التشكيلية والشاعرة اللبنانية رقية الصويان: خارطة الكتاب تضيق جغرافيا لكنها تتسع فكريا

TT

رقية الصويان، شاعرة وفنانة تشكيلية لبنانية من أصل سعودي، نشرت العديد من القصص القصيرة والمقالات في عددٍ من الصحف اللبنانية والكويتية، صدر لها «إلى رجلٍ ما» وهو ديوان شعر في عام 1985 ثم ديوان «ورد المنفى» عام 1997، وهي مؤسِّسة وصاحبة «صالون البحر الثقافي» في لبنان.

شاركت الفنانة التشكيلية رقية الصويان في العديد من المعارض الفنية في لبنان والكويت، وأقامت ثلاثة معارض خاصة بأعمالها، في الكويت ولبنان، كما شاركت بعدة ندوات ومهرجانات أدبية في لبنان وسورية والأردن، وعملت في التدريس لعدة سنوات.

ولإلقاء الضوء على سيرتها الأدبية والفنية، كان لـ«الشرق الأوسط» هذا الحوار معها.

* المولد، كان في دمشق، كيف كانت البداية، ومتى اقام والدك في بلاد الشام؟

ـ من أصعب الأمور أن تذكر قصة حياتك في سطور، فأنت تحذف، وتحذف وتحذف حتى لا يبقى شيء يذكر.

لا أدري في أي عام سافر والدي إلى بلاد الشام كما تقول ولكني متأكدة أنه في العام 1925 مع الجيوش العربية، ما بين الأردن وسورية وفلسطين.. تزوج امرأة وأنجب ولدا ذكراً وبعد سنوات تزوج والدتي وهو مطلق لتنجب له من البنات ستا لأكون الثالثة بينهن والجميع على قيد الحياة في السعودية، وأعتقد أن الزواج تم ما بين 1935 أو 1936.

عرفتُ أنني من آل الصويان من السعودية وأحيانا كان يطلق الجيران علينا بيت العقيلي ربما نسبة للعقيلات.

* وماذا قبل الكتابة والتعلم؟

ـ في طفولتي أدركتُ أنني مختلفة. لم أستطع في البداية تفسير ذلك، كان لي عالمي الخاص، كنت منطوية في هذا العالم وعرفتُ الرسم قبل الكتابة.. وهكذا ظهرت موهبتي الفنية في بداية دراستي في المرحلة الابتدائية.. ثم ظهر تفوقي في الدراسة لأنال أول جائزة تقديرية في الأول ابتدائي عبارة عن «كرة أرضية» احتضنتُ جائزتي وطفولتي البريئة لأقرر أنني سأجوب هذا العالم الذي بين ذراعي، ثم درستُ في مدرسة مختلفة عن باقي أخواتي.. لتحتضن المدرسة والإدارة هذه الموهبة وتشجعها وتدعمها، وكانت أول لوحة لي على السبورة رسمتها أمام الفصل، وأول كتابة تُنشر في الرابع ابتدائي.

توالت الجوائز التقديرية لتفوقي في الدراسة. حصلتُ على الشهادة الإبتدائية بتقدير امتياز للمرتبة الأولى على القطر، وفي المرحلة المتوسطة حصلتُ على جائزة عالمية في الرسم حيث اشتركت عن طريق المدرسة بمسابقة طلابية في موسكو عن المرتبة الثانية باسم (لوحة قريتي) بالألوان الزيتية.. في نفس المرحلة بدأت بنشر القصيدة الموزونة في صحف ومجلات سورية.. أول قصيدة موزونة نشرت (بيتنا يا حبيبي).

مراحل دراستي حتى الثانوية كانت كتابة ورسم ومطالعة قرأت كل شيء وقعت يدي عليه حول الأدب والفن والشعر والقصة.

* وماذا كان دور والدك، تجاه هذه الموهبة؟

ـ كان والدي كل مساء يطلبُ من إحدانا أن تقرأ له ولوالدتي روايات الزير سالم وبني هلال وهذا أعطاني الكثير من الجرأة والطلاقة وعشق الأدب والمطالعة.

* ما هي أول رواية قرأتها القاصة رقية الصويان؟

ـ أول رواية قرأتها كانت (نساء صغيرات ـ مترجمة) أعطتني إياها مديرة المدرسة قبل امتحان الشهادة الإبتدائية بثلاثة أيام، وقالت لي أن أكف عن الدراسة ولأقرأ هذه القصة حتى يصفو ذهني وهكذا كان ومن ثم تعلقي بالرواية. كتبتُ كثيراً من القصص والروايات التي لم تعرف النور.

* لماذا لم تخرج تلك القصص والروايات آنذاك؟

ـ لقد أعدمها والدي لأنه كان يرفض هذا بشدة، باعتبار أن كل هذا خارج عن التقاليد والأعراف الأسرية التي كان يعرفها.. ورغم كل هذا كان الصديق الأول لي هو والدي ونمت بيننا علاقة فريدة من نوعها كان في أعماقه يؤمن بي ويفخر حتى أنه لاحقا أصبح يردد بعض المصطلحات اللغوية، التي كنت أتحدث بها.. لقد أصبحت لي شخصيتي الفريدة والمتفردة.

* تقييمك لتلك التجربة؟

ـ كل ما أردته هو الفن والأدب، وكل ما أرادوه فتاة عادية بسيطة تستعد للزواج والأسرة.

لم أستطع أن أجوب الكرة الأرضية سفراً بطائرة أو جواز سفر ولكنني طفتُ هذا العالم بالكتاب والمعرفة والبحث، إن خارطة العالم تضيق جغرافيا وعلى الأرض ولكنها تتسع في الفكر والوجدان وكل ما ظننت أنك أدركته يزداد فضاؤه اتساعا وأفقاً.

* ما مفهوم الشعر لديك؟

ـ «مني ومن قدري وأكثر

تصوغه أحلامي

فأسهر..

وأحاول البوح الخطير

والكف من بوحي أخطر ..»

الشعرُ هو لغة حالة وجدانية صميمة للشاعر تصبح حالة رومانسية أو خطابية تخاطب وجدان المتلقي، إن جوهر الشعر عشق ـ كأني مسكونة به، منه قام الشاعر فأصابني، شغفني به وعشقته، تأملتهُ.. تصاعدتُ معه.. استطال.. وكأني لا أدركه.. لأكتمل، كأني قصيدة مشجنة شجية مفاتنها عالم غير مرئي، أو كأني مسجونة به أو أنا منه، أو كأني فعل ناقص لا أكتمل إلا بالشعر.

* أيهما يحتل مساحة اكبر داخلك، الفن التشكيلي أم الشعر؟

ـ أكاديمياً لم أتخصص في الفن التشكيلي فتخصصتُ في الأدب، وتأهلت للتعليم وفقاً لما تراه الأسرة حسب تقاليدها وأعرافها.

أنا أخرى لا تشبه الأخرى

وامرأة لا تشبه النساء

وأنثى.. لا تتشبه بالرجال..

أريد أن يرى من يقرأ جمالا وأفقاً وروحاً شغفة تشع بروح الشعر تنعكس عليه حساً مرهفاً بهذا الجمال، حتى في الرسم مجردا من الأغراض، الشعر للشعر كما الجمال للجمال. لا غاية له لإرضاء أحد. هو نتاج تلقائي يعكس رموز حالة خاصة جدا يخدم وظيفة مجالية محاولاً طرح الفكرة.. وراء هذه الأدوات والعناصر سواء في الشعر أو الرسم.

أما الرسم فقد كان دائما ملازما للكتابة، فقد شاركت بعدة معارض في الكويت، فردية وجماعية. وهو موهبة صقلتها بالدراسة والمتابعة لكل نتاج عالمي أو عربي، كما شاركتُ بعدة معارض جماعية في لبنان.. ثلاثة معارض فردية.

* ومن أين تأتي القصيدة؟

ـ أكتب التوأمين.. الشعر والنثر، الشعر والفكر، أكتب الشعرَ الأبيض الرومانسي، لغة القلب والوجدان بعيداً عن القالب الكلاسيكي بعد تجربة طويلة في الشعر التقليدي، أكتبُ اللغة الفصحى العالية.. أحب أن تكون لغتي أنيقة، غايةً في الأناقة والجمال، تعبيري وشخوصي وأدواتي تعكس تماما شخصيتي وخطي، لا أدخل في جدلية منهكة قد تدني من القيمة الجمالية في ما أكتب.

* وماذا عن القصيدة؟

ـ أنا أعتبر الإبداع في القصيدة وتمكن الشاعر من أدواته وقدرته الوصول الى المتلقي. هذا ما يعتبر قصيدة سواء كانت كلاسيكية أو قصيدة تفعيلية أو نثرية، وهذه ترجع للشاعر، كيف يجد فضاءه الذي يستطيع أن يبدع فيه.

* هل حاولت الشاعرة رقية الصويان النشرَ في السعودية؟

ـ لقد عملتُ لفترة مع مجلة سيدتي عملا صحافياً وأيضا في صحف الخليج، لم أنشر في السعودية لأنني لم أتواصل مباشرة، وأتمنى أن أطل من أي وسيلة إعلامية في الوطن الأم، كما أتمنى أن أشارك في المنتديات الأدبية في السعودية إذا وجهت لي دعوات منها.

* للشاعرة رقية الصويان، صالون ثقافي، في لبنان، متى تأسس ومن أبرز ضيوفه، ولماذا في لبنان؟

ـ صالون البحر الثقافي تأسس في عام 1992 خلال إقامتي في لبنان بعد الغزو العراقي الغاشم للكويت، وقصده الكثير من الشعراء والكتاب والفنانين من جميع الدول العربية على السواء. كان نشاطاً شهرياً منظماً بدعوات رسمية حيث تقام الأمسيات والندوات الثقافية الفنية الاجتماعية وتواقيع الكتب والتكريم للمبدعين. كل هذه الندوات والأنشطة مسجلة وموثقة على أشرطة مصورة ومن الطبيعي أن يكون في لبنان لأنني لبنانية بالزواج.

* وماذا عن الاهتمامات التي تشغلك حاليا؟

ـ اهتماماتي في المرأة بكل حالاتها وابداعاتها.