متى ظهرت الرواية في المغرب العربي؟

المصرية عفاف عبد المعطي تكتب عن فن السرد في المغرب والجزائر وتونس

TT

قسمت الناقدة المصرية عفاف عبد المعطي كتابها «حاضر الرواية في المغرب العربي» الى ثلاثة اقسام، خصصت الاول للرواية التونسية التي ظهرت اولا قبل نظيرتها في الجزائر والمغرب. اما الجزء الثاني فكان للرواية المغربية وكان الثالث للرواية في الجزائر. وحاولت التأريخ للرواية في تونس في الجزء الاول، والبحث في بداياتها مشيرة الى تأثير الرواية الفرنسية في تلك البداية منذ عام 1862، وترجمة اعمال روائية اخرى ايطالية واسبانية، ودور محمد المشيرقي الذي كان اول من قدم الى القراء في تونس ترجمات لاعمال روائية فرنسية كانت نقطة انطلاقة لترجمات اخرى قدمها العربي الجلولي وابراهيم فهمي ومحمد نجيب وعبد العزيز الوسلاني، كما كانت الترجمة التي قدمت في تونس عام 1911 لتولستوي حدثا مهما في مجال الابداع القصصي، كان له تأثيره في الكتابة القصصية هناك.

وذكرت عبد المعطي في كتابها الصادر حديثا عن دار المعارف بتونس ان تونس سبقت جارتيها الجزائر والمغرب بخمس روايات اصدرتها في الفترة من 1945 حتى 1962، وقد سبق هذه الروايات الرائدة اعمال اخرى على طريق الرواية التونسية مثل «الهيفاء وسراج الليل» تأليف صالح السويسي 1906، و«الساحرة التونسية» للصادق الرزوقي 1910.

وكانت اول رواية بالمعنى الحقيقي صدرت في تونس لعلي الدوعاجي كان عنوانها «جولة حول حانات البحر المتوسط»، وصدرت في عام 1935، وقد شارك الدوعاجي الكتابة الروائية في تلك الفترة كتاب آخرون منهم زين العابدين السنوسي مؤلف الرواية التاريخية «قناة الجمر». وقد كان لمحمود المسعدي دور كبير في تطور الرواية التونسية، اذ اصدر عدة اعمال في الفترة من 1939 وحتى 1945، استفاد خلالها من اساليب تراثية قديمة مثل السيرة والمقاومة، ومن اشهر اعماله «السد» التي صدرت بمقدمة لعميد الادب العربي د. طه حسين. واشارت الناقدة الى ان للصحافة الادبية دورا كبيرا في تطور الرواية والقصة في تونس وبخاصة مجلة الفكر وصحيفتي العمل والصباح.

وقد تجاوزت عفاف عبد المعطي في دراستها التطبيقية للرواية في تونس الروايات التي صدرت قبل فترة التسعينات، وحاولت التركيز على نماذج من روايات تلك الفترة وقدمت قراءة لروايات «المعجزة» لمحمود طرشونة، و«الدراويش يعودون الى المنفى» لابراهيم البرغوثي، و«نزيف الظل» لمصطفى الكيلاني.

وعن الرواية المغربية قالت المؤلفة عفاف عبد المعطي انها بدأت في اربعينات القرن العشرين 1942. لكن عفاف تقول ان د. النساج يشير الى ان الرواية المغربية قبل الاستقلال لم تكن معروفة، ولم يكن الكتاب يقبلون عليها وان كنا نفاجأ بين حين وآخر بمن يقسمون تاريخ القصة والرواية الى مراحل اذ يعودون بها الى 1905ويذكرون اسماء كثيرة واعمالا اكثر، لكنهم يخلطون بين المقامات وبين الروايات المترجمة والاعمال المقتبسة وبين القصة القصيرة والشعر القصصي والمقالات الاصلاحية التي صيغت في اسلوب اقرب الى اسلوب الحكي والقص وابعد ما يكون عن الاسلوب الفني او الشكل الروائي بمعناه المتعارف عليه بين النقاد.

ووصفت عفاف حديث د. النساج وحكمه على الرواية المغربية بأنه جائر وانه لم يقدم برهانا واحدا في كتابه على ما يقول، فهو ينظر للرواية المغربية «دون تحقق موضوعي لاتهاماته بأنها لم تتوفر لها اية امكانيات او مقومات تؤهلها لأن تحتل موقع الريادة، وان ظلها بقي باهتا جدا واقتصر ذكرها على قلة قليلة ممن يعنون بتضخيم الذات اكثر من حرصهم على تأصيل الفن والكشف عن مواطن فنية حقيقية كانت لها تأثيرات هنا وهناك».

واشارت المؤلفة الى ان هذا الكلام يمكن ان يكون جائزا بشرط التحقق من كل فرضية موضوعية فيه، وكان على الدكتور النساج لكي يؤكد كلامه ان يثبت اجزاء من النصوص المغربية الاولى، ثم احاديث الكتاب المغاربة المعاصرين التي لم يذكر فيها تأثرهم بأعمال مغربية وانهم تأثروا بالرواية في فرنسا والكتاب الروائيين في مصر وسورية ولبنان، ولم يتأثروا بأعمال مغربية صدرت في الثلاثينات او ما قبلها او ما بعدها حتى الستينات، وذكرت ان هذا ينفي تماما وجود رواية مغربية حقيقية موضوعية حتى ذلك التاريخ، فهل يمكن قبول هذا الرأي وهل نشأت الرواية المغربية مثلا في السبعينات؟

ورغم هذه الاسئلة الساخرة الا انها لم تقدم ما يشير الى عكس ما قال. واكتفت بدراسة نماذج من الرواية المغربية في التسعينات مثل احمد التوفيق الذي اصدر اولى رواياته بعنوان «حارات ابي موسى» عام 1997 بعدها اصدر «شجيرة حناء قمر» 1998 ورواية «السيل» 1998، وبهاء الطود وروايته «البعيدون» التي صدرت في مصر عن روايات جلال 2001.

وتحدثت عفاف عبد المعطي بعد ذلك عن الرواية في الجزائر واوردت دراسة قصيرة حول الطاهر وطار، تناولت فيها روايته التي صدرت عام 2000 عن منشورات جريدة الزمن في المغرب بعنوان «الولي الطاهر يعود الى مقامه الزكي».

اما الجزء الرابع من الكتاب فقد افردته عفاف للكتابة النسوية في المغرب وتناولت خلاله بالتحليل ثلاث روايات هي «سيرة الرماد» صدرت عام 2000 لخديجة مروازي، و«يوميات زوجة مسؤول في الارياف» للاديبة دليلة حياوي، و«جراح الروح والجسد» لمليكة مستظرف 1999. وذكرت عفاف ان المرأة في هذه الروايات بدأت تدخل في مناطق واجواء كان من الصعب التطرق اليها من قبل مما اوجد مجموعة من النصوص ينحو كل منها تجاه قضية من قضايا المرأة في المجتمع.