أحمد المديني يؤسس دار نشر ويصدر مجموعة قصصية جديدة والجزء الثاني من سيرة أدبية

TT

أصدر الكاتب المغربي احمد المديني، في المدة الاخيرة، كتابين، هما باكورة انتاج دار النشر الجديدة التي أسسها وتحمل اسمه، ليتسنى له اخراج مؤلفاته بالطريقة والاسلوب الطباعي الذي يحبذه، بعد ان ايقن ان دور النشر المغربية لا تطاوعه في الاستجابة الى مطالبه الطباعية الصعبة.

الاصدار الاول، يحمل عنوان «كتاب الذات ويليه كتاب الصفات» وهو عنوان يحيل على التآليف القديمة التي اهتمت بالسيرة الذاتية لأصحابها او الترجمة الشخصية لأدباء أو مجرد فقهاء وعلماء.

يقع الكتاب في 237 صفحة من الحجم الكبير، يتوزع على عنوانين او قسمين، كما يوضح المؤلف في التقديم. يختص القسم الاول بما سماه «الذات» وهي حالات الانسان من مشاعره ومكابداته، وهو بين الحل والترحال. اختار منها تجارب مختلفة، بالوصف والتأمل والتغني بها في الصوت الأدبي.

وينصرف العنوان الثاني الذي اعتبره المؤلف من قبيل «الصفات» ويعرفها بالأوتاد التي تغرس الذات في هوية محددة ومحتملة.

ويعود الكاتب في فقرة اخرى ليقدم مزيدا من الشرح لما يقصده بالذات، فيبين انها رحلته في الأزمنة والأمكنة، وهي كثيرة، فيها مدن مدبوغة على جلده وموشومة في ذاكرته، بينما يعمد في «كتاب الصفات» الى رصد النفس والآخرين والمحيط، في رحلة استكشاف مضاعفة لضبط ما يتباعد عنها، ايضا، اما بالدهشة او المفارقة، او بالتأمل.

وكما يتضح من الاقتباسات المذكورة، فان الكاتب يقدم بضاعته بمثل الاسلوب الذي كتبت به النصوص الواقعة بين دفتي الكتاب، وعلى الرغم من انها في الأصل مواد منشورة في صحف سيارة، فانها ما تزال محتفظة بما يمكن تسميته «راهنية الماضي» بمعنى نجاح المديني بفضل اسلوب الكتابة الجامعة بين الحكي والسرد والشعر والوصف، بلغة منتقاة في ابقائه على جذوة نصوصه متقدة، يستعيد قارئوها لحظات وأزمنة وفرسان المشهد الثقافي مشرقا ومغربا. واذا ما تناولها القارئ بمنظار تشذيبها من غلو الذات والافراط في تمجيدها احيانا قليلة، فانها تبقى في النهاية نصوصا ممتعة، بكل ما تحمل هذه الصفة من معان ودلالات. يختلف الاصدار الثاني عن الاول في الشكل والموضوع، هو مجموعة قصصية، بعنوان تربوي مخادع «هيا نلعب» فيما يبدو ان قصد المؤلف من تسميته قصصه مختلف تماما.

والمجموعة الجديدة، وهي الثامنة في سجل القاص المغربي، تضم عشرة نصوص، وزعها المؤلف على قسمين: أول (6 قصص) وثاني (4 نماذج).

كتب المديني في الغلاف الأخير، ما يشبه الإضاءة لإبداعاته القصصية الاخيرة، اذ يقول: «الشخص الذي يسرد هذه القصة هو من تقرأون اسمه مؤلفا لها، اي بوضوح هو أحمد المديني. انما المؤلف في نظر القراء والناس جميعا شخص وقور، متزن. صارم الملامح على الأغلب، وهو في هذه الأمة التي قدر لي الانتساب اليها يفترض فيه تنكب طريق الزلل والمشي بالقالة، وعدم معاشرة المحتالين وأولاد الحرام، وكل اولائك الكذبة الذين يرددون من الصباح الى المساء: «انا اعتقد» او «انا» او «شخصيا أنا» الخ الخ.. ولذلك فان كاتب هذه السطور لن يذيع سرا اذا اعلن عدم التزامه بهذا النهج، بل وغلوه في مناهضته الى حدود قصوى احيانا.