أدب أميركي جديد ذو جذور آسيوية

كيف يشعر الأبناء والبنات حين يكتبون بالإنجليزية متخلين عن لغة آبائهم وأمهاتهم؟

TT

ككاتبة، تستطيع مي نينغ مواه أن تنسج اجزاء من احلام وخيالات بذكريات من الماضي. وكمحررة لكتاب «بامبو وسط السنديان»، أول مختارات من الكتاب الذين ينتمون لاثنية الهمونج الاميركية، فإنها اول قابلة لميلاد تقليد أدبي.

إن كتاب إثنية الهمونج ذات الجذور التي تنحدر من جنوب شرقي آسيا، كغيرهم من العديد من كتاب الاقليات المهاجرة، يواجهون العديد من الاسئلة نفسها. كيف يشعر الابناء والبنات حين يكتبون بالانجليزية متخلين عن لغة آبائهم وامهاتهم؟ هل يمارس الجيل الاول اي مسؤولية في تدعيم صورة المجموعة الاثنية فيما هي تسعى من اجل تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية؟ هل هناك نزاع بين ان تكون كاتباً مهاجراً وبين الكتابة حول ثيمات جامعة؟

وقال موريس ديكستاين، البروفيسور في الانجليزية بكوينز كوليدج في نيويورك «لن أضغط أن تكون ممثلاً للمجموعة الاثنيّة يمكن ان يكون قاتلاً للكتاب. وأشخاص مثل بيل بيلو يمكن ان تجده في اعماله الاولى يريد الابحار ضمن التيار الرئيسي. ويمكن ان تجده أكثر يهودية في آخر اعماله أكثر مما تجده كذلك في اعماله المبكرة».

وأضاف ديكستاين «ومع ذلك فإن للادب المهجري الجديد مزية، موضحاً أن المجتمع الاميركي تغير لدرجة ان الكتاب المهاجرين لم يعودوا يحتاجون لـ«صبغة تجعلهم بيضا» لكي يجدوا موقعاً لهم، ولم يعودوا يحاولون ان يكونوا ممثلين لمجموعاتهم الاثنية.

وقال ديكستاين ان الوتيرة السابقة هي ان الجيل الاول من المهاجرين كان يشعر بالامتنان والجيل الثاني يشعر بالتأرجح والتمرد فيما يتعلق بهويته أما الجيل الثالث فيحاول ان يتذكر ما حاول الجيل الثاني نسيانه. وقال ان رالف اليسون، تحديداً، كان متبصراً في ان يجادل بان اميركا لم يعد لها ثقافة أولية وانما جديلة طويلة تتكون من العديد من الاتجاهات، وهو رأي عكسه في كتاباته وفي روايته «الرجل الخفي».

وقال د. ديكستاين «لقد حدثت نقلة ثقافية بعد ستينات القرن الماضي بحيث ان الاثنية التي كانت تواجه بالعبوس من قبل صارت ساخنة. وبالنسبة لي فإن الكتابة العظيمة هي الكتابة الشخصية، وإذا كانت ذات منحى تمثيلي فإن ذلك أمر حدث بالصدفة. إنك ترى الكوني في الشخصي».

إن الهمونج (وتنطق المونج) يتميزون عن غيرهم من مجموعات المهاجرين الاخرى بسبب ارتباطهم بأكثر المراحل ايلاماً في التاريخ الاميركي، فمعظمهم لاجئون من الحرب الفيتنامية ومن الحرب الاهلية في لاوس، وقد تواجدوا في الولايات المتحدة باعداد كبيرة منذ منتصف السبعينات. ويقدر عدد الهمونج على نطاق العالم بـ12 مليون نسمة، منهم 160 الفا يعيشون في الولايات المتحدة، والمدينة التي يوجد بها اكبر عدد منهم 24 ألفاً هي مدينة سانت بول بالاضافة الى تجمعات لا بأس بها على امتداد ولايات كاليفورنيا ومتشجن وكلورادو وويسكونسين وكارولاينا الشمالية.

أحد الاسباب التي حالت دون ان ينشئ الهمونج أثراً ثقافيا لهم هو ان ثقافتهم متجذرة في التقاليد الشفوية ولم تكن لهم لغة مكتوبة الا قبل خمسين عاماً حينما استخدمت الارساليات المسيحية في لاوس الابجدية الرومانية لترجمة الانجيل الى الهمونج.

وقالت مواه، 28 عاما، وتعيش في سانت بول وهي ايضاً محررة مجلة الهمونج الادبية نصف السنوية (باج نتواب فويس): «ان الشعب الذي ليس لديه ارث مكتوب لا يبدو انه موجود».

وللكاتبة ذاكرة ضبابية شبيهة بالحلم حول كيف انها وامها وأخيها الاصغر غادروا لاوس عام 1976، بعد الحرب الفيتنامية مباشرة، وقضوا وقتاً في معسكر للاجئين في تايلاند كالعديد من كتاب الهمونج الشباب. وقالت انها وجدت نفسها تقاتل من اجل استرداد الماضي وايضا من اجل ان تشعر بأنها جزء من المجتمع الاميركي المعاصر.

إن رواية «بامبو وسط السنديان» والصادرة عن «دار نشر جمعية مينيسوتا التاريخية عام 2002» تتضمن القصة والحكايات الاسطورية والشعر ومقالات لـ22 كاتباً معظمهم من الغرب الاوسط. كما ان معظمهم في العشرينات أو الثلاثينات من العمر، وقد ولدوا في لاوس ومازالوا يسعون للحصول على الاعتراف الادبي. ويعتبر البحث عن الهوية موضوعاً اساسياً يتضمن انجذابات متنازعة نحو الذوبان ونحو عضوية المجموعة الاثنية. وتتناول بعض الاعمال حالات عشق رومانسي عابرة للاثنيات، ونص لمقابلة سجلت على شريط لأم عانت طويلاً بسبب الهوية الممزقة، ومحاولاتها أن تكون اما جيدة من الهمونج، وتتحدث أيضاً عن حكايات اسطورية قديمة عن عشاق تقاطعت نجوم سعدهم.

* خدمة «لوس انجيليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»»