حالات التباين الإنساني في لوحات المصري وجيه وهبه

TT

مغامرة فنية تعبيرية تجريدية يجسدها الفنان وجيه وهبه عبر 37 لوحة ضمها معرضه الجديد الذي اقيم حديثا في قاعة ابداع للفنون بالقاهرة.

يطل وهبه في معرضه على اعماله السابقة يعيد بناءها برؤى جديدة مضيفا اليها نثارات لونية مختلفة أو يعيد تشكيل الكتلة أو طمس بعض الضوء أو نقله لمنطقة اخرى باللوحة.

ويقدم مجموعة يسميها «الزرقاوية» تحمل اللون الازرق بدرجاته متنقلا بين البنفسجي واطياف من الابيض الذي يفاجئك في مساحات صغيرة أو كبيرة تبعا للمعنى المستتر وراءه. وهناك مجموعة اخرى يكون بطلها الانسان وعلاقته مع الجنس الآخر في ماضيه وحاضره. ويلعب الخط الدور الفيصل في تحديد ماهية هذه العلاقة كما يكشف عن جدلية تحققها أو لا تحققها في الوقت نفسه.

وهناك مجموعة ثالثة يبدو فيها الانسان مربوطا بمجموعة كتل زمنية أو جغرافية تشكل الحدث التراجيدي، ويتماهى الانسان بهذه الكتل حتى يصبح جزءا منها.

ومن ثم تشكل حالات التباين الانساني الهم الرئيسي في اللوحات، فتجسد واحدة منها حالة افتراق شخصين حيث يظهر التباين في حالة الاثنين، حيث المرأة مكتسية باللون الاحمر البرتقالي دلالة على حالة صراع وصخب ويرتفع رأسها الى أعلى متطلعة الى أمل وذراعها الظاهرة خلف الجسد في حالة تأهب، وتظهر انوثتها على شكل طيف لملامح جسدها والشخصية الآخرى تمثل الذكر وهو مليء بالأزرق النيلي دلالة على الحزن ورأسه منكسرة الى اسفل وتتشابك ذراعه ممسكة الأخرى متلمسا من نفسه الامان.

وخلفية اللوحة هي الحالة الدرامية الجامعة للشخصين، تنقسم من اعلى الى اللون الاخضر وراء المرأة المتطلعة لأمل، واللون البرتقالي وراء الرجل، ثم خط داكن رفيع يقسم اللوحة عرضيا، فيجتمع الاثنان في منطقة من الابيض تحتل الجزء الاكبر وكأن الفنان يريد أن يدلل من خلالها على نقاء العاطفة غير المتحققة.

وفي لوحة اخرى من المجموعة الزرقاوية تبدأ فتاة نحيلة كفراشة على الكرسي الساكن بجوار النافذة، وهي مائلة برأسها الى الأمام وشباكها المفتوح يبدو كمرآة فضية لا تعكس شيئا. الفتاة لا تنظر من النافذة لكنها منشغلة بالحالة الدرامية للوحة وهي حالة اللون الازرق الداكن بدرجاته المتفاوته تكاد توحي احيانا بالرومانسية الشديدة التي تسجن صاحبها داخلها.

اما النافذة التي تبدو بقعة كبيرة من الفضي المضيء فتعكس حالة العالم غير واضحة التفاصيل كما تعكس اللوحة العلاقة بين الشخصية والمكان بزخمها الروحي والنفسي وهي علاقة تتضافر في تكوينها عناصر الداخل والخارج معا.