«سيرة» عبد الرحمن منيف آخر أزمة في حياته

هاشم الجحدلي: منيف قال إن ما نشرته «سيرة» وأنا أقول إنها ليست كذلك

TT

شهدت الفترة الأخيرة من حياة الراحل عبد الرحمن منيف جدالاً احتدم فيما بعد في أروقة المثقفين السعوديين، بعد أن نشرت جريدة «عكاظ» بقلم محررها هاشم الجحدلي حلقات اعتبرت انها السيرة الذاتية للأديب الراحل. ولقيت الحلقات استقبالاً ملحوظاً، ووجد الكثير من المتابعين أنها تعيد إنتاج بعض الكتب والاصدارات التي كتبت عن حياة واعمال منيف.

بعد الحلقة الثالثة أصدر منيف بياناً ساخطاً ينتقد ما نشر ويطالب بوقفها فوراً ويهدد باللجوء الى القضاء. تلت ذلك مجموعة مقالات في صحف بيروتية ودمشقية تتحدث عن «تشويه» قام به الصحافي السعودي وجريدته لسيرة الاديب الراحل.

هنا حوار مع بطل القصة الثاني الصحافي هاشم الجحدلي حول ملابسات هذا الموضوع:

* هل تذكر لنا قصة لقائك مع عبد الرحمن منيف؟

ـ لا استطيع أن أروي الآن ما لا يستطيع عبد الرحمن منيف ان يؤكده أو ينفيه. وقصة لقائي معه شهد عليها محمد القشعمي وصالح أبو حنية، وتمت بحضور زوجته، ولكن ليس لهذا اللقاء اثر كبير على ما كتبت، فأنا لم أنقل مما دار فيه حرفاً واحداً ولو على سبيل الاستشهاد.

* هل حصلت على إجازة صريحة بكتابة سيرته الذاتية؟

ـ يا سيدي العزيز أنا لم أكتب سيرة ذاتية لعبد الرحمن منيف حتى أستأذن منه في نشرها فالسيرة الذاتية إما يكتبها الشخص المعني مباشرة او يرويها على آخرين لأنها مشاهد ووقائع وانفعالات وأشياء أخرى.

* إذن ماذا كتبت؟

ـ ما كتبته كان تاريخاً لمسيرة عبد الرحمن منيف من الولادة وما قبلها، حتى السبعين.. ولهذا اعتمدت على سيرة حياته من مصادرها التي يشاركه الآخرون تفاصيلها وبالتحديد أسرته وأصدقاؤه. إضافة لما ذكر هنا وهناك في حواراته الكتابية والتلفزيونية وما نشر في «سيرة مدينة» وما ذكر في وثائق حزب البعث.. وشهاداته في الآخرين. ولهذا ماقدمته كان أقرب للتاريخ الذي يربط المعلومة بالسياق.

* لاحظنا انك اعتمدت كثيراً على ما كتبه محمد عبد الرزاق القشعمي وحولته الى حوار واسئلة واجوبة مع منيف.. هل هذا صحيح؟.

ـ اعذرني اذا قلت انك لم تقرأ كل ما كتبته عن منيف. فالإحالات للقشعمي لا تتعدى الأسطر لأنه لم يهتم بالجانب الحياتي لمنيف وأفرد له صفحات قليلة وإن كانت أساسية.. وكان كتابه عبارة عن ببليوغرافيا لما كتب عن الروائي. اما بالنسبة لي، فلم يحصل أي حوار بيني وبين منيف حول سيرته أبدا.

* هل ترى أن ما كتبته يرتقي الى مستوى السيرة؟

ـ قلت لك في البداية إن ما كتبته كان صحيحاً، وأتحدى أياً كان أن ينفي معلومة واحدة مما كتبتُ سوى معلومة وفاة شقيقه (فهد) وتفاصيل شخصية العصيمي باشا الذي اشترى والد عبد الرحمن قصره في المدينة المنورة. اما ماعدا ذلك فهو مؤكد.

أما هل أعتبرها(سيرة)..؟ من قال لك أنني قلتًُ إنها سيرة ذاتية لعبد الرحمن منيف؟!

* كما تعلم فإن القشعمي اعتمد هو الآخر على بعض الرسائل الجامعية.. ولم يوثق الكثير من معلوماته، فكيف تكون أساساً لما كتبته في «عكاظ»؟

ـ لقد رجعت الى هذه الرسائل الجامعية ولم أجد فيها سوى صفحتين هي عبارة عن شهادة عبد الرحمن منيف نفسه عن سيرة حياته كتبها باقتضاب لمقدمة كتاب (عالم عبد الرحمن منيف الروائي) لصبحي الطعان.

* بعد نشر الحلقات، أصدر منيف بياناً نفى فيه انه تحدث اليك، فلم لم تتوقف عن نشر الحلقات؟

ـ بيان عبد الرحمن منيف يقول ان هذه سيرة ويجب أن تتوقف، وانا أقول إنها لم تكن أبداً ولم تدع أنها سيرة. وهو طالب أن لا ينشر الحوار. وأنا أقول إنني لم أنشر الحوار الذي شارك فيه كما قلت القشعمي وابو حنية.

* واصلت «عكاظ» نشر حلقات المنيف حتى الحلقة السابعة (كما أذكر) بالرغم من نداءات منيف المتكررة بالتوقف، بل وتهديداته بمقاضاة الصحيفة والكاتب. ما هو تعليقك؟

ـ لقد أوقفتُ ما كتبته عند الحلقة العاشرة لأنني لا اريد صداعاً حول موضوع لم يكن يستحق، ببعض التفهم، كل هذا الصخب وكان الواجب ان يصحح لي اخطائي التاريخية إن كنت أخطأت في توثيق ذلك، اما ماعدا ذلك فهو من قبل الخلاف الذي لا يسمن ولا يغني.

* ركزت حلقات عكاظ على الخلافات العائلية وبالذات خلافات (الفحص والمنيف) مما تسبب في حرج شديد للراحل منيف. ألا يحتاج الدخول في هذه المشاكل العائلية الى توثيق وحرص ودقة شديدين؟

ـ إرجع إلى «سيرة مدينة» وستعرف أنني كنتُ حذراً جداً في ذلك، وأقدر ظروف العائلتين ولو اكتمل ما كتبت كنت ستقرأ رد جميع الأطراف. وإذا لم تقتنع فاسأل الأحياء من عائلة منيف لأن الموضوع لم يكن يخص الكاتب الراحل وحده.

* ألم تشعر أنه ربما مات (مقهوراً) مما كتبتَ؟ هل تشعر بالاسى لرحيله وهل تشعر بالندم مما جرى؟

ـ ومن لا يشعر بالأسى لرحيله وفقدانه! أنا مدرك انني عملتُ ما عملت وأنا أقتدي به في مفهومه للكتابة وحريتها (فالديمقراطية أولاً.. والديمقراطية ثانياً). ومن يقرأ اعماله سيعرف أنني لا احس لحظة واحدة بالندم، واتمنى ايضاً ان لا أكون كما يقال.