كاتب حوّل تقاليد الرواية الأوروبية إلى أدب أفريقي

وول سوينكا وتوني موريسون يشاركان في حفل تكريم الروائي النيجيري تشينو أتشيبي

TT

يقول الكاتب النيجيري تشينو اتشيبي، إن كل المجتمعات تنظر إلى تقليد سرد القصص كجانب حيوي ومهم يستحق المزيد من الاهتمام. وقال اتشيبي ذلك خلال الكلمة التي ألقاها في مناسبة تكريمه التي نظمتها «بارد كوليدج» في مدينة اناديل اون هادسون في ولاية نيويورك، حيث ظل يدرس الأدب خلال فترة السنوات العشر السابقة. وكانت المناسبة، التي حضرها عدد من الكتاب المعروفين عالمياً، مناسبة للاحتفال بتقليد سرد القصص.

ألف اتشيبي رواية «تساقط الأشياء» الكلاسيكية التي تدور قصتها حول مواجهة قرية نيجيرة للاستعمار، وكانت الرواية التي بيعت منها عشرة ملايين نسخة، عاملاً رئيسياً في ازدياد شهرة اتشيبي الذي تعتبر أعماله الأكثر انتشاراً من بين الكتاب الأفارقة.

يقول اشتيبي إن قراره بالكتابة بالانجليزية، في مقابل لغته الأم (ايجبو)، أدى إلى انتقاد البعض له. لكنه يقول إن اختياره لها كان على أساس الحاجة الملحة إلى سرد قصة القهر والمعاناة التي تتعرض لها مجموعة «ايجبو» العرقية التي ينتمي إليها. ويضيف اتشيبي ان اختياره للغة الانجليزية لم يكن لاعتبارات عملية فقط، فاستخدامه لها طوال عمره أدى إلى «وقوعه في غرامها»، على حد تعبيره. كما يعتقد كذلك أن اللغة لا يجب أن ينظر إليها كعدو وإنما كأداة.

أشاد المشاركون باستخدام اتشيبي للغة وتحدثت الروائية الأميركية توني موريسون وجون وايدمان عن تجربتهما الخاصة مع لغة كتابة الرواية، فقد قالت موريسون إنها كانت تتطلع عندما كانت كاتبة شابة إلى الكتابة «وكأنما ليس هناك شيء مطلوب إثباته والاختلاف معه.. وكأنما عالم ما بعد العنصرية قد وجد بالفعل».

كما تحدث كذلك الروائي النيجيري وول سونيكا ونجوجي واثيونجو حول تحليل اتشيبي الدقيق للصراعات التي تحدث في القارة الافريقية.

ولد البيرت تشينو الو موجو اتشيبي في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1930 في منطقة اوجيدي بنيجيريا وهو متزوج وأب لأربعة. تخرج في كلية أتبادان الجامعية بنيجيريا مطلع عقد الخمسينات من القرن الماضي كما درس في جامعة لندن حتى عام 1956.

ويعتبر اتشيبي واحداً من رموز حقبة ازدهار الأدب الجديد في نيجيريا ابتداء من عقد الخمسينات، إذ استمدت تلك الحركة عنفوانها من الأدب التقليدي الشفهي ومن التغييرات الاجتماعية السريعة التي اجتاحت نيجيريا آنذاك. فقبل ثلاثين عاما كان اتشيبي من مؤسسي هذا الأدب الجديد، ويعتبره الكثير من النقاد أبرز وأرفع الروائيين النيجيريين، كما يعده الكثيرون واحداً من أفضل الروائيين الذين يكتبون باللغة الانجليزية.

وبعكس بعض الروائيين الأفارقة، الذين يسعون جاهدين إلى قبولهم وسط الروائيين المعاصرين الذين يكتبون بالانجليزية، فإن اتشيبي تمكن من تجنب تقليد النزعات الشائعة في الأدب الانجليزي. ورفض كذلك المفهوم الأوروبي الذي يقول إن «الفن لا ينبغي أن يكون مسؤولاً أمام أحد وليس في حاجة إلى تبرير نفسه لأحد». وفي كتابه Morning Yeton Creation Day، يتبين للقارئ أن اتشيبي تبنى فكرة تقع في قلب الأدب الافريقي التقليدي تتلخص في أن «الفن كان ولا يزال في خدمة البشر». فأسلافنا ألّفوا القصص والأساطير لأغراض تتعلق بالإنسان، لذا فإن ثمة اعتقاداً قوياً لدى اتشيبي يتلخص في أن «أي قصة جيدة ورواية جيدة يجب أن تكون لها رسالة وغرض». ويعتقد أن السياق الافريقي أثر في الجوانب الفنية والجمالية لأعماله.

وحسب تعليق لبروس كينج في «مقــــــــدمة في الأدب النيجيري» فإن اتشيبي يعتبر أول كاتب نيجيري ينجـــــح في تحويل تقاليد الرواية، التي تعتبر شكلاً أدبيـــــــاً أوروبياً، إلى أدب افريقي.

* خدمة «كريستيان ساينس مونيتر» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»