انعقدت اخيرا بجزيرة جربة، جنوب البلاد التونسية، الدورة الخامسة عشرة لـ ملتقى فريد غازي للأدب العربي تحت عنوان الجد والهزل في الأدب العربي نظمته اللجنة الثقافية المحلية بجربة حومة السوق.
حضر هذا الملتقى مجموعة من النقاد منهم الدكتور محمود طرشونة الذي يعد مشروعا لانجاز الاعمال الكاملة للكاتب الراحل فريد غازي، وتوفيق بكار ومنصف الجزار ومحمد الباشا ومحمد القاضي وخالد ميلاد وصالح بن رمضان والهادي الطرابلسي وغيرهم.
وفريد غازي هو علم من اعلام تونس قاربت مؤلفاته الخمسة وعشرين كتابا في مختلف المجالات الادبية والفكرية والحضارية ابداعا ونقدا وبحثا وتحقيقا وتعريبا ونقلا، قصة ورواية وشعرا ومسرحا بالعربية والفرنسية، بلغ هذا الشأو الكبير مبكرا كأنه كان يعلم انه سيرحل مبكرا، اذ مات ولم يتجاوز سنه الثالثة والثلاثين.
وبمناسبة ذكراه دأبت اللجنة الثقافية بجزيرة جربة مسقط رأسه على اقامة ملتقى يحمل اسمه بلغ الآن عامه الخامس عشر.
موضوع الجد والهزل الذي كان عنوان هذه الدورة لم يلتزم به اغلب النقاد، فقد اختاروا مواضيع اخرى في الادب القديم والحديث وتناول اغلبهم اعمال الاديب محمود المسعدي.
فقد تحدث الدكتور الناقد محمد الباشا في محاضرته عن مسرحية السد للمسعدي وبين ما ترمز اليه من ابعاد فكرية وادبية، وقد اعتبرها نوعا من التعبير عن رغبة المسعدي وجيله من الادباء العرب المجددين في النصف الاول من القرن العشرين في ازالة الحدود بين محلية الادب العربي وانسانيته اذا اعتقدوا ان ذلك لن يتم الا برفع الحاجز بين القديم والجديد والاصيل وبين الاجناس الادبية المختلفة. وتناول الدكتور منصف الجزار شخصيات مسرحية السد للمسعدي بالتحليل، خاصة شخصيتي: غيلان و ميمونة ، فهو يرى ان غيلان في السد يمثل انكار العجز والاستسلام ونفي العدم ويؤمن بالعقل والانجاز ويصمم على بناء السد كرمز للفعل.
ولعل سبب تركيز جل المحاضرين على آثار المسعدي يعود لكونه مدرجا في برنامج طلبة البكالوريا من التعليم الثانوي الذين يمثلون اغلبية الحضور في ملتقى فريد غازي من كل سنة حتى اصبح الملتقى كأنه موجه لهم اكثر من غيرهم.
الدكتور محمود طرشونة لم يلتزم هو ايضا بموضوع الجد والهزل، لكنه اختار موضوعا في صميم الملتقى يخص فريد غازي مباشرة، اذ انه جاء بمسودة مشروع عرضه على الحضور يتمثل في انجاز الاعمال الكاملة للراحل، بعدما كان قد انتهى اخيرا من انجاز الاعمال الكاملة للاديب محمود المسعدي.
قدم الدكور طرشونة الخطوط الكبرى لمشروعه مع بيان مضمون كل مجلد من المجلدات التسعة التي ينوي انجازها بالتعاون مع كل من اهتم بدراسة وتحقيق اعمال فريد غازي مثل الدكتور فوزي الزمرلي ومبروك المناعي ومحمد القاضي وكمال عمران ومنصف الجزار وغيرهم.
ووصف الدكتور طرشونة مشروعه بالوطني ذلك انه يجب ان يتجاوز شخصه رغم انه صاحب المبادرة الى كل من يهمه امر الكتاب في تونس مثل وزارة الثقافة واسرة الفقيد التي تملك الكثير من الوثائق والمخطوطات وبعض المؤسسات العمومية المحلية مثل بلدية جربة واللجنة الثقافية وجمعية فريد غازي، لأنه تراث وطني لا يقل قيمة عن المعالم الاثرية القديمة والحديثة التي اقتنع الناس بضرورة احيائها وترميمها.. فإذا ما توفرت هذه المكتبة الضخمة في صورة اعمال كاملة فاننا متيقنون انها ستغير اشياء كثيرة في تاريخ الادب التونسي والدراسات المتخصصة وانها ستكون بدورها موضوع بحث وتدريس ونقد وتحليل حسب ما جاء في كلمة الدكتور طرشونة.