يا بنيّ!

شعر غازي القصيبي

TT

إلى هيثم بن محمد القصيبي «1» نَشَفتْ، أو أوشكتْ، كلُّ مناديل البُكاءْ وانتهتْ، أو قاربتْ، كلُّ عبارات العزاءْ ورجعنا يا بُنيّْ نحو دنيانا التي كُنّا تركناها قليلا للطقوس الموسميهْ لزحام الدَفنِ.. والضجّة في المجلسِ.. والفاكساتِ..

والردّ على سَيل التعازي الهاتفيّهْ مسرح الموت الذي ننصبه حين يموتُ الاصدقاءْ وبيان الشكر، منشوراً على الصُحْفِ،..

ولله البقاءْ «2» حسناً! نحن دفناهُ.. وكفي أراهُ يا بُنيّ لا أراهُ في فراشِ النزْع.. مزروعاً من الآلاتِ.. جسماً نصفَ حيّْ بل أراهُ مثلما أنت تراهُ في العصور الذهبيهْ ملكاً.. عاش بلا تاجٍ.. ولا جاهٍ...

غريباً.. مثل باقي الغرباءْ مَلِكاً.. يمشي على الارض الهُوينى مثل باقي البسطاءْ «2» حسناً! نحن دفناهُ.. ولكني أراهُ يا بُنيّْ لا أراهُ في فراشِ النزْع.. مزروعاً من الآلات.. جسماً يضفَ حيَّ بل أراهُ مثلما انت تراهُ في العصور الذهبيةْ ملكاً.. عاش بلا تاج.. ولا جاهٍدد غريباً.. مثل باقي الغرباءْ مَلِكاً.. عاش بلا تاجٍ.. ولا جاهٍدد غريباً.. مثل باقي الغرباءْ مَلِكاً.. يمشي على الأرض الهُويني مثل باقي البسطاءْ مَلِكاً عاش فقيراً وقنوعاً مثل كلّ الفقراءْ ثوبُه رَثُّ ككُلِ الفقراءْ بيته رَثُّ ككُلّ الفقراءْ قلبه رحْبٌ ككُلّ الفقراءْ حَظهُ من زخرف الأيام..

حُبُّ.. وإخاءْ وعناء.. ووفاءْ وأماسي الصيد في البحر..

الأماسي القمريةْ «3» يا بُنيّ! سوف نبكي وحدنا...

بعد انصراف الزائرينْ ونراه في العصور الذهبيةْ ونراه في الأماسي القمريةْ وسنخفي سرّنا عن كلّ عينْ نحن لم نتركه في القبر..

ولكنّا حملناه إلى مملكة الذكرى التي تقهر غيلان المنيّةْ وشهدنا:

أنّه لم يدر معنى الكبرياءْ وشهدنا:

أنه كان صديق البشريةْ وشهدنا:

أنه لم ينس حمد الله.. حتَّى في ليالي الحشرجات النابغيةْ ووضعناه على العرش الذي يعشقه..

عرش الحزانى الفقراء المؤمنينْ ورجعنا ضاحكينْ «4» يا بُنيّ! كاد في برزخه يحيا سرورا إذ رآكْ رجلاً يوشك ان يشبهه في كلِّ شيْ يا بُنيّ! إرفع الرأس، وكن ما دمت في الأرض فخورا إنّه كان أباكْ أكتوبر 2000