فريدة النقاش: الاشتراكية صنعت جيل الستينيات

TT

وتقف على النقيض من صافي ناز الناقدة والكاتبة فريدة النقاش حيث تقول انه بالرغم من القيود على الحريات العامة في الستينيات، ورغم الضغوط التي مارسها النظام السياسي على المثقفين إلا أن البلاد كانت بصدد الدفاع عن مجموعة من الأهداف القومية والتحررية التي حدث حولها نوع من الاتفاق الوطني، وكان هذا الاتفاق هو الأساس الذي قامت عليه الحركة الثقافية والفكرية في ذلك الوقت، مشيرة الى أن هذه الحركة لم تكن وليدة المصادفة وإنما كانت وليدة النضال الوطني الشامل ضد الاحتلال والرجعية السياسية.

وترى فريدة النقاش ان جيل الستينيات بجميع كوادره «ولد في الأربعينيات في رحم الجيل السابق عليه، الذي أصبح بمثابة الأب الروحي لحركة الستينيات. وفي هذه الفترة إزدهرت السينما بفضل القطاع العام الذي كان يرعى الانتاج السينمائي، وازدهر المسرح الذي أصبح شأنه شأن السينما منبراً للديمقراطية الغائبة في الحياة السياسية.

لكن الطاقة المتفجرة للتغيير وللتطلعات الشعبية عبرت عن نفسها في الأدب والرواية الجديدة والمسرح، وتصاعدت قصيدة التفعيلة بعد أن قامت معركتها الكبرى مع العقاد وزكي نجيب محمود. وظهر الى الوجود عدد من المفكرين الكبار الذين كانوا بمثابة رعاة لهذه الحركة. وكان عنوانها كتاب محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس (في الثقافة الوطنية)، وهو كتاب تأسيسي وضع الخطوط العامة للخطوط الفكرية في مجال الأدب والفن رغم ان هذين المفكرين كانا من ضحايا معتقلات عبد الناصر».

وتعتقد النقاش ان المرحلة كانت مرحلة تناقضات شأن كل الفترات ولكن في ظل هذه التناقضات الكبيرة كانت هناك أهداف واضحة: «ان نبني السد العالي، ونأمل في خطة تنموية. وكان شعار تحرير فلسطين ومسؤولية مصر عن هذا مطروحة على الساحة، وهزيمة الاستعمار، وبناء الاشتراكية هذه السمات التي أججت حركة الستينيات ودفعت المثقفين خاصة التقدميين منهم للاقتراب من بعضهم البعض وأسسوا أشكالا مستقلة، فبرغم توافقهم العام مع النظام إلا أنهم اصطدموا معه في قضية الحريات، فكانوا يؤسسون المقاهي كنوع من التعبير المستقل عن النفس، ينتجون، ويقرأون لبعضهم البعض ويؤسسون مجلة جاليري 68 بعد الهزيمة».

وعن تفرق شمل جيل الستينيات الآن، وانقلابه على آرائه ومواقفه القديمة، ترى النقاش انه من الطبيعي أن يصبح الجيل جماعات مختلفة، فيهم الليبراليون، والاشتراكيون، وجماعة الاسلام السياسي، والقومي العربي، بالاضافة الى الأحزاب رغم كل الملاحظات عليها. لكنها ترى الى أن العنصر الجامع لهذا الجيل لم يعد موجودا الآن «فما هو مطروح على ساحة الحزب الوطني ليس العدالة الاجتماعية ولا التحرر، وإن كان يقال ذلك، وإنما المطروح هو السوق الحر والليبرالية والاشتراكية مطلقة السراح، وعبادة المنفعة الذاتية وتحرير العملات وانهيار مستوى المعيشة وانهيار الطبقة الوسطى التي جمعت جيل الستينيات، وأصبح الجميع في هذه الغابة الفظيعة التي ترفع شعارات زائفة عن الحرية يبحثون عن مصالحهم، ويتحولون الى أفراد متشرذمين يصارعون بعضهم بعضا».

وتؤكد النقاش ان الاشتراكية قدمت الإسهام الرئيسي في صناعة جيل الستينيات لأنها كانت حلما عالميا لتنمية اقتصاد الشعوب، فالحلم الاشتراكي هو المصدر الرئيسي الذي كون هذا الجيل.