جمل رشيقة وأسئلة مريرة في مجموعة شعرية سعودية

TT

يقدم الشاعر السعودي أحمد الملا في مجموعته الشعرية الأخيرة «سهمٌ يهمسُ باسمي» جملة شعرية رشيقة، مشذبة جدا وخاطفة، ربما من أثر الطعنة التي خلّفها خنجرُ الغياب، فالمطعون لا يقوى على الكلام، فقط يتمتم ويجول بعينيه، محاولا العثور على إجابة شافية لأسئلة مؤلمة ومريرة تحفل بها القصائد، ولكنها أسئلة لا تنتظر إجابة، لأن الشاعر ظل بعد الغياب الذي أوقظه من «نومٍ هانئٍ عميق» ليتركه وحيدا في «يقظةٍ حارقةٍ وطويلة، تنقر الشباكَ بأظافرِها» يتساءل من الفجأة التي أفزعت ألمه: كيف هان عذابي وهانتْ الطعنة؟ لماذا أفزعتِ ألمي، ليشفقَ على السكين؟

في هذه المجموعة الصادرة عن دار الكوكب ـ لبنان 2005، يحاول أحمد الملا أن يلمس برفق موضع الطعنة التي خلفها الغياب، فاللوعة هنا بحجم الحب فيتذكر: «الحبُّ الذي شقّ الصخرة نصفين»، هذا الحبّ الذي جعل الشاعر رغم الطعنة يخاف ويرأف على اليد حاملة الخنجر، فيظل يسهر على هذا الحب: «أسهر في الحديقة لئلا يحركَ الهواءُ غصنا فتجفلين، يصحو الفلُّ والياسمينُ في كفيكِ، لا تخافي أبدا لستُ هنا، سأحميكِ مما تخافين»، أو «طويتُ العثراتِ من سجادتكِ، وحففتُ الممراتِ لتعبري»، ولكن هذه الممرات التي شهدت الحب هي نفسها التي اكتستْ باليأس: «كأنما اليأس مرّ قبلي، ومسحَ الممراتِ بالمرارة».

ولكن المرارة لم تصبغ قصائد المجموعة وحدها بل تبعتها إلى طباعة المجموعة حينما جاء الغلاف لا يمت لجَمال أو فنية القصائد بأي صلة.

من أجواء المجموعة هذا المقطع:

«يوم تماستْ عيونُنا، ودخلنا صورةً واحدة; غافَـلنا السهمُ، فلَتَ من إبهامكِ وسبابتي ودخلا في خَدَر طويل. سهمٌ سمعتُ أزيزَه يأتي بعد سنين لم يفصح القوسُ عنها. السهم شقّ الهواء، اعتدتُه كلَّ ليلة يهمس باسمي. وفي غمرة الوجد انطلقتُ ألهثُ بصدر عارٍ يتلهّف الطعنةَ بقلبٍ شاهق ولذةٍ قصيةٍ».