عبد العزيز السريع: نعمل لتحويل جائزة البابطين إلى مؤسسة ولا «فيتو» على قصيدة النثر

احتفالية في البحرين بتكريم الأمين العام لمؤسسة جائزة البابطين و90 شهادة لعدد من الأدباء والشعراء العرب

TT

كرّمت مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري التي تقيم هذه الأيام دورتها الثامنة في العاصمة البحرينية المنامة، أمين عام المؤسسة، الكاتب والمسرحي الكويتي عبد العزيز السريع. ورأس جلسة التكريم رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور علي عقلة عرسان.

وأصدرت المؤسسة كتاباً يحتوي على اكثر من 90 شهادة لعدد من الأدباء والشعراء العرب بينهم الطيب الصالح، جابر عصفور، قاسم حداد، عبد العزيز البابطين، عبد الله الغذامي، منصور الحازمي، ليلى العثمان، محفوظ عبد الرحمن، محيي الدين عميمور، ناصر الدين الاسد.

وعرف عبد العزيز السريع كاتباً قصصياً ومسرحياً ألف العديد من الأعمال التي ساهمت في تأسيس صناعة المسرح في الكويت ودول الخليج.

وبمناسبة تكريم السريع، كان معه هذا الحوار الذي يجيب فيه عن بعض الإشكالات المتعلقة بمؤسسة البابطين التي هو أمينها العام، والاتهامات التي تثار حول جائزتها للابداع الشعري.

* تكريمك من قبل مؤسسة البابطين، ماذا يعني لك؟

ـ بالنسبة لي هذا شرف كبير ومجموعة من الأوسمة اثقلت كاهلي، بأني أشعر بدين كبير لزملائي وأصدقائي من الاساتذة الافاضل الذين كتبوا في الكتاب التكريمي، هذه الكتابات التي اعتقد أنني لا استحق مثلها، وأنني أجد نفسي عاجزا عن ترجمة المشاعر أمام هذا السيل من الكلمات الطيبة التي صدرت من أناس أحترمهم وأقدرهم، فمشاعري فياضة بالعرفان والامتنان، وأعتبر هذا التكريم مساندة لي، كما يحملني مسؤولية أمام هؤلاء الناس الذين احسنوا الظن بي، وأتمنى أن أكون عند حسن ظنهم من خلال حسن الأداء في المستقبل، إذا منحني الله من العمر والصحة لتحقيق المزيد من الإنجازات لصالح الثقافة العربية ولصالح المسرح العربي.

* عوداً على موضوع جائزة البابطين، الكثير من الناس يعتقد أن هذه الجائزة باقية ما دام هنالك ممول ينفق عليها، هو عبد العزيز البابطين، ألا ترى وأنت الأمين العام لهذه المؤسسة، انه قد حان الوقت لتتحول فعلاً إلى مؤسسة وأن تتحول إلى ما يشبه الاستثمار لكي تمول ذاتها، وتضمن استمراريتها؟

ـ هذا الأمر وارد، ويعمل عبد العزيز سعود البابطين في هذا السياق منذ أكثر من سنتين، وهو مستمر في عمل ترتيبات خاصة لتظل هذه الجائزة باقية ومستمرة.

* الدورة التاسعة ستكون في غرناطة وتحيي ذكرى الشاعر ابن زيدون، والملاحظ أن جميع المكرمين هم رجال، ألم يحن الوقت ان تحمل احدى الدورات اسم كاتبة عربية، أو تكرم إحدى الأديبات شعراً او نقداً؟

ـ الحقيقة هذا حدث، ففي إحدى دوراتنا نالت جائزة الدورة الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان، وفي دورة أخرى نالت الجائزة نازك الملائكة، ولم تغب المرأة أبداً.

* ولكن لم تحمل أية دورة اسم إحداهن؟

ـ ربما هذا الأمر لم يتحقق حتى الآن، لكني أعتقد أنه لا يوجد أي مانع في أن تحمل الدورة اسم شاعرة أو ناقدة كبيرة في موضوع الشعر.

* هناك من يرى أن مؤسسة البابطين ليست سوى ترف خليجي وكويتي كشكل من أشكال تعويض النقص الثقافي في دول الخليج؟

ـ اعتقد أن مثل هذا الكلام يصدر من أشخاص محدودين، فهو ليس حكماً عاماً. ومنطقة الخليج ليست (هجيناً) أو منطقة ملصقة بالوطن العربي، أو هي منطقة نائية، بل هي جزء من الأمة العربية، وجزء من المنطقة العربية، وجزء من الثقافة العربية، إذا ازدهرت في فترة من الفترات عاصمة من العواصم العربية، وأزدهرت أخرى في فترة لاحقة، فإن موطن الثقافة الأساسي ومنبعها هو هذه المنطقة، بدون أي إدعاء أو غرور. في نفس الوقت لا نستطيع ان ندعي أن أمرؤ القيس (لنا) أو (لهم) كما لا أحد يستطيع احتكار طه حسين، فهي منظومة ثقافية واحدة، فكل العرب يتذوقون شعر شوقي، وطرفة بن العبد وعنترة بن شداد، ولبيد بن ربيعة، والاخطل الصغير، وكذلك نتذوق شعر الشعراء المعاصرين جميعاً من كل الاقطار العربية بما فيها منطقة الخليج.

وما من شك في أنه إذا كان هناك ثمة جهل أو تجاهل من بعض الإخوان المهتمين بالعمل الثقافي لأدباء الخليج، فإن هذا الأمر لا يحمل مؤسستنا مسؤولية، لكن في ما يخص الكويت، فهي مهتمة بالعمل الثقافي منذ كانت فقيرة، ومنذ مطالع القرن كانت تستقدم المحاضرين من شتى انحاء الوطن العربي، كصاحب المنار محمد رضا الشبيبي، والثعالبي، وعدد آخر من الزعماء والمفكرين وقادة الرأي، وكانت منطقتنا زاخرة بالناس الذين يمكن أن يضاهوا أمثالهم في الوطن العربي. لكن بلدنا كانت في تلك الفترة فقيرة وغير قادرة على إسماع صوتها للآخرين، ولذلك فالكثير من المواهب لم يسمع عنها في وقتها بسبب ندرة الطباعة والتواصل، لكن أصحاب المنطقة كانوا يتابعون ويقرأون الصحافة العربية والمجلات العربية وينشرون فيها، فهل تعلم أن الشاعر عبد الله الفرج الذي توفي عام 1901 كان ينشر اعماله في «الجوائب» التي كان يصدرها احمد فارس الشدياق، ومعه بعض ادباء الخليج؟ وهل تعلم أنه في سنة 1922 طبع الشيخ عبد العزيز الرشيد مسرحية حوارية صغيرة في بغداد؟ وهل يجهل أحد أن عميد الأدب العربي طه حسين قدم لبعض الدواوين لشعراء سعوديين، كحسن القرشي؟ وهل يتجاهل احد الدور الذي لعبه شاعر البحرين ابراهيم العريض، أو يتجاهل دور عبد الرحمن المعاودة أو عبد الله الزايد أو عبد العزيز الرشيد أو عبد الرزاق البصير، فهذه جهود مبكرة، ولا أتحدث عن الوقت الراهن الذي يعيش فيه عدد من المبدعين من كتاب القصة والرواية المعروفين.

ولا بأس أن يستخدم المال العربي في موضعه، فإذا استخدم حينئذ هل يُعد ذلك عيباً، فينبغي أن يكون هناك شيء من الإنصاف، نعم.

* يخشى البعض ايضاً من أن تتحول الجائزة إلى ما يشبه المعيارية أو (علامة الجودة)؟

ـ الجائزة تمنح لأفضل المتقدمين إليها وليس لأفضل الشعراء على الإطلاق، أو لأفضل النقاد أو أفضل ديوان، بل لأفضل المتقدمين، وهناك بعض الأعمال لم تقدم وربما حالفها الحظّ لو تقدمت.

* هل يمكن استغلال هذه الجائزة تجارياً؟

ـ لا يستطيع أحد أن يقول اننا نستغل الجائزة تجارياً، فعبد العزيز سعود البابطين ينفق من حر ماله إنفاقا سخيا على الثقافة.. لأنه يعتقد أن المثقف من حقه أن يعامل معاملة كريمة وأن يأخذ حقه إذا أبدع أو أنجز، ولذلك أنشأ هذه المؤسسة، ولا نقول اننا نطالب بمدحه أو التصفيق له فهو يرفض ذلك، بل يجب أن ينظر له بشيء من الإحساس بالمسؤولية وعدم المجازفة بكلام غير مسؤول.

وقد ذكر البابطين في إحدى المرات وهو يمنح الجوائز بأن كل ما ننفقه لا يساوي معاناة شاعر وسهره في ليلة ليبدع قصيدة يرددها الناس.

* سؤال اخير: هل من الممكن أن تفوز إحدى قصائد النثر أو أحد شعراء قصيدة النثر بإحدى جوائز مؤسسة البابطين؟

ـ هل يستطيع احد أن يثبت أن هناك من تقدم وهو يستحق الجائزة ولم يحصل عليها.

* إذن فأنت تقول انه: لا «فيتو» على قصيدة النثر.

ـ أبداً ليس لدينا مصادرة لأي مبدع أو لأي طريقة في الإبداع، فكلها تحظى بالاحترام والتقدير، لكن الأمر خاضع للمحكمين.

* هل لهؤلاء المحكمين مذاق أدبي محدد.. يعني هل ينتمون لاتجاه لا يعترف بقصيدة النثر تحديداً؟

ـ هذا امر ينبغي أن تتأكد منه وهو أن المحكمين الذين يتولون تحكيم الجوائز ينتمون لكل الاتجاهات في فن الشعر، فدائماً نصرّ على ان يكون ضمن لجنة المحكمين ناقد في شاعر وأن يكون هناك ناقد شاعر، وأن يكونوا متنوعين من النواحي القطرية، وأن لا يكونوا من منطقة واحدة، كما نراعي ان لا يكونوا من اعمار واحدة حتى لا يكون هناك تحيز لجيل دون آخر، كما نراعي أن لا يكون كلهم رجالاً فلا بدّ أن تكون هناك نساء، أيضاً يكونون من أصحاب اتجاهات مختلفة في فهم الشعر وتذوقه، فليس هناك مصادرة لأي حق. ولو استعرضت عليك بعض الاسماء التي حكمت في جوائز البابطين كمحمد اليوسفي، والدكتور عبد الله الغذامي، والدكتور محمد زكي عشماوي والدكتور جابر عصفور والدكتور محمد مصطفى بدوي وغيرهم من مختلف الاقطار والاتجاهات العربية التي ساهمت في لجان التحكيم، لوجدت أن لا أحد لديه القدرة على السيطرة على مثل هؤلاء الرجال أو تحييدهم أو توجيههم.