كتاب مغاربة يدعون إلى إعادة النظر في جائزة المغرب للكتاب

القاص المغربي أحمد بوزفور: أخجل أن أقبض جائزة على كتاب طبعت منه ألف نسخة لم أوزع منها في أسواق شعب من ثلاثين مليون نسمة إلا خمسمائة نسخة

TT

أثار البيان الذي أصدره القاص المغربي أحمد بوزفور الذي أعلن فيه عن رفضه لجائزة المغرب للكتاب في صنف الابداع لعام 2002، التي منحت له مناصفة مع الشاعرة المغربية وفاء العمراني، الكثير من الجدل في الساحة الثقافية المغربية. وتباينت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض لهذا الموقف، ولكنها وقفت جميعها عند ضرورة إعادة النظر في هذه الجائزة وفي طريقة اشتغال لجانها التي لا تأخذ في أغلب الأحيان متسعا من الوقت لقراءة مجمل الأعمال المقدمة للجائزة.

وكانت جائزة المغرب للكتاب قد عرفت تغييرات مهمة في عهد وزير الثقافة محمد الأشعري، إذ تم رفع قيمتها المادية من 5 ملايين سنتيم(5 ألاف دولار) الى 7 ملايين سنتيم (7 ألاف دولار) وحصل عليها كتاب لم يكونوا ليحصلوا عليها من قبل، فإنها ما زالت تطرح العديد من التساؤلات حول كيفية اختيار اللجان وطريقة اشتغالها.

وللاشارة فإن القاص أحمد بوزفور ليس أول من رفض جائزة المغرب للكتاب لأن هناك كتابا سبقوه وعلى رأسهم الكاتب والمفكر المغربي محمد عابد الجابري الذي اعتذر عن قبولها مرارا وذلك لأنه لم يترشح لها، كما أن هناك كتابا اتصلوا باللجان وطلبوا عدم ترشيحهم للجائزة وآخرهم الكاتب والروائي المغربي بنسالم حميش الذي سحب ترشيحه لها لأنه كان قد ترشح لجائزة نجيب محفوظ التي حصل عليها عام 2002 عن روايته «العلامة». وعلى العموم فإن وزارة الثقافة المغربية تعتمد في هذه الجائزة على الاصدارات التي حصلت على الايداع القانوني، وتسحب ترشيح من لا يرغب في ذلك. أما عن كيفية اشتغال اللجان والمعايير التي تعتمد عليها في اختيار الكتب الفائزة، فإن مديرية الكتاب المكلفة بالجائزة لم ترغب في الكشف عنها ولا حتى عن المشروع الجديد الذي تقدمت به الوزارة للأمانة العامة للحكومة والمتعلق بتغيير الجائزة ورفع قيمتها ثانية الى 10 ملايين سنتيم (10 إلاف درهم).

وهذا استطلاع لآراء بعض الكتاب والمثقفين المغاربة الذين عمل البعض منهم في اطار لجان الجائزة.

* عبد الرحمن طنكول: الرفض لا يتعلق بالجائزة بل بقناعات الرافض

* كل مبادرة سواء كانت حكومية أو غير حكومية تصب في اتجاه الرفع من مستوى الجوائز التي تقدم للأدباء والشعراء والباحثين اعترافا بما يقومون به من جهد خدمة للثقافة والفكر في المغرب، يجب تشجيعها والدفع بتحسينها، وجائزة المغرب تندرج في هذا الاطار، والكل يعلم أنها قد استطاعت في السنوات الأخيرة أن تجعل منها حدثا ثقافيا مهما بالمغرب. فوزارة الثقافة المغربية لم تدخر أي جهد لتطوير هذه الجائزة. ومن خلال تجربة شخصية لي منذ سنوات في لجان الجائزة، فأنا أقر بأن أشغال الجائزة كانت تنم عن إرادة قوية من أجل الحفاظ على مصداقية هذه الجائزة، حيث كانت تدرس الكتب بكل عناية وتراعي فيها مقاييس تهم المترشحين والكفاءة العلمية أو الابداعية التي تجسد قيمتهم في مختلف الميادين. وما لاحظت مرة أن هناك خللا بالقوانين أو الأسس التي تعمل بها اللجان. وفي نهاية المطاف فاللجان حتى وإن كانت تأخد بالاعتبار وزن الكتاب في الساحة الثقافية المغربية، فإنها تهتم قبل أي شيء بالابداع وبالمبدعين الشباب أيضا. وأنا أشهد أنه خلال الفترة التي كنت فيها في أحد لجان الجائزة، لم ألاحظ أي حيف أو تحيز مهما كان لأي اتجاه فكري. وحتى وإن كانت المدة الزمنية الممنوحة لأعضاء اللجان قصيرة، فإنها تبقى فقط للمراجعة، على اعتبار أن قراءة الأعمال تتم قبل انعقاد اجتماع اللجان.

إن رفض أحمد بوزفور لجائزة المغرب للكتاب شيء عادي لأنه جرت العادة عند كثير من المثقفين في كثير من البلدان أن يعلنوا رفضهم لبعض الجوائز، وهذا الرفض «لا يتعلق بالجوائز في حد ذاتها، بقدر ما يتعلق بقناعات هؤلاء المثقفين ومواقفهم. أما موقف القاص أحمد بوزفور فينبني على تصور يؤمن به، ولا أعتقد أنه تبناه من باب الدعاية، لأن بوزفور رجل قناعات ويؤمن بالثقافة أكثر من أي شيء آخر. فقد عبر في بيانه عن رفضه للتناقضات التي يعيشها المجتمع المغربي على عدة مستويات، ويندد بالخلل الذي يمس ببعض القيم ويعرض المسار الديمقراطي الى نوع من الخطر. ولا أعتقد أن أي شخص يمكن أن يصدر حكم قيمة حول موقف بوزفور هذا أو أن يقوم بحكم نية تجاه هذا الموقف.

* سعيد علوش: نتائج ترضي كل أفراد القبيلة

* في بلد الثلاثين مليونا لا يبيع الحائز على نصف الجائزة إلا نصف الكمية المطبوعة، وريثما يبيع النصف الآخر فما عليه إلا التداول مع المتقاسم معها والفائزة بنصف الشعر في من يتنازل عن نصفه الآخر بعد أن يكون قد باع نصف الكمية المتبقية من أحلامه للأموات. ألم يكاتب يوسف ادريس،الكاتب المصري، صدام يوم كان صدام صداما محتجا أنه ليس نصف كاتب حتى يتقاسم جائزة صدام مع جبرا ابراهيم جبرا. وجبرا للخاطر حصل يوسف ادريس نصفه الآخر من المال الحلال والذي ما لبث أن أصبح حراما حين أعلن نفس يوسف ادريس خلال احتلال الكويت بأنه مستعد لرد الجائزة لو يتوفر من يدفع له قيمتها. فهل من أحد اليوم يستطيع رد جائزة صدام الى الشعب العراقي المجوع وهو الغني؟ من حسن الصدف أو ربما سوئها أنني حضرت قبل سنة كعضو في لجنة جائزة المغرب واليكم الطريقة: يختار الرئيس والمقرر بالطريقة المشيخية، ويظل الجوكر مختفيا يوجه لاعبيه نحو الأوراق الرابحة، حيث لا توضع إلا نسخة واحدة من الكتاب المرشح فوق مائدة تمتد اليها الأيدي لتكون الحصيلة مجموعة من الكتب لكل عضو ويحدد أجل أسبوع للتقرير في الفائز الذي قرأه عضو واحد وزكاه الآخرون من دون قراءته ثقة باجتهاد واحد من بين الجميع. وهكذا تأتي نتيجة هذه السنة بالطريقة التي ترضي كل أفراد القبيلة من برلماني سابق وبعثي سابق وربات، عيون شعرية لاحقة، وبذلك يتم استرضاء الأحباب ولم شمل العائلة ودراويش مثقفين يفرض عليهم الاصابة بالبكمة.

* أحمد عصيد: على اللجنة أن توضح معاييرها

* إن الجائزة في حد ذاتها مسألة ايجابية، ولكن «إذا استحكمت الاعتبارات الحزبية في الجائزة فلا تعود للجائزة أية قيمة. وللأسف فالعلاقات الحزبية تلعب دورا كبيرا في اختيار الكتب، وأتذكر حادثة هنا وقعت عام 1996 عندما حصل ديوان الشاعر الأمازيغي علي صدقي أزايكو على المرتبة الأولى في لجنة الابداع وحصل ديوان الشاعر محمد الصباغ على المرتبة الثانية ومع ذلك منحت له جائزة المغرب للكتاب في صنف الابداع لعام 1995، وهذا طبعا بسبب الاعتبارات الايديولوجية التي استحكمت اليها اللجنة عوض الاعتبارات الفنية والابداعية. لقد آن الأوان لتوضح اللجنة للرأي العام المغربي، المعاييرالتي تحتكم اليها وتقدم على ضوئها الجائزة لكاتب من دون آخر. ولا أفهم لماذا تقدم الجائزة لكاتب لم يرشح أصلا نفسه اليها، وأعتقد أن موقف المفكر محمد عابد الجابري واضح في هذا الاطار لأنه سبق ورفضها في بداية التسعينات وذلك لأنه لم يترشح لها.

وكان القاص المغربي أحمد بوزفور قد نشر بياناً انتقد فيه الحكومة المغربية نقداً حاداً وأعلن في نهايته أنه يخجل أن يقبض جائزة على كتاب طبع منه ألف نسخة، «لم أوزع منها في أسواق شعب من ثلاثين مليون نسمة إلا خمسمائة نسخة، وهي ما تزال معروضة لم تنفد بعد رغم مرور أكثر من عامين».