رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا.. 21 سنة من العمل وجائزة تحمل اسم جبران

TT

ضمن منشورات الندى في ملبورن صدر اخيرا كتاب جديد لنجاة فخري مرسي بعنوان «رابطة احياء التراث العربي في استراليا وجائزتها الجبرانية»، قام بمراجعته كامل المر رئيس الرابطة.

يضم الكتاب تغطية شاملة لتاريخ الرابطة والجائزة، ويتضمن قصائد وكلمات الفائزين بها، وهذه بحد ذاتها يمكن ان تؤلف سفرا ادبيا جميلا لما انطوت عليه من صور وتأملات وافكار تجاوزت نطاق الحدث والبعد الشخصي الى آفاق ابداعية وانسانية شاسعة المدى. انه كتاب يسلط الاضواء على معلومات وتفاصيل لم تزل بعيدة عن القراء العرب خارج استراليا فحسب، بل وكذلك عن كثير من القراء العرب داخل هذه الدولة القارة.

ومن بينهم محمد مهدي الجواهري وعبد الوهاب البياتي ونزار قباني وعبد الكريم السبعاوي وروكس بن زائد العزيزي وزكي قنصل واميلي نصر الله وعبد الله العلايلي وميشال سليمان والدكتور رفعت السعيد ونسيب نمر ومنصور الرحباني وفيروز ومحمود امين العالم وجورج شدياق والدكتور فيليب سالم وحسن سعيد الكرمي وامين معلوف ومحمد الشرفي.

وكتاب نجاة مرسي يروي لنا الجهود التي بذلها الاديب كامل المر بهذا الصدد الذي قام به والصعوبات الكثيرة التي واجهها بصبر وجلد.

فقد ظل طيلة خمس سنوات اعقبت وصوله استراليا، يحاول ان يجسد حلمه بقيام تجمع عربي ثقافي خالص له اثره، وربما كان من اهم اسباب عدم النجاح ـ كما يرى ـ هو فعل آثار الحرب اللبنانية التي تركت ظلالها السوداء على نفوس الناس، الى ان جاء قرار الامم المتحدة بالاعلان عن سنة 1981 سنة عالمية لجبران خليل جبران، فوجد الفرصة مناسبة لتكثيف التحرك، وهكذا وجه نداء من خلال الصحف العربية الصادرة في استراليا دعا فيه ابناء الجالية واهل الفكر والرأي والمؤسسات للاسهام بسنة جبران العالمية والقيام بواجبها في تكريم هذا الانسان الفذ، وتلت ذلك سلسلة من الاتصالات الشخصية، مما ادى الى استجابة عدد من الاشخاص والمؤسسات، فتم تشكيل ما اطلق عليه يومذاك «تجمع اصدقاء جبران». وقد بدأ اعضاء التجمع للقيام باحتفال تكريمي، وقد استمرت الاستعدادات اشهرا عدة واقاموا احتفالا تكريميا.

وقد اصدروا كتابا بالمناسبة ضمنوه ما مكتب عن جبران في المهجر الاسترالي وبعض المختارات من كلمات جبران.

وتقول المؤلفة ان نجاح هذا الاحتفال قد وضع الاحلام على طريق التنفيذ الفعلي، اذ ان الهيئة التي اطلق عليها اسم «تجمع اصدقاء جبران»، رأت عند الاجتماع الاول الذي عقدته بعد انتهاء الاحتفال المذكور ان من الممكن والضروري ايضا ان يستمر مثل هذا العمل الادبي والفكري واتخذت اسما جديدا لها هو «رابطة احياء التراث العربي».

اما بالنسبة لجائزة جبران العالمية فقد بدأت فكرتها في الواقع منذ اعلان سنة 1981 سنة عالمية لجبران، اذ قرر اعضاء «تجمع اصدقاء جبران» انشاء جائزة في استراليا تحمل اسمه وخصصت الدورة الاولى لافضل بحث عنه، وحددت مكافأة الجائزة بـ 500 دولار، انطلاقا من ضعف الامكانيات المادية وايمانا من اعضاء التجمع بضرورة المساهمة وتجاوز كل العقبات واعتقادا منهم بأن الجانب المعنوي يجب ان يطغى على الجانب المادي وفق الظروف المتاحة وقد اقتسم الجائزة آنذاك بحثان.

وبعد انبثاق رابطة احياء التراث العربي، رأت الرابطة ان تتحول الجائزة من رمزية الى تقديرية، وان تمنح لعمل ادبي او علمي او فني «يتخذ من قيم الحق والخير والجمال نبراسا له، ويشكل الدفاع عن الحرية عموده الفقري، وينصر قضايا الشعوب، بصرف النظر عن الدين والحضارة والجنس واللون والمكان، من اجل حريتها واستقلالها من كل انواع السيطرة».

ومن القضايا المهمة التي يتوقف عندها الكتاب نشاطات الرابطة في تحقيق التفاعل الثقافي مع المجتمع الاسترالي، ونجد الكاتبة تؤكد ـ بهذا الصدد ـ ان الرابطة عملت الكثير من اجل تعريف المجتمع الاسترالي بالحضارة العربية وبالفكر العربي، وفي الوقت عينه تعريف الانسان العربي بالحضارة الاسترالية وبالفكر الاسترالي، مما يؤدي الى التفاعل المثمر. ليس هذا فحسب، بل ان تكون ايضا الجسر الثقافي الذي يصل بين انساننا العربي في الوطن الأم وبين انساننا العربي المهاجر، وان تكون حلقة وصل بين مختلف المغتربات.