ماذا قرأ العرب خلال عام 2004؟ ..مشهد ثقافي خال من الزوابع.. بعكس حال المنطقة

طبيب صدام ومراجعات الجماعة الاسلامية ومذكرات إدوارد سعيد

TT

ماذا يقرأ العرب؟ لا يبدو هذا السؤال بحد ذاته موسميا، خصوصا إذا اقترن مع سؤال أساسي آخر يقول: ماذا يكتب العرب؟

والاجابة، أي شكل من الرحابة تأخذه، لا تبدو ممتعة أو سعيدة خصوصا لأؤلئك الذين يهوون اجراء المقارنات. ولهذا السبب بالذات، اعتادت «الشرق الأوسط» ان توجه السؤال موسميا، أي مع ختام كل عام، الى المثقفين والكتاب والمبدعين العرب، حول ترشيحاتهم لأفضل العناوين التي صدرت باللغة العربية كلغة اصلية، او ما ترجم اليها خلال العام المنصرم.

لقد صدرت في العام الماضي كتب كثيرة عن دور نشر او مراكز ابحاث مرموقة في العالم العربي.. لكن ما الذي اثار منها شوقا للمعرفة او للسجال او للمتابعة؟

باستثناء عناوين تعد على اصابع اليد الواحدة، اثيرت حولها زوابع اعلامية، لا يبدو مشهد النشر العربي فوارا من حيث النوع والمضمون، بعكس حال المنطقة العربية التي تشهد زوابع متناسلة، بعضها يؤسس لإطاحة الأسس التكوينية لها. أما من جهة الكم فيكفي المثال الذي استخدم الى حد الاستهلاك، من ان ما تنشره بلد مثل اسبانيا او اليونان خلال عام يتجاوز «كل» ما نشر باللغة العربية خلال عقود. ومع ذلك فإن السؤال الموسمي ضروري لكي يضيء على واقع الكتاب العربي في كل المواسم.

المحرر الثقافي

* قراءات المصريين

* في القاهرة تفاوتت آراء الكتاب والمثقفين حول أهم الكتب التي قرأوها، ما بين كتب جديدة صدرت خلال هذا العام، وأخرى قديمة أعيد طباعتها لما لها من أهمية معرفية وثقافية.

بداية تذكر الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أن الكتب التي قرأتها خلال عام 2004 كثيرة للغاية، ومع ذلك رشحت كتابين باعتبارهما من افضل الكتب التي قرأتها وهما كتابا «شخصية الهرم.. فقه التشكيل وعقلية البناء» للدكتور أحمد ابراهيم حلمي و«تكوين مصر عبر العصور» للعالم الراحل محمد شفيق غربال.

وترى أنهما من الكتب القيمة، التي يصعب أن ترصد في سطور قليلة قيمتهما، وأن ترشيحها لهما يعني معاني كثيرة للغاية تضمنها الكتابان.

أما فاروق حسني وزير الثقافة المصري فيرشح الكتاب الفرنسي «مصر.. ولع فرنسي» للكاتب روبير سوليه، ويرى أن قيمته تأتي من عرضه للحضارة المصرية القديمة، والاهتمام الفرنسي بها، بالدرجة التي جعلته يصل إلى الولع بحضارة مصر وآثارها وتاريخها.

ويرى الشاعر محمد ابراهيم أبو سنة أن أفضل كتاب قرأه خلال عام 2004 هو ترجمة «لمختارات الشاعر الألماني ريلكه»، الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وتنبع قيمته من أنه يتضمن سيرة ذاتية للشاعر الذي يعد من أمراء الشعر الألماني في أوائل القرن العشرين.

ويقول أبوسنة: يتضمن الكتاب مجموعة من التجارب الشعرية التي تتحدث عن الحب والموت، اضافة إلى تأمله لقضايا الوجود الانساني بشكل عام، وأضيف إليه كتاب «الاشارات الالهية لأبي حيان التوحيدي»، تحقيق عبد الرحمن بدوي فهو يقدم صورة فنية عميقة عن النثر العربي في عصوره الزاهية، ويبرز رؤية الكاتب في علاقة الانسان بخالقه.

ويرى الناقد الدكتور حامد أبو أحمد أن أفضل الكتب التي قرأها في عام 2004، بل وأفضل ما صدر في هذا العام كتاب «قريباً من بهاء طاهر» للبهاء حسين الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وأن أهميته تنبع من رصد بهاء طاهر للأزمات الثقافية والسياسية والفكرية والاجتماعية في المجتمع.

اضافة إلى ذلك يؤكد أن أفضل كتاب قرأه أيضاً هو كتاب بالأسبانية عنوانه «جلدوس.. قصاص حديث» لريكاردر جويون لكونه يتعرض لجلدوس كأحد أهم الواقعيين في أسبانيا خلال القرن التاسع عشر، ولكونه أيضاً يشبه بلزاك في الأدب الفرنسي واميل زولا.

ويؤكد الكاتب عبد التواب يوسف انه مع تنوع الكتب التي صدرت خلال هذا العام يرى كتاب «توشكي» الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر من أفضل الكتب التي قرأها، خاصة أن هذا المشروع يعد مشروعاً لخدمة الاقتصاد المصري والعربي، ويستحق التقدير، ولذلك نال جائزة المجلس العالمي لكتب الأطفال، باعتباره من أهم كتب الأطفال.

ويؤكد الكاتب الصحافي صلاح عيسى أن أفضل ما قرأه في عام 2004 كتاب «كنت طبيباً لصدام» لمؤلفه الدكتور علاء بشير الطبيب الخاص بصدام، وتأتي أهميته لكونه يقدم رؤية من داخل القصر الجمهوري، وكواليس حكم صدام المفزعة حسب وصفه.

اضافة لما سبق يرشح عيسى كتابي «المراجعات للجماعة الاسلامية في مصر»، اللذين صدرا في أوائل عام 2004 ويرى أنهما من أهم الكتب التي انطوت على رأي الجماعة في تنظيم «القاعدة»، ورفضها لسياساتها وعملياتها، فضلاً عن موقفها الرافض من عمليات أسامة بن لادن، وهما الكتابان اللذان ينضمان إلى كتابين آخرين في الموضوع نفسه صدرا في عام 2003 .

أما الشاعر ماجد يوسف فيرى أن أفضل ما قرأه خلال العام المنصرم مذكرات ادوارد سعيد، والعدد الخاص عنه من مجلة «فصول» والمجلة الفلسطينية «الكرمل»، اضافة إلى الأعمال الأخيرة لادوار الخراط.

ويرى أن ترشيحه لمذكرات ادوارد سعيد تنبع من كونه مفكراً عاش هموم مرحلته، وقرأ الواقع العربي بشكل عام، ثم الفلسطيني بشكل خاص بأقل النظرات عاطفية، وكانت قراءته لهما قراءة موضوعية، اتسمت بالأمانة.

ويقول الناقد محمود أمين العالم أن أفضل الكتب التي قرأها في عام 2004 كتاب «قريباً من بهاء طاهر» للبهاء حسين لكونه من كاتب شاب، فضلاً عن قيمة بهاء طاهر وما تم طرحه، اضافة إلى كتاب شريف الشوباشي «تحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه» وتأتي أهميته من كونه كتاباً أثار جدلاً في الأوساط الثقافية في مصر والعالم العربي.

ويعتقد العالم أن من أفضل الكتب التي قرأها أيضاً كتاب «أحزان حمورابي»، وهو عبارة عن قصائد تم نظمها من أجل العراق لعدد من الشعراء منهم أدونيس، حسن طلب، حسن توفيق، سعدي يوسف، عبد الرحمن الأبنودي، عبد الوهاب البياتي، اضافة إلى كتاب حول «النص الكلي» ليوسف نوفل باعتباره من الكتب القيمة التي تتناول النقد الأدبي، وكتاب «من النص إلى الواقع» للدكتور حسن حنفي لكونه محاولة لاعادة بناء أصول الفقه، وربط التراث الديني بالاحتياجات المعاصرة.