بشر بناني: إسناد تنظيم تظاهرة العالم العربي بمعرض فرانكفورت لجامعة الدول العربية خطأ كبير

مدير دار طارق للنشر بالدار البيضاء: أنا لا أحمل بطاقة الحزب الذي ينتمي اليه وزير الثقافة

TT

تعد «دار طارق للنشر» بالدارالبيضاء من أحدث دور النشر، ومع ذلك استطاعت أن تحقق لنفسها سمعة طيبة في المغرب وخارجه، وحصلت على جوائز هامة منها: جائزة أطلس للكتاب لعام 2002 عن كتاب «أبطال بلا مجد» للمهدي بنونة وجائزة الكتبيين في نفس العام عن نفس الكتاب. كما نالت أخيرا جائزة أليون ديوب ALIOUNE DIOP لتشجيع النشر بافريقيا في الدورة التاسعة للمعرض الدولي للكتاب بدكار الذي نظم في نهاية العام 2003، متنافسة مع 30 ناشرا من افريقيا وذلك «لغنى وتنوع منشوراتها وحسن طباعتها».

عن هذه الدار، ومشكلات النشر والكتاب بالمغرب، وتظاهرة العالم العربي بمعرض فرانكفورت لعام 2004، كان هذا الحوار مع بشر بناني مدير «الدار:

* فازت أخيرا «دار طارق للنشر» بجائزة أليون ديوب ALIOUNE DIOP في الدورة التاسعة من المعرض الدولي للكتاب بدكار، فماذا تمثل لكم هذه الجائزة؟

ـ بالفعل لقد حصلت دار طارق للنشر على هذه الجائزة في الأسابيع الماضية، وهذا شرف كبير لنا لأن دار طارق للنشر ما زالت دارا صغيرة ولو أن القيمين عليها لهم تجربة كبيرة ومهمة في مجال الكتاب. ففي ظرف أربع سنوات حصلت دار طارق للنشر على جائزتين جائزة أطلس للكتاب لعام 2002 التي تمنحها السفارة الفرنسية بالمغرب وذلك عن كتاب «أبطال بلا مجد» للمهدي بنونة، وجائزة أليون ديوب الجائزة الافريقية التي تمنح لأحسن دار للنشر وتكافىء دار النشرعلى استقلاليتها وتسعى الى تقوية امكانيات النشر بافريقيا.

* ما هي أسباب هذا النجاح في فترة قصيرة، ووسط هذه الكثرة من دور النشر؟

ـ أعتقد أن الظروف ساعدتنا بشكل كبير حيث ظهرت الدار في وقت جد مناسب، وذلك بعد خبرة كبيرة في مجال خدمة الكتاب، فماري لويس بلعربي احدى مؤسسات الدار لها حوالي أربعين سنة من الخبرة في مجال الكتاب، كما أن لدي خبرة لا بأس بها في هذا المجال أيضا حيث كنت ناشطا في جمعية محترفي الكتاب، إضافة الى آخرين يجمعهم حب الكتاب واحترام القارىء وهذا شيء أساسي بالنسبة لنا. هذا ناهيك على أن الربح لم يكن همنا الأساسي بقدر ما كان يهمنا تقديم مادة جيدة ومفيدة للقارئ.

* كم عدد الكتب التي صدرت لحد الآن عن عن دار طارق للنشر؟

ـ وصلنا الآن الى حوالي 50 عنوانا متنوعا، يضم كتبا في التاريخ والذاكرة والشهادات والروايات وغيرها من الأجناس الابداعية.

* كيف توفقون بين نوعية الكتب التي تنشرونها، وهي كتب بجادة، ومتطلبات السوق، وبالتالي الربح؟

ـ التزامنا بالأساس هو احترام القارىء وتقديم الجيد من الكتب له وتجنب الكذب والتزوير والغش. كما أننا نأخذ على عاتقنا تقديم المفيد للقارىء. نحن دار ملتزمة تسعى الى تثقيف وتعويد القارئ علي الكتب الجادة والهامة التي تحمل له معارف معينة. فمثلا كتاب «أبطال بلا مجد» الذي حققت من خلاله الدار مبيعات مهمة وسيصدر قريبا مترجما الى العربية، هو كتاب مهم يشرف الدار لأنه يقدم حقائق معينة من تاريخ المغرب بكل وضوح دونما كذب أو تزوير، وهو بالتالي سيساعد الباحثين على كتابة تاريخ المغرب المعاصر الذي لم يكتب لحد الآن. كما أن كتاب «تازمامارت: الزنزانة رقم 10» لأحمد المرزوقي الذي ستصدر ترجمته العربية عن الكاتب قريبا، هو كتاب مهم ويكشف عن مرحلة معينة من تاريخ المغرب التي كان يراد لها أن تظل طي الكتمان. هذا ناهيك عن كتب أخرى حول التاريخ والجغرافيا التي تقدم للقارىء معلومات دقيقة عن المغرب حسب الجهات.

* ما هي المعايير التي تعتمد عليها الدار في اختيار الكتب وهل لديها لجان للقراءة؟

ـ طبعا لدينا لجان للقراءة مكونة من باحثين في الآداب والتاريخ وكتبيين وجامعيين، ومن أناس يهتمون بشكل كبير بالكتاب والقراءة. ونحن نشتغل بشكل مستمر مع لجان القراءة لأن قانون الدار واضح في هذا الاطار بحيث لا يمكن طبع أي كتاب إلا إذا وافقت عليه لجنة القراءة. أما المعايير الأساسية التي تعتمد عليها لجان القراءة بالدار هي أن يكون الكتاب جيدا وذا قيمة معرفية معينة ولا تعير اهتماما كبيرا لاسم الكاتب بقدر ما تهتم بما سيقدمه للقارىء وهذا مبدأ لن تحيد عنه الدار أبدا.

* كيف هي علاقة دار طارق للنشر بالكاتب؟

ـ علاقتنا بالكاتب واضحة جدا، فليس هناك كاتب صدر له عن الدار كتاب ولم يوقع معنا عقدا، باستثناء الذين تربطنا بهم علاقات معينة ويضعون فينا الثقة الكاملة ولا يوقعون العقود إلا بعد صدور الكتاب. كيفما كان الأمر فنحن نؤكد على عملية العقود حتى تظل علاقتنا بالكاتب علاقة واضحة.

* ما هي الكتب التي حققت مبيعات مهمة للدار؟

ـ الرقم الأول في مبيعات الدار هو كتاب «تازمامارت: الزنزانة رقم 10» لأحمد المرزوقي الذي بيعت منه عن دار طارق لوحدها حوالي 21 ألف نسخة. وعن «دار كاليمار» الفرنسية التي بعنا لها حق اصدار الكتاب في سلسلة «فوليو بوش»، بيعت منه حوالي 25 ألف نسخة، وفي المجموع وصل الكتاب الى 50 ألف نسخة. والرقم الثاني هو كتاب «أبطال بلا مجد» للمهدي بنونة الذي وصلت مبيعاته في ظرف سنة 12 ألف نسخة، وهو كتاب نفتخر به كثيرا لأنه كتاب يتطلب مجهودا من القارىء لفهمه وتلمس أبعاده، وهذين الكتابين بيعا بشكل كبير في فرنسا. والرقم الثالث هو كتاب اينياس دان «مغرب الآمال المحبطة» الذي تجاوزت فيه الدار 6000 نسخة، ثم كتاب «ذاكرة الآخر» لابراهام السرفاتي وكريستين دور الذي وصلنا فيه حوالي 5000 نسخة.

* ما هي المعيقات الأخرى للنشر والقراءة بالمغرب؟

ـ هناك الغياب التام لتقدير الكتاب والقراءة وأهميتهما في المغرب. ففي تونس مثلا نجد مكتبات في كل الأحياء، وحينما يصدر ناشر تونسي كتابا ما تقتني الدولة 1000 نسخة منه ولا تضعها في أماكن معينة وتهملها بل توزعها على المكتبات العمومية. وهذا الأمر بالطبع يشجع النشر ويعمل على تطويره وبلورة الثقافة الوطنية، ولهذا فالناشر التونسي بامكانه الاشتغال بحرية ودونما قلق من معدل المبيعات أو حتى من منافسة الكتاب الأجنبي. وهو عكس ما يحدث لدينا لأن السوق المغربية تعج بالثقافات المستوردة والتي لا شك أنها ستتزايد خصوصا مع اتفاقية التبادل الحر التي يوقعها حاليا المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي لم تتم فيه الاشارة الى الجانب الثقافي، وهو ما يجعل الباب مشرعا لأميركا التي ستفرض على المغرب ما تشاؤه هي من اصدارات، وهذا خطر كبير سيضر بالثقافة الوطنية بالمغرب. هذا بالاضافة الى العديد من المشاكل التقنية التي تواجه الكتاب وعلى رأسها التوزيع، لأن المغرب يعرف خصاصا كبيرا في هذا المجال ولا يتوفر على موزع بالمواصفات المطلوبة. ثم هناك المكتبات التي بدأت تقفل أبوابها بشكل نهائي أو تتحول الى تجارة أخرى وبالخصوص تجارة مستلزمات المكاتب ولوازم الدراسة.

* سيكون العالم العربي ضيف شرف الدورة 56 لمعرض فرانكفورت للكتاب الذي سينظم في أكتوبر 2004، فهل هناك استعداد معين من طرف دور النشر العربية وبالخصوص المغربية لتقديم الكتاب العربي بشكل جيد في هذا المعرض؟

ـ لقد بادرنا بالاتصال بسفارة ألمانيا بالمغرب وأبلغناها أن اسناد مهمة تنظيم هذه التظاهرة لجامعة الدول العربية خطأ كبير، لأنه لحد الآن لم نتوصل بأي مراسلة من طرف الجامعة العربية ولا من الجهات التي تمثلها بالمغرب. الألمان طبعا كانوا يرغبون في محاور واحد فيما يخص العالم العربي، ولكن باعتقادي فقد أخطأوا لأن الجامعة العربية لا علاقة لها بالناشرين العرب وليست لها القدرة ولا الكفاءة لتنظيم مثل هاته التظاهرات. وبالفعل فقد أبلغناهم هذه الملاحظات وقلنا لهم انه يجب الاتصال بالناشرين لأنهم هم المعنيون بالأمر.