الكاتبة الأردنية نورما خوري تعترف بأن معظم رواية «الحب المحرّم» من نسج الخيال

ناشر القصة عن جريمة شرف تأثرت بها الابنة الكبرى لنائب الرئيس الأميركي يقرر إتلاف عشرات الآلاف من النسخ

TT

اعترفت الكاتبة الأردنية نورما خوري، مؤلفة رواية "الحب المحرّم" عن جريمة شرف وقعت في الأردن قبل 8 سنوات، بأنها زورت أجزاء من روايتها التي ذكرت في مقدمتها أنها كانت من واقع الحياة في عمان.

وقالت للتلفزيون الاسترالي مساء أول من امس: "لا اقول انني أنكر انني كذبت. وانما اقول انني اعتذر لجميع القراء والناشرين والوكلاء لانني لم ارو عليهم قصتي الشخصية كاملة".

وذكرت في تعليقات اذاعتها وسائل الاعلام الاسترالية على نطاق واسع أمس الاربعاء "لكنني لم أكذب بشأن وجود داليا أو بشأن قتلها أو بشأن حياتها الحقيقية. لن أصف الكتاب بأنه خيالي ولن أصف الكتاب بأنه قصة".

أما دار نشر راندام هاوس استراليا وهي وحدة تابعة لمجموعة النشر الالمانية بيرتيلسمان فقالت ان نورما خوري فشلت في تقديم ادلة كافية لدحض مزاعم ضدها وان الشركة لن تنشر الجزء التالي من السلسلة وعنوانه "مسألة شرف".

وقال لاري فندلاي مدير شركة ترانسويرلد وهي وحدة تابعة لمجموعة راندام هاوس جروب ليمتد في بريطانيا للاذاعة الاسترالية امس "اذا كانت هناك اختلافات خطيرة في الحقائق.. وهو ما اعترفت به.. فكيف نعرف ما هي الاجزاء التي نصدقها".

واتلفت الدار آلاف النسخ لديها من هذه الرواية التي تتحدث عن جريمة شرف زعمت كاتبتها الأردنية نورما خوري أنها جرت معها بالذات قبل 8 سنوات في عمان.

وكانت الرواية قد أثارت ضجة منذ صدورها بالإنجليزية قبل عامين، لسردها تفاصيل جريمة شرف ذهبت ضحيتها فيها صديقة أردنية للكاتبة، اسمها داليا، وهي مسلمة أقامت علاقة عاطفية عام 1995 مع شاب مسيحي ثم انتهت بعد عام بإقدام والدها على قتلها، ففرت الكاتبة من الأردن من بعدها بأشهر خشية القتل، إلى اليونان حيث كتبت روايتها هناك في مقاه للإنترنت، ثم طلبت اللجوء في أستراليا، فمنحوها حق الإقامة المؤقتة عام 2002 مع زوجها وابنيها، وهناك نشرت روايتها التي باعت منها 250 ألف نسخة وأضعاف هذا العدد في أوروبا والولايات المتحدة عبر 16 دارا للنشر قامت بتوزيعها في 15 دولة، فاشتهرت بين القراء إلى درجة أن إليزابث تشيني، وهي الابنة الكبرى لديك تشيني نائب الرئيس الأميركي جورج بوش، تأثرت بها وبروايتها وراحت تقيم اتصالات معها بالهاتف والبريد الإلكتروني وتشجعها، فأرفقت نورما خوري نسخا من تلك الاتصالات مع طلب اللجوء، وبعد شهر حصلت على موافقة بالإقامة مع رسالة وصلت إليها من وزيرة الهجرة، أماندا فانستون، بالذات.

لكن ناشطة نسائية أردنية في عمان كشفت أن "الحب المحرّم" ليست رواية واقعية بالمرة وكاتبتها لا تستحق التمتع بوضع لاجئ، ولا أن تباع روايتها في الأسواق، ولا أن تنال جائزة عالمية أسترالية في الرواية الواقعية، حصلت عليها منذ عام، بل تستحق أن يقاضيها أحدهم لتقف في قاعة محكمة تدينها على إساءتها للأردن والإسلام والتلفيق الأدبي. لذلك، وعلى إثر هذه الضجة التي بدأت منذ أسبوعين، قامت "راندوم للنشر" بسحب الرواية من المكتبات ريثما تتحقق من الشكوك، طالبة من الكاتبة في الوقت نفسه أن تثبت واقعية روايتها في مهلة انتهت ظهر الثلاثاء الماضي. لكن الكاتبة، التي غادرت أستراليا إلى الولايات المتحدة منذ بدأت الضجة، قدمت بعض الأوراق والوثائق لدار النشر وجميعها بالعربية عند الموعد المحدد، ومعها قدمت نتائج خضوعها قبل 3 أيام بنيويورك أمام جهاز بوليغراف للكشف عن الكذب، قالت إنها جاءت لصالحها حين ذكرت أمام الجهاز أنها عاشت في الأردن منذ ولادتها عام 1970 وحتى مغادرتها البلاد قبل عامين إلى أستراليا، فردتها دار النشر إلى محاميها طالبة شروحا، خصوصا أن جميع تلك الوثائق كانت عبارة عن صور غير أصلية بعثت بها إلى محاميها بالفاكس من الولايات المتحدة، كما أرسلت منها نسخا إلى المركز الرئيسي في لندن لفحص محتوياتها "فاتضح أنها لم تكن كافية لتثبت أن صاحبتها كانت تعيش في الأردن ولم تكن تقيم في الولايات المتحدة، فاتخذنا قرارا بالتوقف النهائي عن بيع هذه الرواية وعدم نشر رواية ثانية للكاتبة كنا سنطرحها في الأسواق أواخر هذا العام" بحسب ما ورد في بيان "راندوم للنشر".

وكانت نورما خوري قد وعدت مرارا عبر بيانات من محاميها في أستراليا بأن تثبت "بما ليس فيه مجال للشك" واقعية روايتها، مهددة في الوقت نفسه بمقاضاة الناشطة النسائية الأردنية، بل تحدتها مرة عبر الصحافة الأسترالية بأن تقبل بمناظرة علنية معها حول روايتها التي تزعم فيها أنها غادرت الأردن بعد أشهر من مقتل شريكتها وصديقتها أواسط التسعينات، فيما تقول الناشطة النسائية الأردنية إنها كانت تقيم طوال تلك الأعوام في ولاية شيكاغو بالولايات المتحدة عندما كتبت عن العام الذي وقعت فيه أحداث الرواية، حيث تورد نورما خوري تفاصيل عن صديقتها التي شاركتها في فتح صالون تصفيف للشعر للجنسين بعمان، وبه وقعت داليا في حب أحد الزبائن، وهو جندي مسيحي كاثوليكي بالجيش الأردني اسمه ميشال. وعندما علمت عائلتها بتفاصيل "الحب المحرّم" غضبت وثارت فطعنها والدها 12 طعنة بسكين مطبخ حتى الموت، لكنهم اكتشفوا بعد تشريح جثتها أنها كانت ما تزال عذراء عند مقتلها.

وكانت الناشطة النسائية الأردنية، الدكتورة أمل صباغ، قد ذكرت عبر الهاتف من بيتها في عمان مع "الشرق الأوسط" قبل أسبوعين أن لديها ما يثبت أن خوري حاصلة على الجنسية الأميركية وقضت معظم حياتها في الولايات المتحدة وليس في الأردن، وأن لخوري زوجا وطفلين، ممن لم تشر إليهم إطلاقا في روايتها، مموهة بذلك تفاصيل ماضيها وحياتها المزدوجة عن الناشرين وعن وكيلها وعن عدد من محاميها في دول عدة، إضافة لدائرة الهجرة الأسترالية ثم عن الأهم، وهم قراء بمئات الآلاف اشتروا روايتها في دول بخمس قارات وطالعوها منجذبين على أنها واقعة حدثت تماما في بلد موصوف بأنه يشهد أكثر من 17 جريمة شرف كل عام، لكنه لا يمكن لأي شخص عاش فيه أن يرتكب أخطاء كالتي وردت في الرواية المكتوبة بإنجليزية أميركية متقنة، إضافة إلى أنه لا أحد في الأردن يتذكر ذلك الصالون الذي تتحدث عنه الكاتبة لتصفيف شعر الرجال والنساء، ولا حتى جريمة القتل التي سردت تفاصيلها. كما أنه لا أحد يتذكر أيضا أنه عرف في الأردن فتاة اسمها نورما خوري.

وتؤكد الدكتورة أمل صباغ، الأمينة العامة للجنة الأردنية الوطنية لشؤون المرأة، وهي هيئة تأسست عام 1992 وتضم 3 جمعيات نسائية وترأسها الأميرة بسمة، عمة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أن "الحب المحرّم" تتضمن العشرات من الأخطاء، كقول الكاتبة في الصفحة الثانية من الرواية إن نهر الأردن يمر بعمان، وإن الكويت تقع على حدود المملكة الهاشمية، إضافة إلى أنها كانت تملك صالونا للحلاقة (رجالي ـ نسائي) اسمه "إن أند دي" مشتق من الحرف الأول لاسمها والحرف الأول لاسم صديقتها وشريكتها القتيلة، داليا "علما أن قوانين الأردن لا تسمح بتأسيس صالون مشترك للحلاقة إلى الآن"، لذلك تقدمت الدكتورة صباغ قبل شهرين من داري النشر، الأسترالية "راندوم هاوس" والأميركية "سيمون آند شاستر" بنيويورك، اعتبار "الحب المحرّم" رواية خيالية، لكنهما رفضا الطلب رغم أنها زودتهما بأكثر من 73 خطأ وردت في الرواية "التي لا يمكن لمرتكبها أن يكون قد عاش في الأردن على الإطلاق" بحسب تعبيرها.

ونورما خوري حاصلة على الجنسية الأميركية ووالدتها، أسماء، تقيم إلى الآن مع أبنائها في ضاحية بجنوب شيكاغو وقد أصبح عمرها 64 سنة ومريضة بالسكري والقلب.

وكانت نورما خوري قد تزوجت من يوناني لها منه ابنان، هما كريستوفر، البالغ من العمر 11 سنة، وزوي الذي يكبره بعامين، واسمها الكامل هو نورما خوري البقاعين، وهاجرت إلى الولايات المتحدة مع عائلتها منذ كان عمرها 3 سنوات، حيث استقر الجميع في الولايات المتحدة، ثم حدث طلاق بين الأم والأب، فعاد الزوج إلى عمان وبقيت الأم مع أولادها في شيكاغو، وفيها اشترت بالتسعينات قرب مطارها الدولي بيتا عاشت فيه مع أولادها ريتا وديانا وميشال ووليام، وراحت تعمل في حقل التمريض بأحد المستشفيات، لكنها تقاعدت فيما بعد عن لاعتلال صحتها وبلوغها سن التقاعد.

وما طلبته دار النشر من الكاتبة كإثباتات على أنها كانت تقيم في الأردن منذ ولادتها حتى مغادرتها له قبل عامين هو شهادة ميلادها في المستشفى وشهاداتها المدرسية أو فيما إذا كان لها حساب بأحد البنوك في الأردن سابقا، لتستطيع الدار من بعدها الدفاع عنها ضد من يقولون إنها عاشت معظم حياتها في الولايات المتحدة باسم نورما خوري البقاعين توليوبولوس، وإنها كانت تملك سيارة في شيكاغو مسجلة باسمها طوال سنوات، وإنها كانت تملك بيتا هناك أيضا مع والدتها، حيث شاهدها العشرات من الجيران تقيم مع زوجها وابنيها بينهم في الحي، وإنها أقدمت على نشر روايتها في أستراليا بعد أن وجدت صعوبة في نشرها بالولايات المتحدة، حيث كانت دور النشر ستستغرب زعمها بأنها أمضت حياتها في عمان، وهي التي تعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة، بل ولها أرشيف قضائي في ولاية إلينوي عن دعوى قضائية مرفوعة ضدها هناك، إضافة إلى أنه لا أحد من ولديها تم تسجيله على أنه مولود في الأردن، ثم الأخطر: في شيكاغو شركة اسمها "ستيت فارم إنشورنس كومبني" للتأمين، اعترف مالكها ورئيسها العام ريتشارد كاولي، بأن نورما خوري البقاعين عملت لديه 6 أشهر في أواسط التسعينات.

وما قدمته الكاتبة للناشر الأسترالي عند انتهاء المدة التي منحها لها لتثبت بأنها كانت تقيم في الأردن، وليس في الولايات المتحدة، هو وثائق معظمه مموه تماما، ربما لكسب الوقت، ومنها صور عن جواز سفر زوجها اليوناني، وعليها طوابع الدخول إلى الأردن مع تواريخ بين عامي 1989 و1997 كما أن صور الجواز في معظمها غير واضحة.

وقد اتصلت "الشرق الأوسط" ثانية بالدكتورة أمل صباغ، لتسألها عما إذا كانت الهيئة النسائية التي تشرف عليها سترفع دعوى ضد الكاتبة أو دار النشر الأسترالية، فقالت بالهاتف من بيتها في عمان "إن كل الإمكانات أصبت مفتوحة الآن بعد أن قرر الناشر التوقف نهائيا عن بيع هذه الرواية.. هذا التوقف هو إقرار واضح بأن القصة غير واقعية تماما، وهو ما طالبنا به الناشر لأول مرة منذ عام تقريبا، لكنهم رفضوا". وقالت إن أي دعوى سترفع ستكون ضد الناشر "فقضيتنا هي معه بالذات. أما عن نورما خوري كمواطنة أردنية، فقضيتها من شأن السلطات في المملكة".