مهرجان «فيلم فلسطين» لتعميق الوعي وتمويل مراكز للكومبيوتر

TT

بدأ في الثاني والعشرين من الشهر الماضي مهرجان «فيلم فلسطين»، الذي يقام في «كلية الدراسات الشرقية»، وتشرف على هذا المهرجان إحدى الجمعيات النشطة في مجال الحقوق الفلسطينية، وهي «جمعية فلسطين«، وتتكون من شبان فلسطينيين، وآخرين من بريطانيا ودول أخرى. وفكرة إقامه المهرجان بدأت في العام 1999 وتطورت الى أن دخلت حيز التنفيذ في عام 2004، حيث جذب المهرجان جمهوراً كبيراً من المشاهدين.

وفي هذا العام تمت زيادة عدد الأفلام، بحيث وصلت إلى26 فيلماً، ويشرح كتيب صغير مرافق للمهرجان، يتكون من ست وثلاثين صفحة،الجهود الذي بذلت من أجل تقديم العروض في قاعات مريحة، بحيث تقدم بعض الأفلام في مكان يعرف بالباربيكان في لندن، وهو مكان معروف باستقباله للأفلام المستقلة، في ما تعرض الأفلام الاخري في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية.

أفلام هذا العام، فيها قدر كبير من الاثارة، فبعضها ينبع من الواقع الذي لا يزال يعيش تحت نيره الاليم الشعب الفلسطيني، والبعض الأخر يتحدث عن قضايا سياسية مثل قضية اللاجئين والمستوطنات والحدود وغيرها. وكما ويرافق عرض بعض الأفلام، دعوة المشاركين فيها، مما يعطي الجمهور فرصة مناقشة الفيلم المعروض وأبعاده والسياق الذي وجد فيه، وكذلك للعيش مع صاحب الفيلم لحظات التصوير، وهذا كله يفتح باباً امام المناقشات.

أما عن جوهر ومحتوى الأفلام نفسها، فمنها ما هو ذو طابع إنساني مثل فيلم «أولاد أرنا«. هذا الفيلم مثير وقيل عنة الكثير، فالصور التي تعرض لأطفال ترعرعوا يوما ما علي يد سيدة يهودية، وهي أرنا، نادرة، ولا مبالغة لو قلنا مدوية. فمن أطفال صغار يتربون على حب المسرح وتظهر مواهبهم المتعددة في هذا السياق خلال سنين الانتفاضة الفلسطينية الأولى، إلى فتية يحملون السلاح في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وينتهي الأمر بهم إلى استشهاد معظمهم. كل هذه الصور يعرضها الفيلم بصورة تدعو إلى الدهشة والتفكير في الأسباب التي تدفع الشباب الفلسطيني إلى الانخراط بالعمل العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي.

فيلم آخر، يعرض لجوانب عديدة ولاسيما السياسية، هو «طريق 181«. حيث سُمي الفيلم على اسم قرار التقسيم الذي صدر عن الأمم المتحدة في عام 1947. هذا القرار ومع سياق الانتفاضة الفلسطينية الثانية يُلهم كلاً من الفنان الفلسطيني ميشيل خليفة والفنان الإسرائيلي أيال سيفان، للمرور عبر خط التقسيم، ومشاهدة الحوادث وعقد اللقاءات وتصوير لقطات درامية. ونتيجة هذا العمل فيلم مدته270 دقيقة. هذا الفيلم كما غيره الكثير في المهرجان لافت ومؤثر وجذاب. وهناك أفلام أخرى ذات بُعد اجتماعي مثل «حفل زفاف رانا«. فهنا على رانا أن تختار عريسا ممن وضعهم والدها على القائمة. بدورها رانا، هذا إن كان لها أي دور في هذا السياق، ترفض القائمة وتختار من تحب ومن عرفتة جيدا. ولكن العقبة الثانية أمام الفتاة هو كيف تصل إلى من تحب في القدس المحتلة. ينتهي الأمر عند «المحسوم» كما يقول الفلسطينيون بالعبرية، أي حاجز للجيش الإسرائيلي، وهنا دعوة للمشاهدة لنعرف ما سيحدث. هذا هو محتوى بعض الأفلام، وثمة غيرها الكثير مما لا يتسع المجال لذكره هنا، لكن يبقى أن نشير إلى الجودة والتفرد الذي تتمتع به أفلام مهرجان هذه السنة، اضافه إلى الجهود الكبيرة، التي تبذل من أجل ستمرارية إنتاج مثل هذه الأفلام وغيرها، وذلك لتلبية اهتمامات الجمهور المختلفة ومن أجل إبقاء الباب مفتوحا أمام إبداعات جديدة. ومن أجل هذا الهدف الأخير سيتم التواصل مع فنانين من فلسطين وأوروبا ومناطق أخرى لإنتاج جديد يدعم هدف الاستمرارية. كما أن «جمعية فلسطين» تحث على الحضور وتشجع على المشاركة بأي وسيلة ممكنة من أجل تطوير هذا العمل. فما هو مُفيد إضافة إلى الوعي التي تعمل على زيادته هذه الأفلام بأبعاد القضية الفلسطينية، أن جميع العوائد من مهرجان فيلم فلسطين السنوي تذهب إلى مراكز التنوير لتعليم الكومبيوتر في مخيمات اللاجئين في غزة. ويأمل القائمون على المشروع تنمية مساعداتهم، لتصل إلى اللاجئين الفلسطينيين في مناطق مختلفة أيضا. وبالطبع يعتمد تحقيق هذا الهدف الأخير، على مدى الدعم الذي تتلقاه «جمعية فلسطين» في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية.