جدل في أوساط الكتاب والنقاد حول جوائز الدولة في مصر

صبري موسى: وضعية الجوائز لا تليق بالمبدعين المصريين * ماهر شفيق فريد: لا أصدق أنه لم يحصل عليها عبد الرحمن بدوي أو شوقي ضيف * يوسف الشاروني: هل يعقل أن يتساوى عادل إمام مع ثروت عكاشة

TT

تثير جوائز الدولة في مصر في كل عام جدلا كبيراً بخاصة في أوساط الكتاب والشعراء والمثقفين، لقيمة هذه الجائزة الاعتبارية، وشمولها معظم مناحي الآداب والفنون والعلوم، حسب التعديلات التي أجريت على لائحتها منذ ثلاثة أعوام، وأخيراً عدم وضوح المعايير التي تمنح بموجبها هذه الجوائز كما منتقدوها. «الشرق الأوسط» استطلعت آراء مجموعة من الكتاب والنقاد والمثقفين حول وضعية هذه الجوائز، والسلبيات التي تحكم طريقة الحصول عليها، وكيفية تلافي ذلك من وجهة نظرهم.

في البداية يقول الكاتب فؤاد قنديل نائب رئيس اتحاد الكتاب المصري ان قيمة الجائزة المادية رغم أهميتها في نظر كثير من المبدعين إلا ان أهميتها المعنوية هي الأهم، وهذا ما لا يحس به المبدع عندما يحصل عليها، فبمجرد اعلان الأسماء الفائزة يحصل الكاتب على شيك بقيمة الجائزة دون أن يشعر به أحد لان وزارة الثقافة لا تهتم باقامة حفلات لتسليمها، ولكنها تكتفي بإرسال الشيك عن طريق البريد وشكراً.

ويشير قنديل الى ان حالة الجوائز هنا لا يشبه حالها في أوروبا حيث يتبع اعلان جوائزها زيادة مبيعات أعمال الكاتب ونشرها على نطاق واسع، إضافة إلى تكريمه. أما هنا في مصر ـ حسب رأي الأديب فؤاد قنديل ـ لم يتم تكريم مبدع واحد ممن حصلوا على الجائزة منذ عشر سنوات.

وذكر انه حصل من المجلس الأعلى للثقافة على أول جائزة باسم نجيب محفوظ، لكن لم يسمع بذلك أحد، ولم ينظم حتى حفل ليتسلم الجائزة فيه، لذا فقدت الجائزة قيمتها المعنوية وهذا هو الأهم بالنسبة للمبدع.

أما الكاتب صبري موسى الذي تم ترشيحه هذا العام للحصول على جائزة الدولة التقديرية والتي يتم اعلانها في العام التالي مع التشجيعية بسبب عدم اعلانها عام 1967 فيقول يجب ان يتم تسوية هذا الموضوع حتى تستقيم الأمور وتعلن الجائزتان معا، وتواكبا جائزتي التفوق ومبارك.

واستغرب موسى استمرار هذا الأمر لأكثر من 35 سنة دون ايجاد حل، راجيا ان تنجح مساعي وزارة الثقافة في تدبير الاعتمادات اللازمة لاعلان السنة المتأخرة مع السنة الحالية، مشيرا الى ان هذا لا يليق بالمبدعين المصريين وما قدموه من ابداعات عالمية، وما لهم منض3ًW مهم في تطور المجتمع ودفعه الى الأمام.

وذكر الأديب ابراهيم أصلان انه لا يفكر في جوائز الدولة، ولا يهمه الحصول عليها، مشيرا الى ان الحديث عنها صار مملا بعد أن فقدت مصداقيتها وصارت بلا أدنى قيمة.

وقال أصلان عليهم ان يبحثوا عن طريق لعلاج الوضع، فالمسألة لا علاقة لها بقيمتها المادية، لكن المشكلة ان الجائزة صارت مثقلة بكثير من العيوب التي جعلت الحصول عليها يكتنفه الكثير من الشكوك وعدم الشفافية، فهل يصح أن ترشح جهة ما عادل امام ليحصل على جائزة مبارك للفنون أمام ثروت عكاشة صاحب الاسهامات المهمة، وأضاف أصلان ان هذه مؤشرات تعني أن الضمير العام عليل، وهو ما جعل كل جهة أو مؤسسة ترشح أبناءها بشكل اقليمي للحصول على الجوائز، وجعل الحصول عليها يشبه منح المكافآت، وهو ما لا يليق بجوائز تمنح للابداع والفكر المصري.

وأشار أصلان الى ان هذا أفقد الجوائز بهجتها ومعناها، «وجعلني أنا شخصيا أهتم بمباريات كأس العالم أكثر من أمور تلك الجوائز»، ان على المجلس أن يفعل شيئا حقيقيا يجعلنا نهتم بها، وحتى يتم ذلك لن نلتفت لها لأن هذه الجوائز لا تليق بنا، لذا يجب تجاهلها تماما مثلما نتجاهل أشياء كثيرة أخرى في حياتنا حتى يفعل القائمون عليها شيئا يجبرنا على الانتباه لها.

ويقول الناقد الدكتور ماهر شفيق فريد ليس لديّ أي ملاحظات جوهرية على جوائز الدولة، سواء كانت جائزة مبارك أو التقديرية أو التفوق أو التشجيعية، فأنا أرى ان أغلب من حصلوا عليها يستحقونها، ولكن ما يقلقني هو: كيف ظل بعض مفكرينا وأدبائنا وعلمائنا الكبار حتى الآن محرومين منها بينما انجازهم أوضح من أن يحتاج الى بيان؟

وأشار د.ماهر الى ان الجائزة تأخرت في الوصول الى مثقفين كبار، مثل الدكتور لويس عوض الذي لم يحصل عليها في سنواته الأخيرة، وتوفي استاذ الأدب الانجليزي وصاحب المعاجم الدكتور مجدي وهبة دون أن يحصل عليها، وأضاف: في ذهني علامات أرجو ـ وأنا أقول هذا قبل ظهور النتائج ـ أن تكون جائزة مبارك من نصيب د.شوقي ضيف.

فشوقي ضيف أكبر أساتذة الأدب العربي في يومنا هذا، وتاريخه معروف وانجازاته للأدب العربي في عدة مجلدات هو صاحب أهم عمل في بابه منذ بدأ المستشرقون في العقود الأولى من القرن العشرين يؤرخون لأدبنا العربي وكتاباته عن النحو وأدب التراجم والسيرة الذاتية وأصول البحث كلها ربت أجيالا كاملة من الباحثين والاساتذة تدين له بالفضل.

ودعا الأديب يوسف الشاروني الحاصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب في العام الماضي المسؤولين عن الجائزة الى انشاء جائزة أخرى للأداء الفني تمنح للفنانين أمثال الفنان عادل امام وأمينة رزق وفاتن حمامة وغيرهم ممن أثروا حياتنا ووجداننا بأعمال تمثيلية مهمة، قال الشاروني ذلك، مشيرا الى انه ليس من المعقول ان يرشح عادل امام أمام ثروت عكاشة لنيل جائزة مبارك للفنون، وتساءل هل لعادل امام مساهمات في مجال الفن تذخر بها المكتبة العربية مثل مساهمات عكاشة.

وذكر ان عادل امام فنان قدير لكن ما قدمه يدخل في باب الأداء وليس الفكر والابداع التنظيري والتطبيقي.

وقال الشاروني كان جديرا بلجان التصفية ان تخرج عادل امام من الترشيحات مثلما فعلت بعد ان أخرجت في إحدى السنوات ثروت عكاشة من ترشيحات جائزة الآداب لانه ليس صاحب ابداعات أدبية ولا تنطبق عليه شروط الجائزة.

وأضاف الشاروني اننا نأمل أن يقام حفل عقب اعلان الجوائز تسلم فيه لأصحابها مع الميداليات الذهبية والأوسمة التي لا تسلم أصلا منذ فترة وهي من الأشياء المنصوص عليها في قانون الجوائز، ويجب ألا تنسى لأنها جزء من الجائزة، وأهم من قيمتها المادية.

وقال يجب ان نعيد الجماهير الى الاهتمام بتلك الجوائز، ونجعلهم يهتمون بأسماء الحاصلين عليها حتى يكون لأدب الحاصلين على الجوائز صدى لدى الناس.