الإنسان وواقعه في معرض مصري

TT

نظم الفنان أحمد عبد الحميد حديثاً معرضاً بأتيليه القاهرة تحت عنوان «أيام في الشونة» عرض فيه مجموعة من اللوحات استوحاها من واقع قرية «الشونة» بالأسكندرية والتي تشكل مرسماً جماعياً لفئات الفنانين التشكيليين من مصر ومعظم أنحاء العالم.

تطرح لوحات المعرض الحدود الفاصلة بين الانسان والآخر والتي تعكس قضايا الواقع المعاصر أو حالة اغتراب الشخص داخل نفسه أو داخل وطنه نتيجة الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية. ويولي الفنان العنصر الإنساني في صراعه مع الكتلة المكانية أو مع شخص آخر اهتماماً خاصاً يتضافر مع استخدامه البحر بلونه الأزرق كمرآه عاكسة لدراما الحدث وكذلك اللون الأحمر ليعبر عن الصراع أحياناً أو تلمس الدفء أحياناً أخرى، اضافة إلى استخدامه للكولاج بإضافة عناصر مادية من الواقع كقطع دانتيل أو سلك بلاستيك أو مقصوصات من الصحف ليقرب اللوحة من المفردات الحياتية العادية التي تلتصق بالإنسان في واقعه اليومي.

في احدى اللوحات يبرز حضور قوي لشخص مفعم بالصراع يكثفه اللون الأحمر الدموي الذي يملأ الجسد الصامت كله من الرأس إلى القدم وتقطعه بعض الخطوط البيضاء الرفيعة أو الصفراء لتعبر عن بصيص السكون الذي ننشده وتتطلع إليه روح هذا الإنسان المتصارعة، كما تعكس بعض البقع اللونية الداكنة حدة الصراع ووصوله إلى مرحلة عدم اليقين حيث يقف الشخص في مقدمة اللوحة وأمامه مرآة تتماوج بلون البحر الأزرق والأبيض تعكس الحالة الدرامية للوحة وهي الحدود القريبة جداً والفاصلة جداً بين هذا الشخص وما يقع من أحداث حوله. ويعبر هنا الفنان عن هذه الأحداث بالكولاج لصورة لجزء من مبنى التجارة العالمي وهو يقف متصدياً في مواجهة الشخص، وتبرز في الخلفية كتل لونية صماء من الأصفر ودرجات أخرى تعبر عن أحداث وشيكة الوقوع ويظهر خط أحمر فاصل في البعد الأخير يحمل جزءاً من صورة لنفس المبنى وتكرار صورة المبنى في الأفق هو تأكيد من الفنان على عدم القدرة على الخروج من المأزق حتى في الحلم.

وفي لوحة أخرى تبدو المساحة الخلفية كسماء زرقاء داكنة يحجبها حائط فاصل، وهناك شخصان في حالة حوار خاص في جانب اللوحة وشخص على الجانب الآخر في حالة من التأمل والانتظار وعلى الجانبين تخرج من الأشخاص خطوط متمايلة توحي بالعزف على أوتار موسيقية مشدودة وكأن كل منهم موثق بعالمه ومشدود إليه بشكل أبدي رغم محاولة الخروج. ويبدو عند النظر لمركز اللوحة أن هناك خطاً وهمياً فاصلاً يشي بالحدود بأن ثمة حدوداً غير مرتبة بين هؤلاء الأشخاص برغم تقارب المسافة وتوحد اللحظة.

وبرغم النزوع التجريدي في معظم اللوحات إلا أن الفنان استطاع أن يعبر بتفاصيل كثيرة بالكتلة اللونية والمكانية عن حالة الإنسان وجسده المجرد الصامت المسجون داخل ايقاع دراما الحدث.