انعكاسات العولمة على الثقافة العربية

مفكرون وأدباء من 12 دولة عربية يناقشون إشكالية المثقف العربي

TT

* الشميري: علينا الصمود أمام الريح «غير الطيبة» للعولمة

* العالم: نحن ما زلنا «عيال» على الثقافة الغربية ندوات القاهرة: عبد الوهاب الديب اختلف أدباء ومفكرون ينتمون لـ12 دولة عربية في القراءة المستقبلية والراهنة لانعكاسات العولمة على الثقافة العربية في القرن الجديد حيث صنفها فريق على انها «شر مستطير» يجب مقاومته بشتى الوسائل حتى ولو كانت غير مشروعة باعتبارها تمس الأمن القومي العربي والهوية بشكل مباشر بينما رأى فريق آخر عكس ذلك تماما. واعتبرها فرصة للنهوض من الكبوة الثقافية حاليا للمثقف العربي وما بين الرأيين كان هناك فريق «الوسط» الذي رأى ان العولمة مثل أي ظاهرة عالمية تحمل بين جنباتها الخير والشر، وعلى المثقف العربي بوعيه وتاريخه الحضاري الطويل ان ينتقي منها ما يفيده، وهو ما كان الرأي الراجح والاكثر تأييدا بين المشاركين في فعاليات «منتدى المثقف العربي» برئاسة الشاعر اليمني د. عبد الولي الشميري الذي اختص قضية «عولمة الثقافة العربية» كعنوان لصالونه الأدبي الشهري الاحد الماضي.

في بداية الفعالية الذي اعتذر عن عدم حضورها د. اسامة الباز مستشار الرئيس المصري للشؤون السياسية لظروف سفره لتونس والكويت مرافقا للرئيس مبارك نقل الباز رسالة لضيوف الصالون عبر فيها عن ثقته في قدرة الثقافة العربية على الصمود امام رياح العولمة استنادا لتاريخها الحضاري الطويل. وهو يرى ان العولمة ممكنة في المجالات الاقتصادية والسياسية ولكنها صعبة التطبيق في الحقل الثقافي نظرا لخصوصية كل ثقافة وتمسك كل شعب بخصوصياته الثقافية، كما أن تذويب كل ثقافات الشعوب في ثقافة واحدة قد يحتاج الى 15 قرنا من الزمان للتجهيز والاعداد لذلك الغرض.

ومن جانبه دعا د. عبد الولي الشميري رئيس منتدى المثقف العربي الى احياء الثقافة العربية وتجاوز الازمة الراهنة حتى تستطيع الصمود امام الريح «غير الطيبة» للعولمة وذلك بالاهتمام بالانتاج الثقافي ورعاية الابداع والمبدعين منذ النشء والحرص على تفعيل اللغة العربية في الخطاب اليومي لرجل الشارع باعتبارها اهم ركائز الثقافة العربية وهو رأي اتفقت معه الاديبة جميلة علي رجاء المستشار بالسفارة اليمنية بالقاهرة، التي دعت الى اتخاذ كل التدابير الوقائية للحفاظ على الهوية القومية ليس بالانغلاق ولكن بالمواجهة الجادة قائلة ان العولمة الثقافية جاءت لتحمل معها «ميكروب الفناء» لبعض الحضارات الانسانية ومن هنا ينبغي سرعة المواجهة.

وكانت اكثر المداخلات في المنتدى اثاره وربما حدة كلمة محمود أمين العالم الذي بدا مستاء من الوضع الراهن للمثقف العربي قائلا: نحن مازلنا «عيال» على الثقافة الغربية وثقافتنا العربية الحالية تتسم بالهشاشة مقارنة بالثقافة العربية الإسلامية في القرون الثمانية الاولى من التاريخ الهجري والتي ظهر فيها ابن رشد وابن سينا والفارابي والكندي والبيروني وغيرهم». واتهم العالم النظريات الادبية المعاصرة في الوطن العربي بأنها «استهلاكية» ومصابة بما اسماه «صدمة الحداثة». واضاف بقوله: «انتحار أن ندير ظهورنا للعولمة وانتحار ايضا ان نندمج فيها».

واستخدم د. محمود امين العالم تعبيرات وتوصيفات مثيرة عن العولمة الثقافية حيث وصف العالم المعاصر بأنه اشبه بحديقة حيوان تهيمن فيها وحوش الليبرالية على كل شيء وتزيل وتقتلع كل ما هو جميل من خلال تجارة السلاح والدعارة والمخدرات. وضرب امثلة على ما أسماه «غول العولمة» ذاكراً بأن 20 في المائة من دول العالم تسيطر على 84 في المائة من التجارة العالمية وان ثروة اغنى 3 رجال في العالم تتعدى صادرات عدة دول نامية يزيد سكانها عن 600 مليون شخص، وتساءل «كيف نقاوم العولمة الثقافية و75 في المائة من تراثنا الثقافي غير محقق في حين ان اسرائيل قامت بترجمة كل التراث العبري قبل انشاء دولتها اليهودية؟»، وشدد على ان المثقف العربي يريد «عولمة انسانية» وليس «عولمة استغلالية».

اما د. علي عبد الكريم الامين المساعد للجامعة العربية فقال: «بوصفي شاعراً وسياسياً أرى ان يكون الحديث عن العولمة مثل «الواجب اليومي» للمثقف العربي لان خطورة العولمة تطارد الثقافة العربية كل لحظة واقتحمت البيوت»، بينما تحدث د. نبيل علي، من اليمن أيضاً، عن ضرورة تحديد العلاقة بين سلطة الثقافة في الوطن العربي وثقافة السلطة واشار إلى ان ثقافة السلطة في العواصم العربية تطغى على سلطة الثقافة وتساءل: هل ترى السلطة الاعلام وسيلة للتنوير أم وسيلة للدعاية للنظام الحاكم؟ وهل السلطة مع المبدع الحقيقي أم مع اصدقاء النظم الحاكمة؟ وهل المصادرات لبعض الاعمال الابداعية احياء للايمان بالدين أم لارضاء قوى سياسية معينة؟

أما الباحث اليمني عبد الرحمن الوجيه فيرى أنه من الطبيعي ان يعمل الغرب جاهدا من اجل إشاعة العولمة باعتبارها «وسيلة لازالة الحواجز وفتح الاسواق امام المنتجات الاميركية» داعيا للاستفادة من تجربة الانضمام للامم المتحدة قبل الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. بينما يعتقد د. فاروق هاشم ـ استاذ بكلية اعلام القاهرة ـ ان المثقف العربي مازال سلبيا في مواجهة العولمة الثقافية وانه «لم يتظاهر مثقف واحد ضد العولمة مثلما تظاهر الشباب والشيوخ في سياتل ودافوس».

=