رجل يولد شيخا ويكبر بطريقة معاكسة

أندرو شين غرير في رواية جديدة تذكر بصاحب «البحث عن الزمن الضائع»

TT

البطل في رواية اندرو شين غرير الجديدة الموسومة «اعترافات ماكس تيفولي» يولد شيخا ـ يبدو مثل قزم خرافي عجوز ـ ويصبح أكثر شبابا كلما تقدم به العمر، وفي الستين أخذ يلعب بصندوق الرمل مع أطفال آخرين. في عرض للرواية في صحيفة «النيويوركر» كتب جون أبدايك يقول انه «شأن بروست، يقدم غرير الحياة باعتبارها عزلة أساسا، ومنفى من الحاضر يتجدد دائما، وطائفة متغيرة من الأشباح الجميلة لا يمكن لشيء سوى عبقرية الوصف أن تستوعبها سريعا».

وعندما ذكر ذلك التعليق أمام غرير في مقابلة أجريت معه أخيرا قال «أنا مثل بروست. يا الهي!»، وارتسمت ابتسامة عريضة على محياه.

وقد حقق أندرو شين غرير، البالغ ثلاثة وثلاثين عاما والذي أصدر كتابه الثالث وروايته الثانية، نجاحا كبيرا، وهو محاط بتقدير نقدي رفيع. وستنشر روايته الحالية قريبا في دول أخرى في أنحاء مختلفة من العالم.

عند تقديمه لغرير في قراءة في احدى قاعات مانهاتن قال الكاتب بيتر كاري «هذا شخص لا يمتلك فقط القدرة على تخيل قصة حب حول رجل يولد شيخا ويكبر بطريقة معاكسة، وانما كاتب لا يخشى العاطفة. بل وقد يجعلنا نبكي».

وكل هذا ترك الكاتب مندهشا. أيمكن لهذا أن يحدث؟ إنه سؤال يمكن أن يطرح حول ماكس تريفولي نفسه. ولكن الكتاب اكثر من مجرد فكرة ذكية. فهو مثل الكاتب الروسي نابوكوف في روايته الشهيرة، يركز على هوس رجل شيخ بشابة صغيرة. وقد روى سكوت فيتزجيرالد قصة ذات صلة في (قضية بنجامين بوتون المثيرة للفضول)، ويعود مصدر الالهام في ذلك الى ملاحظة مارك توين من أن أفضل جزء من الحياة يأتي في البداية وأن الجزء الأسوأ يأتي في النهاية. وفي وقت لاحق اكتشف فيتزجيرالد» حبكة مماثلة تقريبا في (دفاتر ملاحظات) التي ألفها صموئيل بتلر. وفي (السيف والحجر) التي قرأها غرير في طفولته يكبر ميرلين بطريقة معاكسة. ويأخذ غرير الأمر الى ما هو أبعد من ذلك، عائدا بها حتى الميثولوجيا الاغريقية، ومتقدما بها نحو (مورك ومايندي) الذي يلعب فيه جوناثان وينترز دور طفل.

والحقيقة أنه عندما بدأ الروائي عمله، كان يفكر بصورة أكبر ببوب ديلان. وفي عام 2001، وعندما نشر مجموعة قصصية، وكان يواصل كتابة روايته، وجد نفسه يوقع «صفحاتي الأخيرة». يقول عن هذه التجربة: «كنت أكبر كثيرا عندئذ، وأنا الآن أصغر من ذلك. كنت في حالة أقرب إلى التجلي. واعتقدت أن ذلك يمكن أن يكون كتابا لا يشبه أي شيء كتبته سابقا. فقد بدا مثل مغامرة جامحة لن يرغب أحد بقراءتها، ولكن يمكن أن تكون ممتعة الى حد كبير، وربما يكون سر جاذبيتها كامنا في ذلك».

وبعد الانتهاء من الرواية الموسومة «طريق الكواكب الصغيرة»، التي نشرتها دار بيكادور في سبتمبر 2001 وجرى تجاهلها في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، اتجه نحو الكتاب الذي أصبح «اعترافات ماكس تيفولي». وفي خاتمة المطاف اختفى ديلان وتوجه الرمز الى بروست. وعلى الرغم من كل المقارنات يقف الكتاب متميزا كرواية زمن تجري أحداثها في نهاية القرن العشرين. انه يتعامل مع الزمن باعتباره أعظم كفيل بتسوية الاشكالات، وهو بالمعنى البيكيتي (نسبة الى بيكيت) التقاء الميلاد بالموت. وهو أيضا حول الناس الذين يقومون حسب تعبير غرير بـ«اعادة التعامل مع أوراق اللعب»، ويجرون تغييرات هائلة في حياتهم.

ولد غرير في واشنطن واحدا من توأمين، أما شقيقه مايكل فهو روائي أيضا. فهل كونه توأما يؤدي به الى التفكير بلغة الصور المزدوجة؟ يقول عن شقيقه: «مايكل يعيش في بروكلين، ولديه صديقة رائعة. وأرى فيه الحياة التي ربما عشتها»، مضيفا «ذلك ما أفعله عندما أكتب القصص».

مارس غرير الكتابة منذ أن كان مراهقاً، وكتب عن «الأشخاص الذين يمارسون الابتزاز في المدرسة. ويتذكر ان معلمته في الصف الخامس السيدة بوبي أعطته أعلى درجة على رواية صغيرة له، قائلة «كم أنا متلهفة لقراءة روايتك الحقيقية الأولى».

وألف كتابا وهو في السادسة عشرة من العمر وكان تقليدا لرواية «مرتفعات ووذرينغ»، وبعد سنوات عدة كتب نسخته الخاصة من «السائح غير المتوقع». وكان ذلك جزءا من عملية التعلم. وقال «انها فكرة من طراز قديم أن يقوم المرء باستنساخ الكتاب القدامى العظام. ان تراكم التأثيرات علي هو الذي جعلني كاتبا في المقام الأول».

وفي جامعة براون درس مع روبرت كوفر وادموند وايت، وقد عبر عن ثقته بكوبر قائلا انه «شجعنا على القيام بكل شيء باستثناء السرد التقليدي»، وبوايت لتميزه «بموقف مثقف وذكي تجاه الأدب». وقد تذكر كوبر، وهو يتحدث على التليفون، غرير باعتباره «كاتبا شابا يتسم بأسلوب خاص وبراعة لاذعة».

* خدمة «نيويورك تايمز»