د. الخادمي لـ «الشرق الأوسط»: الربيع العربي قطار ماض نحو أهدافه

وزير الشؤون الدينية التونسي: لا نستبعد أن يكون من أهداف العدوان إرباك مسار الثورة في سوريا

د. نور الدين الخادمي
TT

أدان وزير الشؤون الدينية التونسي، الدكتور نور الدين الخادمي، العدوان على غزة بشدة، ودعا المسلمين لاستخلاص العبر من ذكرى الهجرة، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العدوان على غزة اعتداء صارخ، ومرفوض بالمعايير الدولية والوطنية والقانونية والدينية، الإسلامية منها والمسيحية. وهو يأتي كحلقة في سلسلة العدوان على القدس وعلى جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة التي تتعرض للقصف من البر والبحر والجو.. نسأل الله أن يرحم شهداءهم ويشفي مصابيهم ويصبر ثكلاهم. وعلى الإنسانية جمعاء أن تجتمع على رفض هذا الاعتداء الصارخ وهذا العدوان المتواصل، ولا بد من رد العدوان الصهيوني، ومساعدة الشعب الفلسطيني على استرداد حقوقه بما في ذلك حق العودة إلى أرضه التي هجر منها، واستعادة القدس، وبناء دولته الحرة المستقلة».

وحول زيارات الوفود المصرية والتونسية والتركية وغيرها إلى غزة لدعم صمود الشعب الفلسطيني والاطلاع على ما سببه العدوان من كوارث ومآس في الأرض والإنسان والعمران في غزة - أفاد: «الحمد لله، المشهد في دول الربيع العربي بدأت تتضح معالمه، وبدأ موقف الشعوب أكثر وضوحا وهي مصطفة خلف مطلب تحقيق الشعوب لمصيرها بنفسها، ومن ذلك الشعب الفلسطيني الذي يعاني الاحتلال منذ أكثر من 6 عقود، وهناك تنسيق بين دول الربيع العربي التي تحررت إرادة قادتها، وبدت متناسقة ومتناغمة مع شعوبها وهم يعملون على التنسيق مع شعوبهم لإغاثة ومساعدة أهل غزة، وأهل فلسطين عموما، في جميع المجالات ومواجهة العدوان الصهيوني، خلاف ما كان عليه الوضع في السابق، فهناك سرعة في الرد وفي بيان الموقف وإعلان الدعم والتأييد للمقاومة الفلسطينية، وهذا يعبر عن مشهد جديد في الأمة الإسلامية، ونحن نعتقد أن الربيع العربي سيحقق الحرية والكرامة للأمة بكل مكوناتها الإثنية والدينية، ويحرر القدس وفلسطين، على قاعدة إن تنصروا الله ينصركم».

وأشار الدكتور الخادمي إلى أن «العدو الصهيوني كان يهدف من عدوانه، إلى جس نبض شعوب وحكومات الربيع العربي، التي هبت في مظاهرات عارمة تطالب بتحرير فلسطين منادية: (الشعب يريد تحرير فلسطين)، العدوان ليس معزولا عن السياق الذي تشهده الأمة الآن، وهو أن الربيع العربي قطار ماض نحو أهدافه، ترد عليه الكثير من المعطيات والحوادث على سبيل الإرباك والتعطيل ومحاولة جس النبض لمعرفة حقائق الأمور، أو أجندات أخرى خاصة، لا نستبعد أن يكون من أهداف العدوان إرباك مسار الثورة في سوريا، وهي في تطورات نوعية بعد أن تشكلت قيادتها الشرعية عن طريق (الائتلاف) وما ينجر عن ذلك من تشكيل لحكومة توافقية في سوريا، بعد الاعتراف الإقليمي والدولي بالكيان الثوري الجديد في سوريا الذي يعبر عن الثورة السورية وصناعها الحقيقيين، وهذا ما أربك وأخاف أعداء الثورة العربية وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني، وبالتالي العدوان على غزة ليس معزولا عما يجري في المنطقة التي عرفت الحرية والكرامة، وليس معزولا عن مسلسل العدوان الذي يعود إلى أكثر من 60 سنة وما رافقه من إرباك وإرجاف. تزامن العدوان الصهيوني على غزة هذه المرة، مع حادثة الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وهي حدث تاريخي تحولت فيه الدعوة إلى دولة، والصبر والهجرة إلى جهاد ونية كما ورد في الحديث، (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية). الهجرة النبوية حدث تاريخي وتحول حضاري إسلامي له مكانته ورمزيته ودلالاته.. الهجرة النبوية الشريفة واحدة من أهم الحوادث المهمة في تاريخ المسلمين وحضارتهم، وهي من المحطات التاريخية البارزة، تحتاج لتأمل ونظر من أجل فهم حركة التاريخ وطرق صنعه، من جمع الكلمة وتحقيق الأهداف والتأسيس للمستقبل على أسس صحيحة. لقد تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لكل أشكال الاضطهاد والتعذيب والتنكيل والتآمر على دعوته، وصبر في المحن. وكانت الهجرة تأسيسا للعودة، ومن ثم الانتشار في المنطقة والعالم، لم تكن الهجرة هروبا من واقع المضايقات، وإنما للبحث عن قاعدة جديدة للانطلاق وبناء نواة الدولة بعد توافر خصائص تنفيذ المشروع الحضاري (المرجعية الدينية، والإنسان والأرض، والقوة اللازمة للدفاع الذاتي) تمثل في بناء الدولة الدستورية المدنية، وتحقيق الوحدة الوطنية بين كل مكونات مجتمع المدينة على أساس المواطنة، ولأول مرة في التاريخ، كانت صحيفة المدينة أول دستور مكتوب في التاريخ. وقد أعقبت الفتوحات الإسلامية بناء تلك الدولة، وكانت كلمات القرآن هي الأساس في علاقات المسلمين الدولية، وهو ما أعطى للإسلام بعده الإنساني العالمي، حيث دخل الناس في دين الله أفواجا، في الشرق والغرب على حد سواء. وفي الهجرة النبوية والسيرة عموما نظر وتحقيق وليس مجرد أخبار، إذا استحضرنا مقولة ابن خلدون، في هذا الخصوص. لا بد من إنزال قيم الهجرة على مسار الربيع العربي، فالتاريخ في ظاهره لا يزيد على الأخبار وفي باطنه نظر وتحقيق. قال تعالى: (فاقصص القصص لعلهم يتذكرون)».