سؤال دانتي: هل خيانة الصديق كخيانة الوطن..؟

العمارة الشعرية في الأنشودة الثالثة والثلاثين لدانتي تعتمد على الاصوات وتحتفي بحاسة اللمس

TT

د. صلاح نيازي لم أكن جاداً حتى ولا %50، حينما ذكرت الأنشودة الثالثة والثلاثين لدانتي في معرض الحديث عن قصيدة «وطاوي ثلاث، عاصب البطن، مرمل»، المنسوبة إلى الحطيئة خطأ. لكن «ربَّ جدٍّ جرّه اللعب»، لم يكن لعباً بالضبط، بقدر ما كان «مشاكسة» ثقيلة الوطأة والدم، ومكايسة. لأن ما وقع من تشابهٍ بين القصيدتين، كان محض صدفة.

من هذا التشابه مثلا، أن كلا الشاعرين يصف إنساناً يستحيل إلى وحش، ولكل منهما أولاد، والكل يعاني من جوعٍ غائلٍ ناهش.

أكثر من ذلك، يقول الابن لأبيه في قصيدة «وطاوي ثلاث»: «أيا أبتِ اذبحني ويسِّرْ له طعماً». بينما يقول الأبناء الأربعة في الأنشودة الثالثة والثلاثين، حينما رأوا أباهم يعضّ كلتا يديه، فظنّوا أنه يأكلهما جوعاً: «ليتك تقتاتنا، فإنك أنت الذي ألبستنا هذا اللحم البائس، ولك أن تخلعه عنا».

كلتا الصورتين نابعتان من مصدر ديني، فالأعرابي ـ كما رأينا ـ استند إلى الآية الكريمة: «قال يا أبتِ افعلْ ما تُؤمر. ستجدني إنْ شاء اللّه من الصابرين». أمّا دانتي فاقتبسها، ربما من سفر التكوين، الاصحاح الثاني والعشرين.

إذن ما دمنا قد تورطنا، فلنهتبلْها فرصة لدراسة هذه الأنشودة وما آلياتها وتقنياتها؟ وكيف تُبنى العمارة الشعرية؟، لكن قبل ذلك نعطي نبذة موجزة تكون بمثابة خلفية تساعد القارئ في فهم هذا التأليف الرفيع.

في الحلقة التاسعة من الجحيم الدنيا، يشاهد دانتي ومعه فيرجل (رأسين آثمين يخرجان معاً من ثغرة واحدة وسط الجليد. وعندما اقترب منهما وجد أحدهما ينهش مؤخر رأس الآخر. حاول دانتي أن يعرف حقيقة الأمر من صاحب الرأس الأعلى واعداً إيّاه بالتشهير بعدوّه في الحياة الدنيا) (عن الجحيم ـ ترجمة حسن عثمان وفيها شروح أوفى).

تسمّى هذه الأنشودة «أنشودة أوكولينو»، وهي أنشودة يجمع بها دانتي بين خونة الوطن والأصدقاء، وبهذا يضع خيانة الأصدقاء في مصاف خيانة الوطن. الحكاية هي ان اوكولينو وقع أسيراً بيد الأسقف رودجيري، الذي غدر به ووضعه في السجن مع اثنين من أبنائه واثنين من أحفاده.

تبدأ الأنشودة بأقسى المشاهد الوحشية ضراوة:

«رفع فكّيه ذلك الآثم من خلف الرقبة ـ وجبهته المرعبة ومسحها بشعر الرأس الذي نهشه».

ومن ثمَّ تكلّم: «أنت تريدني أن استعيد حزناً عزَّ له علاج مجرد التفكير فيه يهصر قلبي بالألم قبل أن أفوه به لكن إذا كانت كلماتي بذوراً تثمر تشويه سمعة ذلك الخائن الذي أقضمه فإنك ستراني على الفور أتكلم وأبكي...».

تفاجأ دانتي أعلاه بهذا المشهد الرهيب: إنسان يأكل من رقبة إنسان. بهذه الوسيلة أثار دانتي فضول القارئ، للتعرف على هذا الشخص أوّلا وللتعرف على أسباب هذه الفعلة الشنيعة.

لكن ما التقنية التي لجأ إليها دانتي لتصوير الإنسان وحشاً؟

1 ـ الأكل من الرقبة أي من الخلف، وهذه هي طريقة الحيوانات المفترسة.

2 ـ مسح الفكّين بشعر الطريدة، كما هو مسح مناقير الكواسر بالريش.

3 ـ بالإضافة إلى ذلك، فإن دانتي لم يُرِنا وجه ذلك الإنسان ـ الوحش، وإنما صوّره من الخلف، حتى لا نتعرف عليه، وحتى يزيد من فضولنا.

في المقطع الثاني إثارة للفضول أكثر، لأن الإنسان ـ الوحش، لا يعرّف بنفسه على مدى خمسة أبيات لاحقة. وفيها نجد حزناً ليس له علاج، حزناً دفيناً محصوراً، مجرد التفكير به يهصر قلبه ألماً. أيُّ حزن هذا؟، إذن فضول آخر.

يرينا دانتي في الأبيات الخمسة كذلك عملية يستحيل فيها ذلك الوحش إنساناً: عقلاً وعاطفة، يظهر العقل لأنه اعتبر كلماته بذوراً ستشوّه سمعة ذلك الخائن. وعاطفة لأنه سيتكلم ويبكي، والحيوانات لا تبكي بدموع. أي أن هذا الإنسان لم يفقد إنسانيته وما توحشه إلا حالة مؤقتة. إلى هنا ونحن لا نعرف عن هذا الشبح شيئاً. وفي البيت التاسع والعاشر يقول لدانتي:

«... مَنْ ذا تكون لا أعرف، ولا كيف جئت إلى هذا المكان السحيق لكنك تبدو لي بالتأكيد من فلورنسا عندما أسمعك تتكلم».

بهذا التمييز بين اللهجات، يكون ذلك الشبح الذي تصوّرناه مفترساً، قد انتمى بالبرهان والدليل إلى حظيرة البشر.

برج الجوع في هذه اللحظة فقط يقدِّم نفسه على أنه الكونت أوكولينو ويقدم الشخص الذي كان يفترسه على أنه الأسقف رودْجيري، ثم يسرد بعد ذلك ما وقع بينهما، وكيف خانه ووضعه في السجن مع أولاده الثلاثة وكيف ماتوا جوعاً.

ما يهمنا هنا ـ لغرض هذه المقالة ـ هو كيف صوّر دانتي السجن مع أولاده الثلاثة، وكيف مطّط الزمن وكأنه دهور، وكيف مدّد الجوع ونمّاه، وأخيراً كيف وظّف النور والظلام، وهما عنصران أساسيان في كل سجن؟.

كما هي المثابة في هذه القصيدة، لا يصوّر أوكولينو مباشرة ما عاناه والأولاد الثلاثة من جوع حتى الموت، بل يمهد لذلك بلمحةٍ مخيفة عن السجن:

«من خلال شقّ ضيّق في شباك عالٍ في ذلك السجن (الذي سُمِّيَ بعدي ببرج الجوع، ولن أكون الأخير الذي يُحبس فيه) من ذلك الشقّ راقبت أقماراً عديدة حينما نمت النّوم المشؤوم فهتك لي حجاب المستقبل».

الغريب، وليس غريباً، أن أوكولينو ينفرد بالحديث عن نفسه، أي أنه لا يذكر أولاده معه: لماذا؟ هل لمفاجأة دانتي وبالتالي القارئ؟، لكن لماذا الأقمار دون الشموس؟ هل كان يأرق كل ليلة؟، وهل أصبحت الأقمار وسيلته الوحيدة لمعرفة مرور الأيام البطيئة؟، هل كانت الأيام متشابهة مملّة، فاختلطت ولم يعد لها تاريخ في التقويم الإنساني؟ (المدّة الفعلية التي قضاها أوكولينو في السجن ثلاثة أشهر).

لا ريب ان ذلك الأرق، واستنتاجاً، الخوف والهواجس، كانت تمهّد لحلم مفزع في نومٍ مشؤوم. هكذا انقلبت حتى نعمة النوم إلى نقمة، والأدهى أن الكابوس يستمرّ حتى بعد اليقظة، لأنه هتك حجاب المستقبل عن شؤم مدمّر. إذ رأى أوكولينو نفسه وأولاده، وقد تعقّبهم رودجيري بكلابه المدرّبة الضامرة. الأب والأبناء تهالكوا متعبين. رأى أوكولينو أنياباً طويلة تمزّقهم. عندها يستيقظ من فزع ليتأكد أنه كابوس غريب:

«وحينما استيقظتُ قبيْل الفجر سمعتُ أولادي ينشجون في نومهم (لقد كانوا معي) ويطلبون الخبز».

نستدل من الأبيات أعلاه، أن الليل أو الظلام في السجن، لا يزال قائماً، وأن الأولاد وهم ينشجون، إنما هم لم يكونوا نائمين، وإنما يتضوّرون جوعاً.

من ناحية فنية، عطّل الشاعر حاسّة البصر بواسطة الظلام، ليعطي لحاسة السمع حدّة أقوى وزخماً أكبر، وذلك بسماع النشيج وطلب الخبز. بهذه الوسيلة، كبّر الشاعر الجوع والمسكنة لدى الأولاد، وعجزه عن القيام بأي شيء. ولتبطئة تلاحق الأحداث، التفت أوكولينو إلى دانتي نفسه وخاطبه:

«أنت قاسٍ جدّاً إذا لم تشعر بوخزة في قلبك وأنت تنعم النظر بما أخبرك به قلبي إذا لم تبك الآن، فهل سيبكيك شيء أبداً».

هكذا حوّل دانتي الانتباه ولو إلى حين من الكابوس إلى التعنيف، وكأنه بهذه الوسيلة أوقف الزمن قليلاً وهو كافٍ فنياً لالتقاط الأنفاس، حتى يكون التهيؤ لسماع ما سيأتي أشدّ.

هذه الخاصية بإيقاف الزمن والأحداث والانتقال المؤقت إلى موضوع آخر، أي عدم الانجراف التراكمي السردي، لا يمتلكها إلا كبار الموهوبين.

يعود أوكولينو إلى موضوعه الأصلي ثانية، فيخبرنا أن أولاده الثلاثة كانوا قد حلموا بالحلم نفسه. يقول أوكولينو:

«وبعدئذ استيقظوا واقتربت ساعة تقديم الطعام لنا وكان رأس كل واحدٍ منّا يتوجس خيفة من حلمه».

ألا تدلّ عبارة «وبعدئذ»، على أن الأولاد كانوا ينشجون ويطلبون الخبز في نومهم؟.

اعتبارا من هذا المقطع، أخذت الأشياء تتكثف وتتضاعف. وقد مهد لها الشاعر بعبارة: «ورأس كل واحدٍ منا»، فبات الجوع أربعة، والحلم أربعة، وساعة ترقّب الطعام بأربعة أفواه. الآذان مرهفة، فقد حانت ساعة الفطور، ما الذي يسمعه أوكولينو؟ ولا يزال الليل مسدلاً إلاّ قليلا؟:

«وسمعت باب البرج الرهيب يُغلق. عندئذ نظرت إلى وجوه أولادي لم أبك. شعرت داخلي بتحجّر كامل شديد بكوا. صرخ ابني الصغير أنسلموتشو:

ماذا دهاك يا أبي؟ لماذا تحدِّق هكذا؟

مع ذلك لم أسفحْ دمعة، ولم أُجِبْ طيلة ذلك النهار ولا الليلة التالية إلى أن جاءت شمس أخرى وفتحت العالم».

تقنيات مركبة اللافت للنظر في المقطع أعلاه، عدّة تقنيات فنّية، منها مقابلة ترقّب فتح باب السجن وتقديم الفطور، بإغلاق القفل حتى الموت. (أمر الاسقف رودجيري بإغلاق باب البرج وإلقاء مفاتيحه في نهر الارنو، وكان معنى ذلك، الموت للسجناء ـ عن الحاشية 33 من الترجمة العربية لحسن عثمان). حقق دانتي بإغلاق الباب مرامي عدّة، منها:

1 ـ اغلاق حاسة السمع نهائياً عن العالم الخارجي، وبهذا أصبح السجن قبراً أكيداً.

2 ـ تكبير حجم الصمت والهواجس من خشية الموت.

3 ـ إعطاء أهمية جديدة للأيام والليالي. كل يوم، كل ليلة يهادنانك على الحياة ويقرّبانك من الموت، وكل يوم جديد أخطر من سابقه.

4 ـ بذر دانتي في هذا المقطع حناناً عن طريق الابن الأصغر، ممهداً به إلى حنان الأولاد الثلاثة في المقطع التالي، كما سنرى.

5 ـ أثار دانتي فضولنا حين قال: «إلى أن جاءت شمس أخرى وفتحت العالم»، هل انفرجت الأمور؟

على أية حال، لماذا سمع أوكولينو وحده صوت إقفال الباب؟ ولماذا صمت ولم يذرفْ دمعة؟. يبدو أن أوكولينو الذي تحمّل وزر أبنائه الأبرياء، قد بلغ به اليأس مبلغاً، لا ينفع معه كلام ولا بكاء. فالموت عليهم جوعاً، ساري المفعول، وما هي إلا مسألة وقت ـ مهما قاوموا ـ ويقضون نحبهم.

يقول أوكولينو:

«وحينما وجد ضياءٌ خافتٌ طريقَه إلى السجن التعيس لمحتُ وجوهاً أربعة تعكس صورتي أنا ومن شدّة الألم عضضت كلتا يديَّ ظن أطفالي أن الجوع جعلني أعضهما وقفوا فجأة وصاحوا:

يا أبتاه سيكون حزننا أقل إذا اقتَتّ منا: كنتَ أنت الذي كسوتنا هذه الثياب من اللحم، البائس فاخلعها عنّا مرّة ثانية».

على الرغم من أن الشمس الجديدة فتحت العالم، إلاّ أنها تسرّبت إلى السجن خيوطاً واهنة خافتة، إذن ما أعمق هوّة السجن! وما أضيق الشق!، وهو الصلة الوحيدة في العالم الخارجي. مع ذلك، كان ذلك الضوء الخافت كافياً للكشف عن مأساة متكاثرة، فرأى صورته منعكسة في ثلاثة وجوه. وهنا تصعد إنسانيته إلى أقصاها فيعضّ أصابعه، قادته إنسانيته المحبطة تلك إلى التوحش الذي تمثّل بعضّ يديه.

لنذكر الآن ذلك البيت في قصيدة «وطاوي ثلاث»، حينما رأى الابن أباه حائراً من نزول ضيف عليه:

«وقال له لمّا رآه بحيرةٍ أيا أبتي إذبحني ويسِّرْ له طعما».

هذه المبالغة حادة غير صادقة، حتى وإن كانت صادقة، لأنها مباشرة صادمة ولا سيِّما كلمة «اذبحني».

دانتي في المقطع أعلاه، أكثر حنكة، وتقنيته مركبة. أولا لأنه مهّد للحدث بيوم وليلة من الجوع والظلام والهواجس بالأجل. لا بدَّ أن الحواس كانت منصهرة مع بعضها بورم مؤلم، والأعصاب تالفة. لا بدّ أنهم على عتبة جنون، ربما لهذه الأسباب ظنّ الأولاد الثلاثة أن أباهم أوكولينو وهو يعض يديه، إنما فعل ذلك من جوع، فطلبوا منه أن يقتات منهم، وهذا طبعاً غير الذبح. ولتقليل شراسة الصورة، شبه الأولاد الثلاثة لحومهم البائسة بثياب يُكتسى بها إلى حين وتُخلع. بطلب الأولاد الثلاثة هذا، تساوى نبلهم الإنساني، مع شيء هو أقرب ما يكون إلى التوحش. الأب يأكل من أولاده؟، وأين سينتهي الجوع؟، هل سيأكلون من بعضهم بعضا؟. يقول أوكولينو:

«هدّأت من روعي صامتاً حتى لا أجعلهم أكثر حزناً كنا صامتين في ذلك اليوم واليوم الذي تلاه آه، أيتها الأرض الخالية من الرحمة! لماذا لا تنشقي بنا؟».

بهذا الصمت المتورم الذي دام يومين، أصبح السجن قبراً حياً، وما هم إلاّ أشلاء تتوشل فيها الحياة، وما من رحمة حتى في التراب. كذا قال المتنبي «كفى بك داء أن ترى الموت شافياً»، وما من موت رحيم في هذا السجن.

بدأ في المقطع أعلاه الزمن يتكسر إلى مجرد أيام، وظلَّ أوكولينو (ودانتي من ورائه) يقلّص الزمن، وكل يوم يمرّ نجاة، ولكنها نجاة مهلكة ناخرة كالذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، كلُّ يوم قبله نجاة وهو بلا ريب خطوة أخرى نحو الموت.

تفصيل الأيام بهذه الصورة، حيلة أدبية لتمطيط الحزن واليأس والموت، وتبطئة إيقاع الحياة وهي تحتضر. بهذه الطريقة أيضاً جعل دانتي، الصورة الشعرية عملية مختبرية لا تتمّ إلا على مراحل.

حين يواصل أوكولينو سرد قصته يقول: «جئنا إلى اليوم الرابع»، ولكن ماذا حدث في اليوم الثالث؟ لا شيء. هل كانوا يعيشون الموت أحياءً؟، بهذا الاختصار يرمي جادّو الابن نفسه عند قدمي أبيه، ويسأله لِمَ لا يساعده، ثم يموت. وفي اليوم الخامس رآهم يموتون واحداً واحداً، أمام عينيه. لكنّ عينيَّ أوكولينو لم تدوما، لأنه صار أعمى:

«كما أنتَ متيقن من رؤيتي أمامك رأيت الثلاثة يسقطون واحداً واحداً عندما مرَّ اليوم الخامس والسادس وفي أثناء ذلك الوقت صرت أعمى، أتحسّسهم، وليومين أصيح بأسمائهم وكانوا موتى بعد ذلك بات الجوع أقوى من الجزع».

أصبحت الأيام أشبه ما تكون بالتوابيت، فراغها مؤقت ولا بدّ لها أن تمتلئ. من ناحية أخرى لم يفصل دانتي الأيام إلى ساعات أو دقائق، لأنها كألواح التوابيت، لا تعني بمفردها شيئاً، ولكن باجتماعها تشكِّل المأساة والختام. كانت تلك الأيام توابيت جاهزة لا تعني إلاّ شيئاً واحداً: الموت.

في المقطع أعلاه، تعطلت بعماه حاسة البصر، وما من صوت غير صوته ولا صدى، ولأول مرة تظهر حاسة اللمس: «أتحسّسهم»، بأقسى ما يكون عليه اللمس، تنقطع حاسة اللمس بسرعة لأن الجوع بات أقوى من الجزع.

على أي حال، بعد أن انتهى أوكولينو من سرد وقائع مأساته يعود إلى جمجمة رودجيري ثانية:

«هكذا تكلم (أوكولينو) ومرّة ثانية حدَّق في الجمجمة بغضب وهجم عليها بأسنانه الشبيهة بأسنان كلب ضخم بعنادٍ وصلابة»... إلخ.

المسألة هل كان أوكولينو وهو ينهش جمجمة الاسقف رودجيري إنساناً أم وحشاً؟.

اعتمدنا في ترجمة الأشعار أعلاه، على الترجمة الانجليزية لـ «فرانسيس كيري» Francis Cary، مع الاستئناس بترجمات انجليزية أخرى.