لوحة معدنية «تعيد الاعتبار» لإزرا باوند لعراب الشعر العالمي الحديث

TT

للمرة الاولى منذ ستين سنة «أعيد الاعتبار» لعراب الشعر الحديث إزرا باوند، من خلال الموافقة على رفع لوحة معدنية على البيت اللندني الذي سكنه بين عامي 1905 و 1914 . وقد اتخذت القرار، الذي لقي صدى طيباً في الأوساط الثقافية والأكاديمية البريطانية والأميركية، مؤسسة التراث الإنجليزي.

ومن المعروف إن الشاعر الأميركي المولد اتخذ مواقف مؤيدة للفاشية والنازية خلال الثلاثينات والأربعينات. وقد أعلن بصراحة مواقفه هذه حين كان في إيطاليا من خلال عدة أحاديث إذاعية دافع فيها عن هتلر وموسوليني. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 اتهم بالخيانة العظمى، وبمعاداة السامية، ولكن لم يتعرض للمحاكمة لـ«عدم سلامته العقلية»، وتحت ضغط قسم كبير من الكتاب والمثقفين الذين لباوند عليهم فضل كبير.

فبالإضافة إلى ريادته المتفق عليها للشعر الاوروبي الحديث، لعب باوند دوراً كبيراً، ربما لا يضاهيه أحد في مختلف العصور، في تقديم عشرات الكتاب والشعراء. فهو الذي ساعد جيمس جويس على النشر ، بعدما كان ضائعاً في شوارع باريس، وعمل على تنقيح قصائد وليم بتلر ييتس، بعدما عمل لفترة طويلة سكرتيراً له. وكذلك الأمر مع د. هـ . لورنس، وحتى طاغور. وتجلت موهبته في مساعدة الكتاب الآخرين أكثر ما تجلت في موقفه من زميله، العملاق الآخر، تي.أس. إليوت، الذي عرض عليه، كما هو معروف، قصيدته الطويلة «الأرض اليباب»، فاختزلها إلى ما يقرب النصف، وأطلقها لتشعل ثورة في الشعر الحديث امتدت إلى منطقتنا العربية. ولم ينس إليوت فضل باوند هذا، فأهداه القصيدة تحت إمهار «إلى إزرا باوند.. الصانع الأمهر»، وقال عنه فيما بعد «إن باوند هو المسؤول عن ثورة الشعر الحديث في القرن العشرين بشكل لا يمكن أن يضاهيه فيه أحد».

لكن هذا «التكريم» المتأخر، من خلال هذه القطعة المعدنية الصغيرة ، يكشف أيضاً، وربما الدرس هنا، أن الشعوب لا يمكن أن تغفر ببساطة خيانة المثقف حتى لو كان إزرا باوند. وبالطبع ستبدأ حملة مضادة لهذا القرار خاصة من اللوبي اليهودي الذي بدأ للتو للتحرك من خلال تصريح المدير العام للمجلس اليهودي بيفيل ناغر، الذي قال إنه يأمل أن لا تكون هذا اللوحة مقدمة لغفران آرائه.