طارق علي في محاضرتين بالقاهرة: الثقافة بشكلها الحالي تشجع التقليد

TT

أثارت المحاضرتان اللتان ألقاهما الاسبوع الماضي بالجامعة الاميركية بالقاهرة الكاتب البريطاني الجنسية، الباكستاني المولد، طارق علي الكثير من الجدل وردود الفعل في أوساط الكتاب والمثقفين المصريين، وتبلور ذلك في المداخلات والأسئلة الساخنة، والحضور الكبير الذي شهدته المحاضرتان وبخاصة حول العلاقة بين الأدب وواقعيته والسوق، وما تتضمنه من قضايا أخرى اقتصادية وثقافية وسياسية وغيرها.

تحدث طارق علي في محاضرته عن صناعة النشر في الدول الغربية حيث «يشتري الناشرون العديد من دور النشر الصغيرة ليخلقوا صورة مزيفة عن التنوع الثقافي ولكنهم في الحقيقة يعيدون كتابة وطبع ونشر نفس العمل».

وقال علي ان الثقافة بشكلها الحالي تشجع التقليد وتكره الابداع، وهي ثقافة تتبع الموضة في السينما والكتب وجميع الاشكال الأخرى، «وهذا يفسر ان افضل الكتب العربية لم تترجم الى لغات أجنبية وأفضل الأفلام السينمائية من ايران وتايوان لا تعرض في أوروبا وأميركا، أو بالأحرى ليست مشهورة هنا».

وأضاف: «الحياة الفكرية توقفت عن النمو، وهذا لا يعني طبعا انه لا يوجد مفكرون أو فنانون علمانيون، فالقرن الماضي وحده قدم ناظم حكمت وفايز احمد فايز وعبد الرحمن منيف ومحمود درويش وفاضل اسكندر ونجيب محفوظ ونزار قباني وغيرهم، هؤلاء روائيون وشعراء وسينمائيون لا تجد مثلهم في مجال العلوم الاجتماعية، نقاد الفكر الديني ليسوا بهذا الوضوح، المحاولة هي خلق مثل هذا الفضاء في عالم الاسلام وفي الغرب، فضاء يمكن الدفاع فيه عن حرية الفكر والخيال من دون خوف من الاضطهاد أو الموت من جراء صدام الأصوليات الدينية والامبريالية، الخطر هو الثقة المفرطة لدى كلا الطرفين في صلاحية نموذجه وأحقيته في البقاء باعتباره يملك الحقيقة الكاملة».

واشار المحاضر إلى ان محاولات التعصب الثقافي مصيرها الفشل، لان الثقافات تتسم بالتداخل والتفاعل، والنقاء الثقافي ادعاء غير صحيح، وهذا يفسره ابن رشد مثلا عندما تحدث عن المساواة بين الجنسين في العصور الوسطى قبل أوروبا بزمن طويل لأن المجتمع لا يمكن ان يتقدم اذا كان 50 بالمائة من سكانه لا يستطيعون المشاركة في الحياة اليومية، بل ولا يستطيعون المشاركة في الحكم. والآن وبعد قرون يتحدث الكتاب المصريون عن المساواة الجنسية مرة أخرى، فالافكار لا تنتمي الى ثقافات أو شعوب بعينها بل تنمو وتتداخل عبر العصور».

وتحدث أيضاً عن تدهور النقد الادبي وقال: «لا أحد ينظر الى النص الادبي الآن»، وأضاف «اذا كنت لا تبالي ولا تعترف بضرورة نقد وتحليل النص في ظل الظروف التاريخية الاجتماعية والاقتصادية التي كتب فيها فلماذا تدرس الادب، الافضل ان تستقيل وتعين نفسك مستشارا بالبنتاغون».