صافي ناز كاظم: جيل أفسدته الماركسية والفكر الغربي الإلحادي

TT

وتقول الكاتبة والناقدة المسرحية صافي ناز كاظم ان جيل الستينيات خدع بإرادته، ومجني عليه في مناطق كثيرة، وبالتالي أصبح جانيا أيضا، مثل شخص سليم جاء مصاص دماء ومص رقبته فتحول بالتالي الى مصاص دماء.

وتشير كاظم الى ان الثورة كانت في بدايتها حينما كان ابناء هذا الجيل في سن المراهقة، ويحملون احلاما في الثورة. وجيل الستينات لا يلام على ذلك، كما ترى، «لان الجيل الذي سبقه اكد له ان هذه الاحلام ستتحقق على يد الثورة، وتعلم هذا الجيل تعليما موجها، ثم اكتشف ان الخاطفين للحلم جهلة ومتعالون، ينطقون الكلام الكبير خطأ، ويحدث نوع من تبرير الخطأ بحيث يصبح سليما سواء في اللغة أو الصياغات أو السلوكيات، واكتشف هذا الجيل ان هذه المجموعة تمص دماءه وتسجن من لا يطاوعها اذا لم يصبح مثلها، ولم ينج منها الا من رحم ربي، وبالتالي كره ابناء هذا الجيل قيادة هذا الحلم مثل محمد ابراهيم أبو سنة». وتقول صافي ناز كاظم ان هذا الجيل هو الذي ولد بين عامي 30 و1940 ونشأ في عصر فيه فجوة بين الشعارات السياسية والواقع وفجوة بين المصطلحات الثقافية والمتلقي، فصار هناك من يقول كلاما لا يفهمه الناس، وهؤلاء ساعدوا على تعميق الاخدود، واصبحت هناك ازدواجات، وحدث شغب فكري، وتقلبات بسبب تعرض هذا الجيل للفكر الماركسي بكل أطيافه وان كان ساعدهم على ان يرطنوا، كما تعرضوا ايضا للفكر الغربي الالحادي وحقروا تراثهم وعرفوا تاريخهم عن طريق المستشرقين فأصبحوا مفكرين غير مفكرين، وروادا غير رواد، جعجعة بلا طحن، ثم جاءت مرحلة نقد الذات والتنكيل بالذات التي لم تكن في الاصل ذاتا».

هذه باعتقاد صافيناز كاظم مأساة جيل الستينيات، وسبب الاكاذيب التي مازالت مصر تعيش فيها.

هو جيل في رأي صافيناز كاظم اضطهد نفسه، والذي تميز منه يكره نفسه ويكره زميله الذي اصبح افضل منه، ولا يتعاطف مع زميله المجروح، مشيرة الى انها دائما تردد مقولة يونسكو في هذا الصدد «المستقبل للبيض» وان الذي يرفع معنوياتها الان وجود اجيال جديدة كالتسعينيات نجوا من ذبذبات جيل الستينيات.

وتشير كاظم الى وجود بعض جنود الحلم الثوري في جيل الستينيات وهم الذين اكتشفوا الزيف السياسي فعبروا عن ذلك، مؤكدة انهم اتفقوا على الرفض ولكن لم يتفقوا على الحلول. فنجيب سرور كشف اشكال الزيف في المجتمع الستيني لكنه لم يقدم سوى حل اخلاقي، وكرم مطاوع كمخرج اكتشف هذا الزيف، فاختلطت عليه الامور في النهاية، بالاضافة الى تأثر بعض ابناء هذا الجيل بأفكار الجيل السابق المناوئة للفكر العربي والاسلامي. ولا تنفي كاظم دور الماركسية في صناعة جيل الستينيات مؤكدة أن صبغة الستينيات الرئيسية كانت الصبغة الماركسية التي ترى أنها «خيبت» هذا الجيل. وتضيف ورغم ذلك لم يكن جيلا ماركسيا ولكن الطبقة العالية كانت صرخة ماركسية خائبة لم توصلنا لشيء ولم تحارب سوى نفسها والافكار الاسلامية وألقت بيننا العداوة والبغضاء.

وترفض كاظم وصف التحولات السياسية في حياة ابناء هذا الجيل بالانقلابات مؤكدة انها تحولات جاءت بسبب اندفاعهم وراء الوهم، فالانسان لا يستطيع ان يؤيد الوهم لمدة طويلة وتقول «لم اكتشف الخديعة الناصرية الا في نهايتها بداية من 68 وبعد النكسة جرؤت على تسميتها بالخديعة وكنت اعتقد ان جنود الحلم الثوري يستطيعون أن يدافعوا عن حلمهم، لكن اكتشف هذا الجيل في النهاية انه خدع وانه يسير في زفة هو الاطرش فيها».