بريند وكلاب الحرب

TT

كان «دوغ بوي» واحدا من الشخصيات الثانوية في رواية تي أتش وايت والمعروفة باسم «السيف في الصخر» وهذا كان قد عاش مع كلاب صيد السير اكتور ويعود أصله إلى «دوق يورك الذي قتل في أغينكورت ووصف طفلا كهذا في كتابه سيد اللعبة». ومن نفس النسب يأتي بْريند الذي عثر عليه طفلا في فراش قشي خاص بعدد من الجراء والذي ترعرع في مسكن خاص بالكلاب داخل إقطاعية السير ادموند داو.

ولم يكن قادرا على الكلام لكن ذلك لا يعني أنه كان غبيا ومثلما أشار راسل فإن أولئك الذين ظنوا أنه أشبه بالكلاب كانوا على خطأ مع ذلك فإنه كان يتحرك بفضل الحدس الغريزي أكثر من العقل. وكان شعوره بالألفة متجها أكثر نحو كلاب الصيد التي كان السير يمتلكها والتي يبلغ عددها 40 زوجا وحينما كان الفارس ادموند يدعى للمشاركة في معركة كريسي كان بريند هو الآخر يذهب معه باعتباره من أغلى عناصر حاشيته.

ولم يكن ممكنا للإقطاعية غير المعتنى بها قادرة على توفير العناية لعشرين رجلا مسلحا كان على السير ادموند كجزء من واجبه أن يأخذهم معه لكن كلابه كانت هي الأحسن في كل البلد. ومع تدهور وضعه الصحي بسبب تقدمه في السن كان سلوكه يسوء أيضا وأفضل ميزة لديه كانت تسمية الكلاب بأسماء الأسلحة لكنه كان يخرج مع صياده وسائق عربته وابن أخيه النحيل باعتباره وصيف الفارس مع 40 كلبا حربيا برفقة بريند الذي كان مسؤولا عن العناية بـها.

وإذا كانت الحملة طويلة فإنه يكون في هذه الحملة مطمئنا من وجود وقت كاف للصيد وستكون كلابه في هذه الحال ذخرا مهما لتحقيق هذا الهدف. يتصور بريند الحرب بأنها نوع من الصيد الطويل الأمد بسبب مشاركة الكلاب فيها. وليس هناك أي شخص مستعدا لقبول الحقيقة وبعد المجزرة التي تقع جراء أول مواجهة يتم أسر ادموند والكلب غليف وزعيم فريق الكلاب هرب مجروحا. ويذهب بريند إليه كي يجد صديقه ويعيده إلى سيده. ويسود اعتقاد أنه هرب من المعركة لكنه يقوم بالواجب الوحيد الذي يعرفه.

يكتب راسل مع روح دعابة عالية ورشاقة واقتصاد وكل ذلك يعطي شخصياته طابعا مركبا يسمح بمنح هذه الرواية ذات المناخ القروسطي حياة. وهناك شخصيات عديدة في الرواية منها شخصية أوريلي الفتاة اللاجئة منطقة كالي المحاصرة مع طبيعتها القوية في البقاء على قيد الحياة وهناك شخصية السير ريتشارد باريت الاستقراطي الانتهازي وهناك تولو الصياد وبرينت نفسه والسير ادموند وصداقته المتنامية مع فارس فرنسي وحيد يمسكه من أجل الحصول على فدية مالية وهو تذكير مؤثر برواية تي أتش وايت التي تتضمن الشخصيتين السير غرومور والملك بلينور.

ما يبدو غير مفهوما بالنسبة لنا هو الشيفرة المستخدمة بين فرسان القرن الرابع عشر. فالسير لوسيان سيسمح للسير ادموند بالذهاب طليقا لكنه كان يخشى أن يهينه، بدلا عن ذلك كان يتعامل معه باعتباره ضيف شرف ليعلم في الأخير أن إقطاعية داو غير قادرة على توفير الفدية لسجينه وهذا ما يجعله في الأخير يرضى بأربعين كلبة حراسة بدلا عن الفدية كي يتمكن من تحسين نسل كلاب الصيد المتوفرة عنده. وعند تلك النقطة تأخذ الحبكة القصصية منعطفا حادا مع تمكن تولو من النجاة في المعركة فإنه يسعى للوصول إلى السلطة من خلال القتل.

أقصى تولو نفسه عن القواعد التي تنظم المجتمع آنذاك. كان للسير ريتشارد فهم ضعيف لمبدأ الشرف. إنه بريند الذي تقع مكانته في قاع الترتيب الطبقي من يفهم الكيفية التي تعمل فيها الأمور طالما أن هذا الكتاب يترك الانطباع بأن النظام الإقطاعي كان منظما بشكل متواز مع التنظيم الذي يحكم مجموعة من الكلاب الضخمة وما كان يشده إلى رئيسه هو مبدأ الولاء.

يمكن القول إن رواية راسل الأولى تتمتع بالأصالة والروح الإنسانية ومرضية لحد كبير وهو سيعقبها برواية أخرى هي بريند: جالب الطاعون.