شعراء ونقاد يتدارسون إنشاء بيت للشعر في العاصمة العراقية للمرة الأولى

TT

فجأة تحولت مساءات الأربعاء في اتحاد أدباء العراق إلى صباحات نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» دخلت في أحد صباحات الاتحاد الاربعائية لتجد مجموعة من أدباء وشعراء ونقاد العراق وهم يتدارسون فكرة إنشاء بيت للشعر العراقي.

وقبل إنشاء هذا البيت كان اتحاد الأدباء قد فتح أبوابه للجلسات كل يوم أربعاء صباحا محاولا بذلك إعادة جزء من نشاطاته التي بقيت لأشهر طويلة حبيسة الذهول الذي أصاب اغلب المؤسسات والمنظمات والهيئات العاملة في العراق. والكثير من أدباء وشعراء ومثقفي العراق يعد بناية الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق مكانا للقاء وتبادل الأفكار والشجون، فهو المكان الوحيد الذي يقولون فيه كلماتهم بحرية من دون أن يلتفت احدهم إلى الوراء باعتبار أن كل الأبواب مغلقة ولا تؤدي ألا إليهم وحدهم !

تجمهر اكثر من مئة اديب وشاعر وناقد عراقي ليناقشوا فكرة إنشاء بيت للشعر، هذه الفكرة التي يقول عنها الشاعر علي الفواز : «انها خطوة جديدة بالاتجاه الصحيح، وان اتحاد الادباء في العراق يمكنه ان يوجد هذه اللحمة الادبية في بيت الشعر. ويرى الفواز أن هذه الفترة هي اصلح فترة لانتاج ثقافة صالحة للعيش بعد ما عانته من حروب ودمار وحصار، فالأبواب اصبحت الآن مشرعة امامها للانطلاق والتعبير عن واقع مؤلم عاشته وتعيشه في ظل عدم الاستقرار. المبدع العراقي في امس الحاجة حالياً لأن يقول كلمته، وأصلح بيت يمكنه ان يقول فيه ما يشاء هو بيت الشعر الذي سيكون بمثابة انطلاقة جديدة لحياة شعرية عراقية جديدة».

اما الشاعر والأديب محمد علي الخفاجي وهو على رأس مجموعة بيت الشعر فيقول : «اننا نطمح جميعا لترتيب هذا البيت ترتيبا عراقيا نكتب فيه قصيدة عراقية، قصيدة خازنة لتراث هذا الشعب بكل تاريخيته وإبداعاته ومعاناته».

ويدعو الخفاجي الى الكف عن كتابة «القصيدة المتأدلجة» فالقصيدة السيئة فنيا هي سيئة سياسيا.

ويقول: «منذ بدء الحرف الاول على ارض الفراتين وهذه القضية تحمل شعراء العراق مسؤولية مضافة لان يكتبوا القصيدة المتميزة التي تنطلق من بداية الحرف نحو افق واسع هو العالم بأسره ، وعلينا في بيت الشعر قراءة المنتج الشعري بدءاً من فترة الخمسينات ولغاية اليوم، ودراسة المغامرات الشعرية والنقدية خلال الفترات المختلفة لتقديم قراءة فاعلة تخلق شعراً جديداً».

ومن الاحلام انطلق الناقد فاضل ثامر إذ قال للمجتمعين حوله:«ان كل فعل يبدأ بحلم، وليس عيبا ان يحلم الانسان بغد مشرق، وبيت الشعر واحد من احلامنا ومشاريعنا التي ولدت من واقع ثقافي راسخ على الرغم من أننا سنبدأ من الصفر».

ويضيف ثامر:«انا احلم بأن اجد مستقبلا لبيت الشعر العراقي بعد ان زرت بيتي الشعر في عمان وفي تونس .. احلم بأن يكون بيتنا الشعري مكانا لانطلاق القراءات النقدية والشعرية .. احلم بأن يقدم شعراء العراق في اركان هذا البيت احلامهم ، وأن يعود مجد الشعر كما كان الى منبعه الأصيل هنا في بغداد وهو كذلك دائما، والفعل كما اردد واقول يبدأ بحلم».

ومن مشروع بيت الشعر تحدثنا الى إحدى المستمعات التي تضرب على وجهها النقاب حول جلسات الاتحاد العام لادباء العراق لتقول لنا إنها تحضر كل اربعاء لتسمع وترى ولكنها لا تشارك في الحديث وهي سعيدة بالاربعاءات الصباحية التي لم تكن تحضرها في المساء لصعوبة الامر، لكنها مستمتعة بأحاديث الشعراء والادباء الذين يتجمعون كل يوم وخصوصا الاربعاء ليقولوا بعض حلو الكلام ويعودوا ادراجهم محملين به الى اربعاء قادم ..».

وقال مستمع آخر، وهو مهندس يعمل في وزارة الكهرباء، ان الاربعاء بالنسبة اليه اصبح يوما للاشعاع والاستمتاع، فقد «ادمن» كما يقول، ومنذ عدة اسابيع ، على حضور صباحات الادباء وهو سعيد بهذا الامر لانه ادرك ان كل شيء يمكنه ان يموت إلا الشعر في العراق . وهو يرى ان ادباء وشعراء العراق ما زالوا ينبضون بالكلمة على الرغم من كل المشاحنات الكلامية واختلافات الرأي المعلنة بين اروقة اتحاد الادباء، إلا ان الجمال ما زال حاضرا بين كل اركانه.