مفاهيم خاطئة في لغتنا الإعلامية ما بعد 11 سبتمبر

د. فهد السماري*

TT

يصعب في الحقيقة الحديث عن انعكاسات احداث الحادي عشر من شهر سبتمبر المؤسفة خلال عام على الفكر والثقافة وذلك بسبب عدم تكامل الزمن والمعطيات لقياس تلك الانعكاسات وتحديدها. ورغم ذلك وبعد مرور عام على الأحداث يمكن تصوير بعض التطورات والآثار التي برزت خلال فترة وجيزة ومحددة. ومن أبرز تلك الصور الماثلة ما قامت به وسائل الاعلام من صياغة خاصة لفترة ما بعد الأحداث بشكل خاص من حيث الصورة والكلمة الى درجة اخضاع أي حدث لظاهرة الحادي عشر من شهر سبتمبر. فلقد سيطرت على وسائل الاعلام لغة خاصة بمفرداتها الغريبة والمتأثرة باتجاهات معينة غير متفقة مع الثقافة العربية والاسلامية. لقد أصبحت كلمة «الارهاب» واسعة لتشمل أي شيء يحدث ويكون تفسيره لصالح ثقافة الغرب أو مصالحه. لقد غابت في تلك اللغة قيمة الانسان العربي والمسلم، وبرزت بقوة قيمة الانسان في الغرب وهو ما حدث في الاراضي الفلسطينية حيث أصبح الدم العربي غير مهم في مفردات اعلام ما بعد احداث الحادي عشر من شهر سبتمبر لأنه أصبح ضمن مفهوم «الارهاب».

ومن انعكاسات احداث سبتمبر ظهور قراءات سطحية للاحداث واستغلالها لتشويه صورة العرب والاسلام بشكل مبالغ فيه. ورغم ان الوقت لم يحن بعد للحصول على قراءة عميقة لآثار الأحداث على الفكر والثقافة، إلا أن تلك القراءات السطحية والهادفة إلى الاساءة للعرب والمسلمين كانت واضحة وبارزة، ويبدو أن الفئات الفكرية والثقافية المعادية للعرب والمسلمين نشطت بشكل ملحوظ بعد الاحداث لتسيطر على الساحة مستغلة الظروف لتحقيق أهدافها التي فشلت في تحقيقها خلال العقود الماضية.

ويبدو من الانعكاسات الأخرى للأحداث عالمياً تصادم الفكر مع السياسة التي طالما اعتمدت على النظريات فقط من دون الغوص في أعماق الثقافة وتجارب الماضي. فربما تقود الأحداث الفكر العالمي الى التعمق في أسباب ما حدث وربط ذلك بالسياسة ومستقبل الاستراتيجيات. وربما ايضا تقود الاحداث العديد من المفكرين العالميين الى التعمق في دراسة الثقافة الاسلامية للتأكد من صحة فهمهم لها والبحث عن ايضاحات للعديد من التساؤلات التي طرحتها الأحداث وتداعياتها.

وأخيراً يمكن القول ان مرور عام على الأحداث المؤسفة يدل على ان الانعكاسات والآثار اقتصرت على الاعلام ووسائله أكثر منه على الثقافة والفكر. والمهم هو ان يكون للعرب والمسلمين اسهام كبير في ايضاح أي جوانب غامضة أو خاطئة نتجت عن الأحداث من منظور فكري وثقافي وعدم الجمود، فالخطورة تتمثل في السنوات المقبلة عندما تتأصل مفاهيم الاعلام السطحية والخاطئة الناتجة عن الأحداث لتصبح مبادئ ثقافية وفكرية تنتشر في أنحاء العالم وتصبح مسلمات.

* كاتب سعودي وأمين عام دائرة الملك عبد العزيز