هجوم كاسح على العولمة في ندوة «الإسلام والعالم»

TT

إذا كان هناك جامع مشترك للمتحدثين الذين اجتمعوا من اصقاع مختلفة من العالم في ندوة «الإسلام والعالم» التي نظمت ضمن مهرجان الجنادرية في الرياض مساء السبت الماضي، فهو التحذير والتخويف من العولمة وتعداد شرورها وآثارها السلبية.

هذا في حين أن (الخطباء) الثلاثة لم يهملوا التركيز والتشديد على ان الاسلام دين عالمي، ذا رسالة موجهة للبشرية وليس لأمة من الأمم.

شارك في الندوة الدكتور عبد الوهاب ابو سليمان، والدكتور محمد علي تسخيري والدكتور اسحاق محمد فرحان، وأدارها الدكتور عبد الرحمن الشبيلي.

في البدء تحدث الدكتور عبد الوهاب ابو سليمان عن عالمية الإسلام، بمدلولها المكاني، والزماني. واعتبر ان المدلول المكاني هو كل (ما اتسعت له الأفق على وجه البسيطة)، أما مدلولها الزماني (فهو اللامحدودية زماناً).

ورأى ان: عالمية الإسلام متمثلة في مبادئه، وقيمه المنسجمة مع الفطرة السليمة. وأن هذه المبادئ «ليست خاصة بأمة دون أخرى، ليست قاصرة على مكان معين، ولا على جيل من البشر».

وشدد عن ان مرتكز العالمية في الاسلام وعمودها الفقري عقيدة الوحدانية، وهي خصوصية الباري جل وعلا، ليس للبشر تدخل أو اجتهاد فيما يتصل بها. وأن خصوصية هذه العقيدة الثبات، لا تختلف باختلاف الزمان والمكان.

وقال ان العولمة في الاساس مفهوم اقتصادي بالاضافة الى انها احدث آليات التطور الرأسمالي وهي تعتبر آيديولوجية جديدة علمانية غير اخلاقية تعكس ارادة الهيمنة على العالم وهي نظام ذو أبعاد متعددة تشمل الاقتصاد والثقافة والسياسة والحياة الاجتماعية. فالعولمة نظام يلغي حواجز الحدود امام الشركات المتعددة الجنسيات ويضعف سلطة الدولة لصالح الدول الكبرى المهيمنة وبالتالي يزيد من نهبها لثروات هذه البلدان ويهمش شعوبها ويفقدها هويتها وثقافتها القومية. والعولمة صورة من المركزية الغربية فهي تضع الغرب وخاصة اميركا في (مركز العالم) وتضع باقي العالم محيطاً وتابعاً لها.

وبنفس اللهجة المتشددة قال الدكتور محمد علي تسخيري، إنه «وضح للعالم الآثار السلبية التي تركتها هذه الفكرة المخربة (العولمة) ولذلك وصفت العولمة بكثير من الاوصاف منها العولمة المتوحشة او العولمة المجنونة او العولمة الفخ أو وصفت بأنها اما ان تأكل أو أن تؤكل»، وعدد تسخيري بعض الدراسات التي تشير الى وحشية العولمة.

وكان تسخيري قد قال: إذا أردنا ان نعرض الواقع الطبيعي للعالم فإنه ينبغي ان نعرضه على مستويين، تارة على المستوى النظري، من وجهة نظر الإسلام، وأخرى على المستوى الواقعي الحالي القائم.

أما على المستوى النظري فإن الإسلام يرى ان الوضع الطبيعي للبشرية إنما يتم إذا قام نظام عالمي شامل له قانون واحد وله إمام واحد ويتمتع بالخصائص التالية: امتلاك قوانين منسجمة مع الفطرة الإنسانية باعتبار ان الفطرة هي الحد المشترك بين الأفراد والدين ينسجم تمام الانسجام مع هذه الفطرة. أما على المستوى الواقعي الحالي فإننا إذا لاحظنا الوضع الحاضر فإنه يبدو ان الوضع الطبيعي للعلاقات الدولية والنظام الحاكم في الأرض يقتضي ان تكون هناك أمم متحدة وقانون دولي واحد ومنظمات دولية واحدة تنظم هذه العلاقات.

وقال ان الأمة الإسلامية التي يصفها القرآن بالأمة الوسط، والوسطية هنا بلا ريب يراد بها النموذج الأسمى وما يمكن استفادته من تعبير واسطة العقد، حيث الجوهرة الثمينة التي تتبعها الجواهر الأخرى فيه. وهي الأمة الشاهدة وهي خير أمة أخرجت للناس وعلى هذا فالسياسة الخارجية الإسلامية تسير بشكل منسجم مع مجموع السياسات الداخلية باتجاه تحقيق هذا الأمر بشتى الوسائل والسبل.

الدكتور اسحاق أحمد فرحان قال ان الإسلام دين شامل لجميع شؤون الحياة الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع والأمة بل والإنسانية جمعاء ولا غرو في ذلك فهو الرسالة السماوية الخاتمة لبني البشر، وأن الرسول بعث إلى العرب والعجم وإلى كل بني البشر إذن فطبيعة هذا الدين الموحي به من رب الناس إلى نبيه الأمين طبيعة عالمية.