحة بين ثقافتنا والواقع الموضوعي

د. آمال العماري لـ «الشرق الأوسط»: المالية الإسلامية أضافت نقلة مهمة للانفتاح في المجال العلمي

د. آمال العمري رئيسة الجمعية التونسية للمالية الإسلامية في تونس («الشرق الأوسط»)
TT

أحدث تأسيس الجمعية التونسية للمالية الإسلامية نقلة في المجال العلمي في تونس باعتبار أن هذا المجال لم يكن يدرس سابقا لا في الجامعات ولا المعاهد العليا. ومع تأسيس الجمعية سيمكن الباحثون من أدوات ومعطيات جديدة عرفتها الساحة الدولية بما في ذلك أوروبا والأميركيتان، وذلك بعد أن أصبحت المالية الإسلامية تثير اهتمام علماء الاقتصاد في الشرق والغرب.

كما عرفت الساحة التونسية عودة كوادر اقتصادية عالمية كبيرة مثل الدكتور عز الدين خوجة، والدكتور عبد الستار الخويلدي، والدكتور محمد النوري، والدكتور منصف شيخ روحه وغيرهم مما أحدث زخما في الساحة المالية العلمية وتفاعلها مع المجتمع.

وقالت الدكتورة آمال العمري رئيسة الجمعية التونسية للمالية الإسلامية في تونس لـ«الشرق الأوسط»، «ليس هناك ما يمنع من إدخال المنظومة المالية الإسلامية إلى تونس، لا سيما بعد إفلاس المنظومة المالية التقليدية، وظهور المالية الإسلامية كبديل يلبي الاحتياجات ويقدم الحلول للتساؤلات الحالية التي يعيشها عالم الاقتصاد والمال والأعمال».

وعما إذا كان غريبا أن تسبق جهات غربية دولا عربية كثيرة في إدخال منظومة المالية الإسلامية إلى تعاملاتها المالية، أجابت، «ليس ذلك بغريب نظرا للأوضاع التي كنا نعيشها، وتوجهات السلطة الحاكمة وهي ديكتاتورية علمانية متغربة معادية للبديل الإسلامي، معادية للهوية العربية الإسلامية، وسبق الغرب للمالية الإسلامية مرده عقلية البحث بكل موضوعية بمعزل عن مرجعية الحلول الفلسفية والآيديولجية، فمراكز البحث في الغرب تبحث عن الحكمة وتعتقد أنها أحق بها أينما وجدتها وتابعت: «البعض يعادي ذاته ومرجعية مجتمعه حتى وإن كان فيه الحل، وهي مواقف أشبه ما تكون بحالات الانتحار».

وعما أضافته التجربة المالية الإسلامية للساحة التونسية، أفادت الدكتورة آمال: «المالية الإسلامية أضافت معطى مهما وهو الانفتاح في المجال العلمي، وضربت الاحتكار الذي كان يفرضه أنموذج واحد فقط وهذا ما نربي وننشئ عليه طلبتنا. وإضافة الثراء العلمي، وبالنسبة للمشاريع وللحياة الاقتصادية نرى أن هناك رؤوس أموال استثمارية تريد أن تستثمر بأدوات المالية الإسلامية وحسب الضوابط الشرعية، وبتبني تونس أنموذج المالية الإسلامية ومنتوجاتها تصبح قبلة لهذه الأموال، كما هو الحال في بريطانيا وفرنسا».

وحول منتدى الزكاة الأول الذي عقدته الجمعية قبل فترة والآمال المعلقة على الزكاة اجتماعيا واقتصاديا قالت، «الجمعية مختصة في علوم المالية الإسلامية، وجميع بحوثنا متأثرة بالواقع الموضوعي، ونحن اليوم في تونس نشهد بطالة، وفقرا، وقلة سيولة، وقد نظرنا في منتجات المالية الإسلامية وأخذنا الزكاة كقيمة وكمنتج مالي إسلامي إضافة كونها ركنا من أركان الإسلام، والاجتهادات المعاصرة تقر وتبيح استثمار أموال الزكاة فيكون هناك جانب استهلاكي وجانب استثماري وهو ما يفتح أبوابا كبيرة للاستجابة لبعث المشاريع وتوفير السيولة، لبعض المعطلين عن العمل، وبالنسبة لفئة أصحاب الشهائد الذين لديهم كفاءة وإمكانية واقتدار لإدارة أعمال.. الزكاة تضخ أموالا طائلة في المجتمع وهي أموال تفوق ميزانية وزارة الاجتماعية وبالتالي تفعيلها مهم جدا ويستجيب لمتطلبات المجتمع وهي عبادة وركيزة مالية اجتماعية عظيمة جدا وهكذا نعقد مصالحة بين الثقافة والواقع».

وأوضحت أن هناك تجارب للزكاة من بينها التجربة الكويتية والتجربة السودانية ففي السودان تأخذ الدولة الزكاة وتوزعها، وفي الكويت تأخذ الدولة واحد في المائة و1.5 في المائة يتصرف فيه المزكي كما يشاء وبإمكان الزكاة تغطية حاجات فئة عريضة من المجتمع من بينهم الفقراء والمساكين والمعطلين عن العمل وبالتالي تخفيف العبء عن الدولة وتكوين علاقة تشاركية بين أفراد المجتمع».

وبخصوص تفعيل أدوات المالية الإسلامية في تونس من خلال القوانين، أوضحت الدكتورة آمال أن الدولة بصدد تفعيل هذه القيم، الحمد لله أن القيادة لا سيما الأوساط المالية في الدولة تدرك أهمية وفعالية دور الزكاة في المجتمع وقد كونت وزارة المالية لجنة وطنية تفرعت إلى عدة لجان مطالبة بتطوير قانون المالية في تونس ومن هذه اللجان لجنة، الزكاة والوقف، وهي تبحث في مشروع قانون لمؤسسة زكاة في تونس، ونحن كجمعية قدمنا مشروعا لتأسيس مؤسسة زكاة في تونس، تم تقديمه لوزارتي المالية والشؤون الدينية والمجلس الوطني التأسيسي، وذلك مساعدة منا لتفعيل ركن الزكاة.

وأكدت على ضرورة إشراك جميع الجهات المعنية في مؤسسة الزكاة المزمع إقامتها في تونس، مثل وزارات المالية والشؤون الدينية والشؤون الاجتماعية، وكبار المزكين، والجمعيات الخيرية، والوجوه الاعتبارية لمنع إهدار أموال الزكاة وصرفها في غير أوجهها وإحداث جهة رقابية في هذا الخصوص.

وأعربت عن أملها في اعتماد مشروع القانون من قبل المجلس التأسيسي قبل نهاية العام الحالي. وشددت على أن لتونس تجربة في المالية الإسلامية مثل بنك البركة، والزيتونة الذي يعمل وفق الضوابط الشرعية. وعن تقويمها للتجارب الإسلامية في مجال المالية الإسلامية، أفادت: «المالية الإسلامية الحديثة عمرها 30 عاما بينما المالية التقليدية عمرها 500 عام، والعمل على تطوير المالية الإسلامية على قدم وساق، كالصكوك المالية التي هي من ابتكارات المالية الإسلامية وقد أثبتت نجاحها حتى الآن، وهناك بحث بخصوص إمكانية الاستفادة من أدوات المصرفية التقليدية ومدى تجاوبها مع شروط المالية الإسلامية الشرعية، وهناك من يدعو في الغرب لاعتمادها كبديل عن النظام المصرفي التقليدي».