فاروق حسني: مصر لم تتنازع مع الدول العربية في فرانكفورت لكن الحوار لم يكن على المستوى اللائق

وزير الثقافة المصري لـ«الشرق الاوسط» المشاركة في فرانكفورت جعلت العرب يجتمعون لأول مرة على فعل شيء واحد

TT

نفى فاروق حسني وزير الثقافة المصري أن تكون مصر قد تنازعت مع الدول العربية داخل معرض فرانكفورت، وقال إن اختيار مصر كضيف شرف لسنة 2008 جاء لأن رئيس المعرض طلب منه هذا، وأن ما يثار من مشاكل حدث في فرانكفورت هو من قبيل حديث المجتمع ويجب أن نسمع الى الجانب الألماني أيضاً.

وأكد حسني أن الأزمة في معرض فرانكفورت كانت في أن الحوار مع الجانب الألماني لم يكن على المستوى اللائق، لافتاً الى أنه رغم كل هذا فإن العرب لأول مرة يجتمعون على فعل شيء واحد ويفعلونه رغم المشاكل الكبيرة التي اعترضت المشاركة. ونفى حسني في حوار مع «الشرق الأوسط» أن تكون مصر قد اعتزمت خصخصة معرض القاهرة الدولي للكتاب، وقال إنه لا يوجد شيء اسمه خصخصة الثقافة، لأن الإبداع ملك لمبدعيه، وكل ما في الأمر أن اتحاد الناشرين طرف في الأمر، فيجب أن ينظم نفسه بحيث يحدث تجاوب وتعاون معه.

واعترض حسني على القول إن مهرجان دبي السينمائي الأول أثر على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مشيراً الى أن كل جديد له بريقه، وأن مهرجان القاهرة هو المهرجان الدولي الوحيد في المنطقة، وأنه لا يحضر «أجانب» لكي يعملوا به بل المصريون هم الذين يعملون به.

وأشار حسني الى أن لصوص الآثار تكاثروا في المرحلة الأخيرة نظراً لربحية الأمر، ولأن في مصر في كل متر مربع توجد آثار، لافتاً الى أن الوزارة ليس بإمكانها أن تضع حارساً على كل متر مربع في مصر، وكل ما تستطيع فعله هو أن تقوي الإشراف على منافذ الخروج.

* لو بدأنا بفرانكفورت، هل أنت راض عن الحضور العربي والمشاركة العربية فيها؟

ـ يجب في البداية أن نفرق بين المشاركة كفعل وتصنيف المشاركة، لأن المشاركة ليست شيئاً واحداً، بل عدة أشياء، ويجب أن نتحدث عن هذا بشكل واضح، ما الذي تقدمنا فيه، وما الذي تراجعنا فيه، لكن من الصعب تقييم المسألة الكلية، وعندما نقول ان حوالي 200 مفكر وكاتب عربي ذهبوا الى فرانكفورت، وهذا عدد كبير، فإن الزمن لا يتحمل هذا، ولا كلهم على وعي باللغة التي ستحقق لهم نوعاً من التواصل، وربما لم تكن مسألة الحوار على المستوى اللائق بتمثيلنا العربي في المعرض.

* هل تقصد الحوار مع الجانب الألماني؟

ـ نعم في الندوات، ولكن اذا فكرنا في عدد الكتب التي قدمت سنجد انه أذهلهم، وكذلك التنظيم الجيد في هذا الوقت الضيق قبل المشاركة جعلهم يتساءلون كيف يتم كل هذا التنظيم في هذا الوقت الضيق، رغم المشاكل الكبيرة التي اعترضت المشاركة، وهناك شيء مهم جداً، وهو أن هذه هي المرة الأولى التي يجتمع فيها العرب على شيء ويقدمونه بشكل متكامل.

* الكم والكيف

* هل أثبتت هذه التجربة أن العرب من الممكن أن يتعاونوا معاً للخروج بصورة واحدة أم العكس؟

ـ عندما نتحدث عن الثقافة فنحن نتحدث عن شيء لا خلاف فيه، هو حديث عن تناحر في الكم والكيف، لكن لا خلاف فيه، لأنه كانت هناك كتب وفرق ومعارض، وكل هذا كان على مستوى عال جداً، وكان هذا بالنسبة للآلاف المؤلفة التي حضرت من الأوروبيين شيئاً مبهراً للغاية ولم يتوقعوه، صحيح أن هذا معرض كتاب ونحن ضيف شرف، لكن هذا استكمال، فالأمر ليس كتاباً ومفكرين فقط، والإبداع هنا هو الذي غطى على كل شيء، فأن يجتمع العرب على شيء واحد ويقدمونه، وأن يحضر رئيس الدولة هناك ـ وهذا لأول مرة يحدث ـ بعض النشاطات الأخرى، فهذا مكسب كبير لنا، أيضاً الكلمات التي ألقيت في صالح العرب، نحن ذهبنا لعدة أهداف، منها هدف كلي ومنها أهداف بسيطة، أن يلقي أحد الشعراء قصائده هناك ولكن لم يحضر الجمهور، وهذا لا يحتاج الى ترجمة فورية، وكان من المفترض أن تكون هناك ترجمات سابقة، وأن يلقي الشاعر بلغته، هي تجربة أرى أنها جيدة جداً، وكل الأزمة كانت في الحوارات، ومن يقومون بالحوارات هم من يكتبون، ولذلك كتبوا ضد المعرض، لكن المعرض ليس مجرد كتاب فقط، المعرض فكر يقدم وإبداعاً وصورة كاملة للإبداع العربي.

* هل تعتقد أن هذا ترك انطباعاً جيداً لدى الجانب الألماني؟

ـ طبعاً، ولذلك طلبوا أن تكون مصر هي ضيف الشرف لسنة 2008

* هل اختيار مصر كضيف شرف لسنة 2008 هو نتاج للتنازع العربي ـ العربي داخل فرانكفورت، وأنه كانت هناك محاولة من مصر للتمثيل بشكل أكبر؟

ـ لا، إطلاقا، لم يكن هناك تنازع، أنا كنت خلف الفكرة ودافعاً لها، لأن هذا اقتناع بزمن محدد لكي يعطي لوناً للعالم العربي كان يفتقده، ورئيس المعرض هو الذي عرض علي هذا الطلب، وأنا فوجئت، وقلت له إننا نرحب، ولكن ما أريد قوله، إن ما يثار حول مشاكل في فرانكفورت هو حديث المجتمع، ويجب أن نسمع الى ماذا يقول الألمان.

* لو انتقلنا الى الحدث المقبل، وهو معرض الكتاب، فمن الواضح أن هناك ملامح مختلفة له في المرحلة القادمة، وهناك من يتحدث عن خصخصة معرض الكتاب في إطار حركة الخصخصة العامة التي يعيشها المجتمع، هل هذا يعد خطوة أيضاً نحو خصخصة الثقافة المصرية؟

ـ لا يوجد شيء اسمه خصخصة الثقافة، لأن الإبداع هو ملك للمبدع، وعندما يبيع إبداعه يصبح خاصاً، لكنه في النهاية ملكه أيضاً، وفي بلد مثل مصر نجد أن الثقافة فيها خدمة وسلعة معاً، خدمة لأنها تبني مكتبات كثيرة من غير أي مقابل وقصور الثقافة، والمراكز المتطورة، ومسرح الدولة الذي يقدم خدماته بثلث سعر المسرح الخاص، وهذا دعم من الدولة، لكن عندما يشتري شخص ما كتاباً فهو سلعة، لأنه لا توجد كتب تمنح كهدايا، ومن يريد أن يقتني لوحة عليه أن يشتريها، الدولة تعلم الفرد كإنسان حتى يستطيع أن يقتني ما يريد أن يقتنيه، ومعرض الكتاب خدمة جماهيرية كبيرة، ما الذي يمنع أن يقوم به القطاع الخاص اذا لم تستطع الدولة القيام بهذا بشكل أفضل، واذا استطاعت الدولة تقديمه بشكل أفضل فما المانع هنا، وعندما يقول القطاع الخاص إنه سيقوم بهذا العمل، فهذا يعني أن هناك دخلا، وهذا الدخل سيشغل به عمالا وعاطلين، ولو قامت الدولة بهذا الدور، فإن الدخل يوزع على مشاريع الدولة، ونحن عندما نخصص لا نعطي المشاريع لأعداء الدولة، بل لأبنائها، ومع هذا فلا توجد خصخصة لمعرض الكتاب، ولم نفكر في هذا، ولكن فكرنا أنه قسمة بين اثنين وزارة الثقافة، والناشرين العرب، لأنه اذا لم يكن هناك ناشرون فلن يكون هناك معرض، فيجب على اتحاد الناشرين أن ينظم نفسه، وأن نتجاوب ونتعاون معهم حتى يخرج المعرض بشكل أفضل، ونحن بهذا نفعل هذا من أجل المجتمع وباسم الدولة.

* خدمة الناشرين

* حسناً، فيم يختلف معرض الكتاب هذا العام عن الأعوام السابقة؟

ـ لن يختلف المعرض هذا العام اختلافاً كبيراً، لأن الوقت قصير، ومع ذلك فنحن نبغي التنظيم الجيد جداً، ونريد أن نخدم الناشرين خدمة ممتازة، وأن نخدم الزائرين بأن نساعدهم على أن يجدوا ما يريدونه، هناك سبل لتنظيم معرض الكتاب بحيث لا تكون فيه الفوضى التي تكون موجودة، ويجب ألا ننسى أن معرض الكتاب كبر جداً في الفترة السابقة، وكان عليه إقبال كبير لم يكن موجوداً حين بدأ، ولكن في السنوات الطويلة التي تولت فيها هيئة الكتاب المعرض حولته الى عيد ينتظره كل مصري، وهذا في حد ذاته يجب أن نثني عليه، وقد تكون هناك بعض المثالب مثل انهم لم يكونوا يعتمدون على شركة في التنظيم، وهذا قد يحدث ببساطة ابتداء من العام المقبل.

* هل يحمل هذا عبئاً إضافيا على المواطن العادي؟

ـ لا.

* إحدى النقاط السلبية المتعلقة بالمعرض في السنوات السابقة، هي ان عدد الندوات التي تعقد فيه كاد يقترب من عدد رواده، هل توافقني على هذا بداية؟

ـ طبعاً، لا شك، وسيشرف على الجانب الثقافي في المعرض الدكتور سمير سرحان لأنه يمتلك خبرة في هذا الأمر، وسيعرض تصوره على اللجنة العليا، التي ستقر أو تناقش هذا التصور، حتى نصل الى شكل منضبط تماماً.

* دعنا ننتقل من معرض الكتاب الى المعارك الثقافية المتعددة يميناً ويساراً، الى أي مدى تعتقد أن غياب الثقافة أو الوعي الثقافي لدى المواطن يمكن أن يؤثر في القضايا المطروحة، مثل قضية المسيحية التي أسلمت، وأين تقع مسؤولية الدولة عن هذا؟

ـ العمل الثقافي مطروح على الساحة وبقوة وبشكل كبير، سواء كان في المكتبات أو النشاطات أو اللقاءات، أو المسرح، أو النشاط التعبيري، النشر، القراءة للجميع، مكتبة الأسرة، النشر في الأقاليم، المسرح التجريبي، مهرجان السينما، مهرجان الموسيقى العربية، هناك حالة منتشرة في المجتمع وانتشار هذه الحالة يحتاج لمتلق، وهذا لن يأتي إلا بأن يتعلم كيف يستقبل هذا، وهذا لا يتأتى إلا بالمدرسة والبيت، والجامعة وبالإعلام، أربعة أشياء توصله لهذا، نحن ننتشر بالثقافة في كل مكان مثل الرذاذ، يلتقطه من يستطيع أن يلتقطه، هناك من يلتقطه بدون أن يتمرن على عملية الالتقاط بشكل عفوي، وهناك من لا يستطيع، وهذا يجب تمرينه من خلال المدرسة والجامعة. وأنا أعتقد أن المعارك الثقافية مهمة جداً، لأن من عادة الناس في المجتمع أن يتفرجوا على المعارك، ويلتفوا حولها، إذن فالمعارك الثقافية مهمة جداً، ولذلك أحزن عندما يكون هناك نوع من الاستقرار، لأنه لن يتجه إلينا في هذه الحالة أحد، الإشكال ليس في الضخ الثقافي، وإنما في التلقي.

* من ضمن ما أفرزته الأزمات الأخيرة، نقطة خاصة، حول حدود حضور الدولة وقيامها بدورها المفترض، وأنه في حالة غيابها عن قيامها بهذا الدور تفتح المجال لآخرين لملء هذه المساحات الفارغة، وهذا ظهر من خلال احتلال الكنيسة والمسجد لمساحات فارغة تخلت عنها الدولة أو بعدت عنها، الى أي مدى تعتقد أن من حق هذه المؤسسة الدينية أن تكون مؤثرة وحاضرة في عملية الإبداع والثقافة بشكل عام؟

ـ رجوعاً لطرحك الأول حول السيدة التي أرادت الدخول في الإسلام، والفوضى التي حدثت والانتفاضة الجماهيرية، هذا يعود الى غياب التلقي الثقافي، وهو ما أتحدث عنه من غياب الاستقبال الثقافي، لأنه لو كان هناك استقبال ثقافي حقيقي فلم يكن من الممكن أن يحدث هذا، لأن كل شخص مدرك ثقافياً سيقيّم الأمر، والثقافة ستجعله يقيم الأمر، فيقول إن هذا حرية بحتة، أو ليست حرية، وأن العلاج بطريقة ما وهنا عملية السلوك والتقدير للمواقف، ولا شك أن الكنائس والمساجد بها مسائل تعصبية شديدة جداً، سواء من المشايخ أو القساوسة، فهذا الطرف يحفز، والآخر أيضاً يفعل ذلك، وبالتالي لا يوجد نوع من التسامح الحقيقي في ظله يصبح الدين والخطاب الديني موجهاً للعمق الصوفي عند الإنسان، وأن يرتبط هذا بالدين وليس بالأحداث التي بها فتن، وهنا أعود للإعلام وأهمية دوره المرئي أو المسموع أو المقروء، الناس غائبون عن بعضهم بعضاً، ولا يوجد تصالح ذهني في المجتمع، والدليل على هذا أننا نجد أن سيارة تكتب على زجاجها بصورة كبيرة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» مع أنها داخل قلوب المسلمين، نحن نعيش في وطن به دينان، ويجب أن نحسب حساب هذا، ويجب أن نربي أنفسنا في المدارس والجامعات والإعلام على كيفية التعامل مع بعضنا بعضاً، لأننا لن نكون سوى هكذا، وإلا تحول الأمر الى قتال بين الطرفين وسيقتل الشعب نفسه.

* هل تعتقد أنه من المناسب لأحد أجهزة الدولة أن يخضع لابتزاز أو لضغوط أحد مديري هاتين المؤسستين؟

ـ أولا يجب على هذا الطرف ألا يبتز، ويجب على الطرف الآخر ألا يقبل الابتزاز.

* لكن هذا وقع؟

ـ نعم.

* والذي حدث أن هناك ابتزازا؟

ـ حسناً، ولكن يجب ألا يقبل الابتزاز من كلا الدينين.

* ما هو الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسة الثقافية لحصار هذا؟

ـ أنا فكرت في أن تعقد ندوة وطنية لبحث هذا الموضوع، من مفكرين مسلمين وأقباط، ويجب أن نتفق على الجذور وعلى أننا كأبناء للدينين أبناء لشعب واحد وأصحاب جذور واحدة وتاريخ واحد وحضارة واحدة، وفي هذه الندوة الوطنية سيتحدث فيها مسلمون وأقباط بصوت عال جداً، يجب أن نخرج بآراء ونقول ما هي المثالب الموجودة، وما الذي يجب اتخاذه.

* هل هناك خطوات عملية بدأت اتخاذها لعقد هذه الندوة؟

ـ أنا جاءتني فكرة هذه الندوة بالأمس.

* صراع المهرجانات

* بالنسبة للمهرجانات العربية المتصارعة والمتناحرة، حيث نجد مهرجان القاهرة السينمائي والذي عمره 28 عاماً، كما أن لدينا مهرجان دبي، ومهرجان مراكش، وكلها في توقيت واحد، من المسؤول عن هذا الخلل؟

ـ أنا رأيي أنه لا بد أن نرحب بأي مهرجان جديد، وهذه مسألة لصالحنا جميعاً، لكنه الخلاف الدائم بين العرب وبعضهم البعض، لو رتبت المسائل لاستفاد الجميع، وباستفادة الجميع سنجد أن السنة بها إيقاع معين، كما أن النجوم العرب سيستفيدون من المهرجانات الثلاثة، أيضاً ستكون هناك الاستفادة من التنافس، وهذا في حد ذاته تحفيز للتجويد، وأنا أرى العيب ليس في ادارة المهرجانات ولكن في توقيت المهرجانات، وبالمناسبة نحن لا نخاف على مهرجان القاهرة، لأنه المهرجان الدولي الوحيد بين الثلاثة، هم يسمونها مهرجانات دولية، لكن حقيقة الأمر أن المهرجانات الدولية مسكنة داخل توقيتات في السنة، وكل مهرجان يسكن شهرا معينا من أشهر السنة، حتى لا تتعارض المهرجانات مع بعضها البعض. ونحن لا يوجد عندنا أي مانع في أن نفتح لهم المجال للمرور، ولكن في توقيت لصالحهم، ولصالح المهرجان المصري، وأعتقد أن هذه مسألة بسيطة وسيتم حلها.

* هل بدأت اتصالات من أجل ذلك؟

ـ ستتم، وأنا متأكد أنهم سيفعلون ذلك، وهم حتماً استشعروا من التجربة، أن نجوماً ذهبوا إليهم، وآخرون لم يذهبوا، وعندما ذهب الى دبي نجوم عالميون لم يعرفهم أحد، وهم يعرفون النجوم المصريين، وقد انتقد النجوم المصريون الذين ذهبوا، في حين أنه لا يجب انتقادهم لأنهم تركوا مهرجانهم، في حين أنه لا يجب انتقادهم لأنهم كانوا يكرمون هناك.

* في رأيك، ما هو السبب في حالة «البهتان» التي أصابت مهرجان القاهرة هذا العام؟ هل هو مهرجان دبي؟

ـ لا، لكن كل جديد له بريق، ولذلك عندما قالوا إن هناك مهرجان دبي ومراكش لفتوا انتباه الصحافة، لكن عندما يكون هناك شيء رتيب يقدم كل عام، سيجعلك هذا تلتفت لترى ما الذي يقدمه الشيء الجديد، وهذه فترة بسيطة جداً، ولا تجعلنا نخاف، ثم أننا لم نحضر أجانب ليعملوا لصالحنا، بل نحن الذين نعمل، ونحن معتادون على هذا، كما أن عندنا إمكانات تجعلنا نقيم مهرجاناً عمره 28 عاماً ومهرجاناً آخر دولياً هو مهرجان الإسكندرية، ما يجب أن نضعه في الاعتبار هو كيف نحافظ على استمرار النجاح، وليس كالفوسفور يلمع ثم ينطفئ بسرعة.

* لكن هل تعتقد أن مهرجان القاهرة هذا العام ظل محتفظاً بهذا اللمعان الفوسفوري أم أنه انطفأ بعض الشيء؟

ـ ربما لم يكن في بريق العام الماضي، أو الذي سبقه، لكنه لم ينطفئ، ففي كل عام هناك دولة ضيف شرف، وفي العام الماضي كانت فرنسا التي كان بريقها كبيراً، هذا العام كانت إيطاليا، وربما لم تشترك إيطاليا بأجمل ما عندها، فقل البريق بعض الشيء، وبالرغم من وجود نجمتين إيطاليتين، لكنهما ليستا معروفتين في مصر، كما كان هناك نجم إيطالي، وكان هناك نجوم فرنسيون على مستوى عال.

* توجد في مصر قناتان ثقافيتان بينهما وبين المتلقي مساحة شاسعة، في الوقت الذي تتراجع فيه المجلات الثقافية، ما هي مشروعات الوزارة للخروج من هذا المأزق، أقصد مأزق التواصل؟

ـ لو تحدثنا عن القناتين الثقافيتين، سنجد أنه لا توجد لهما جماهير عريضة لأن الموجود على الساحة في المقاهي والمنتديات والمراكز انتقل إليهما، فالحضور الحي أفضل، لأنه يوفر للمتلقي فرصة المشاركة الحية، ولو فكرت ما هو الشيء غير الموجود في المقاهي والمنتديات، سنجد أنها الأفكار الثقافية التي لا تنضب، لأن الثقافة بطبيعتها متجددة لا تتوقف، كل يوم هناك اكتشاف فكري، والإشكال هنا هو: كيف تقدم هذه الأفكار المتأججة التي تحرك المتلقي وتقدم في الوقت نفسه الجديد الذي لا يعرفه المتلقي، وهذا الكلام ينطبق على كل المطبوعات الثقافية، ونستطيع بهذا أن نفسر عدم إقبال الجماهير عليها، وهو الاتجاه الواحد، فالمجلة الثقافية يجب أن يكون فيها مسرح وأدب وفن تشكيلي.

* أي كل الاتجاهات المختلفة؟

ـ نعم، وبها طابع البريق، لكننا نجد المجلات الثقافية لا تقدم سوى الفكر والأدب، حتى لو قال البعض انهم يضعون فيها الفن التشكيلي لأن الوزير فنان تشكيلي نجد بها أيضاً أشياء كثيرة غير موجودة، وحتى الاختيارات للفن التشكيلي تكون بدون وعي ودراية، والنقد الذي يكتب ليس نقداً علمياً، هناك شيء ليس سوياً، لكننا لو تحدثنا في هذه المجلة الثقافية عن العمارة في وسط البلد، عن العمارة في الصعيد وعن شعراء محدثين في مناطق أميركا اللاتينية، والترجمة عن الصينية والمقارنات بين المبدعين المحدثين والمعاصرين، اذن نحن نريد من الشخص المحرك أن يكون مدركا لكل هذه الأمور بقدر متساو، يعرف المسرح والموسيقى والشعر والتشكيل، وهذا يعود الى التربية بالأساس.

* هل هذا الطرح الذي قدمته يعود الى اتجاهكم في الفترة الأخيرة لانتاج تلفزيوني؟

ـ هذا هو الطرح الذي شعرت أنه يجب أن يكون موجودا الى النهاية تحت أيدينا، ويجعل الناس تعرف بأن توصيل المعرفة مهم، لأنه من الممكن أن تكون المادة المعرفية ليست شيقة فترفض، فنحاول أن نملأها، ونصنعها بحيث تصل الى المستفيد في أي مكان، وفي أي منطقة.

* هل هذا يعني أن الوزارة تتجه في جزء من نشاطها الى الانتاج الإعلامي الثقافي التلفزيوني؟

ـ نعم، وهذا هو المفروض، حتى يتم الانتشار في قنوات كثيرة.

* وهل يقصد بالانتاج التلفزيوني المزمع القيام به، الانتاج للمحطات المصرية أم التوجه للتلفزيونات العربية والعالمية؟

ـ نحن نقصد الانتشار العام، لأني لا أريد أن يكون هناك نوع من الاحتكار، لأن ثقافة مصر عندما تصل الى أي مكان، فإن هذا يعني أن المتلقي في أي مكان قد ربح، ونحن أيضا ربحنا.

* هل الوزارة تقبل بأن تكلف بإعداد فيلم معين عن شيء محدد، أم أن عندها خطة انتاج معينة؟

ـ لو طلب ذلك منا، فلا مانع عندنا، فنحن ننتج الذي يطلب منا ونقوم بانتاج مشترك، أي ان هناك انفتاحا تاما للانتشار الكامل.

* الموضوع الأخير خاص بالآثار، هل هناك لصوص آثار وهل الآثار اختفت من المتحف، أم سرقت منه، أم أنها لعنة الفراعنة عادت مرة أخرى؟

ـ لصوص الآثار اصبحوا كثيرين، لأنهم وجدوا الأمر مربحاً أكثر لكن بدأنا أيضاً نقوم بعملية إحكام كاملة، الآثار في مصر في كل مكان، ولو حفرت في أي مكان من الممكن أن تجد آثاراً، وأن تفرض حراسة على كل متر مربع غير وارد، وما نفعله هو أننا نقوي الإشراف على المنافذ بحيث يكون هناك إشراف كامل على كل مناطق الخروج، ومع ذلك فاللص ذكي جداً، ويعرف كيف يتلوّن ويتغير حسب الظروف، فاذا فشلت طريقة ما، اخترع طريقة أخرى. فمثلا من المعروف أن الآثار المقلدة مسموح بخروجها، فنجد أن لص الآثار يقوم بكساء القطعة الأصلية بقطعة مقلدة، وهذه طريقة اكتشفت، وهناك طرق كثيرة، واللص مبتكر، ولو لم يكن مبتكراً لما كان لصاً، ونحن نتكلم عن لصوص الآثار، ألا نرى أيضاً بأنه ما زال هناك لصوص الغسيل والبنوك والمنازل ولم يختفوا، السرقة في أي شيء، وفي أي مكان، ما زالت موجودة.

* لكن الآثار من الأشياء المؤثرة؟

ـ نعم، ولكنها على المشاع، وفي كل مكان، أما البنوك، فأبوابها مغلقة، ونحن عندنا سرقة آثار ولا توجد لدينا سرقة بنوك، وفي أوروبا عندهم سرقة بنوك ولا توجد سرقة آثار.

* لأنه ليس عندهم آثار؟

ـ أحياناً توجد متاحف تتم سرقتها، ولوحات لكبار الفنانين، فالسرقات موجودة في العالم كله، وهي تكثر وتقل حسب المعروض من المسروقات، الإشكال فقط هو كيف نحمي الآثار؟ نحن نحمي ولكن هناك لصوصا، تماماً كالقانون، فهناك من يجد فيه ثقباً يدخل من خلاله ليفعل شيئاً غير قانوني، فلاشك أننا نحاول أن نحمي واللص يحاول أن يخترق الحماية.

* قرأت خبرا:ً عن سرقة 86 ألف قطعة في فترة معينة، هل السرقة بهذا الحجم وبهذه الكمية؟

ـ لأنه من الممكن أن تملأ يدك بقطع آثار يبلغ عددها 200 قطعة، جعارين فسيسفاء صغيرة، وهذه الأشياء الصغيرة نسميها قطعاً أثرية، وليس من الضروري أن تكون كلها تماثيل لرمسيس.

* ما الوضع بالنسبة للمتحف المصري، وما أثير حول سرقة آثار، ما هي الحقيقة بالضبط؟

ـ الحقيقة أننا وضعنا برنامج «شق الثعابين»، فمن سنوات طويلة، لم يتم الجرد، وهناك صناديق محرزة، وأخرى مليئة بـ17 ألف قطعة، ومغلقة وحتى تتم عملية التسليم والتسلم يقوم الموظفون بتسليم الصناديق مغلقة، كما تسلموها، على الورق، فقلنا اننا ما دمنا نقيم متاحف، فلابد أن تفتح الصناديق ونعرف ما بداخلها، ونسجله، وهناك صناديق محرزة في قضايا لم تفتح منذ عشرات السنين، فكلمنا النائب العام من أجل أن يكون عارفا. ما أريد قوله: نحن مظلومون مع الزمن، ومع المجتمع لأنه كان من باب أولى أن نتركها، ولكننا رفضنا، واتخذنا موقفاً جريئاً لنعرف ما بداخلها سواء كان ناقصاً أو زائداً أو كما هو.

* لتقديم الصورة كما هي؟

ـ نعم، ولن نهرب من المسؤولية.

* الى أين وصلت أزمة الرقص الإيقاعي بينك وبين النواب في البرلمان؟

ـ لم ألتق بهم بعد، هم يتصورون أنه رقص مُخِل، وأضاف ضاحكاً: بالعكس هو رقص بملابس كاملة جداً وكرافتات أيضاً.