ثقافة مثلثة الأبعاد

تقرير «اليونيسكو» يدعو للحفاظ على التراث الإنساني

TT

شدد التقرير الثقافي العالمي لعام 2000 الذي اصدرته منظمة «اليونيسكو» حديثا على توسيع نظرة الانسانية لتراثها الانساني واضافة المهمش والمسكوت عنه من هذا التراث الى حركة الحياة الموارة بالرؤى والافكار المتجددة على شتى الأبعاد.

وناقش التقرير في فصوله التسعة عشر عدداً من القضايا التي تشغل في الحياة الثقافية، لا سيما التنوع في هذه الحقبة للعولمة، وكيفية ادراج بعد ثقافي في طريقة تقييم التنمية البشرية، والى أي مدى تهيمن هوليود على السينما في العالم، وما هو مستقبل (الاستثناء الثقافي)، وكيف يمكن التوفيق بين التنوع الثقافي والهوية القومية، أو تقديم تعريف للظلم الثقافي والاعتراف بهوية ثقافية، وغيرها من القضايا التي تتعلق بالكتب والمهرجانات، والمواقع الأكثر اقبالا لدى الدول الأعضاء في اليونيسكو.

وفي تقديمه للتقرير حذر مدير عام اليونيسكو كويشيرو ماتسورا من العلاقة الحساسة بين الهوية والتعبير الثقافيين باعتبارهما قيد امتحان دائم، مؤكداً ان هذا يترجم لدى البعض بالانكفاء على مفهوم ضيق للهوية الثقافية يقوم على نبذ التنوع، واذا جرى استغلال هذه الظاهرة سياسياً أو تم تأجيجها بفضل عوامل أخرى فسرعان ما تصبح الثقافة عاملا من عوامل النزاع بدل ان تكون من عوامل السلام.

ولفت ماتسورا الى ان سرعة التحولات الاجتماعية والاقتصادية لا تنسجم وايقاعات الثقافة التي تقاس غالباً بقياس التجربة ومراحل الحياة، بل بأجيال وليس بواسطة جزئيات الثواني كما يحصل في الشبكات الرقمية.

وأضاف ان على اليونيسكو وشركائها العديدين ان يعملوا بسرعة على البحث عن الوسائل من أجل صون اللغات والعادات والفنون والخبرات لدى المجتمعات الأكثر وهناً في مواجهة التغيير الذي يزيل كل شيء من طريقه، موضحاً ان قائمة التراث العالمي تحتوي على 630 موقعاً (480 موقعاً ثقافياً و128 موقعاً طبيعياً و22 موقعاً مختلطاً)، وقد بلغت هذه القائمة درجة عالية من النجاح بحيث يتم اقتراح حوالي الثلاثين موقعاً كل عام لتدرج في القائمة وغالباً ما يتم اعتمادها كلها، ولكن اليونيسكو على بينة من مخاطر ان تتركز محتويات القائمة على نوع معين من تاريخ الفن الكلاسيكي، لتتمحور حول دراسة المعالم والحضارات الأساسية في العالم.

وأشار التقرير الى ان هناك مناطق لا يوجد فيها تراث معماري تبقى قليلة التمثيل في هذه القائمة، حتى وان كانت لديها حواضر بشرية ونظم بيئية، وأساليب استخدام للأرض والمساحة، ومواقع غير مبنية ذات دلالات ثقافية وروحية، ينبغي ان تعطيها الشرعية في ان تكون مدرجة على قائمة التراث العالمي، كما لفت عدد من كتاب التقرير الى ان الحياكة اليدوية في الهند (المهددة بالانتاج الصناعي)، ومتحف الدمى التقليدية في اليابان، وبعض الصناعات اليدوية الافريقية، والحياة اليومية لساحة جامع الفناء في مراكش، وغيرها من الحالات ذات التأثير الواضح في حياة الجماعة، من حقها ان ينظر إليها كجزء من التراث الثقافي للانسانية ويتم التعامل معها على هذا الأساس.

وطالب التقرير بألا تهمل سياسة التنمية في حسبانها البعد الثقافي، من منطلق ان وعي الخيارات السياسية المتصلة بالتراث الثقافي، كما أن علاقة هذا التراث بغيره من شأنه أن يبلور خريطة ثقافية مثلثة الأبعاد لثقافات العالم تساهم في رسم مجتمعات القرن الحادي والعشرين.