إحياء لوحات من العهد الصليبي لإنقاذ الذاكرة

فنان يؤرخ لحياة المدن الفلسطينية

TT

يسعى فنان فلسطيني للتأريخ للحياة اليومية في المدن الفلسطينية، ولكن عن طريق الفن. أنجز الفنان التشكيلي جورج سمور (70) عاما، عشرات اللوحات بالألوان المائية ضمن مشروعه هذا.

ويشرح سمور بأنه اعتمد على لوحات واسكتشات لرحالة وسياح ومستشرقين زاروا الأراضي المقدسة ووثقوا ما شاهدوه بقلم الرصاص أو الفحم، وأضاف «استخدموا الرصاص والفحم لتوفره ولأنه عملي، فكان على الواحد منهم أن يوثق لرحلته من خلال لوحة يرسمها خلال ساعة أو عدة ساعات على الأكثر».

ووجد سمور هذه اللوحات التي رسمها الاقدمون في الكنائس أو في مكتبات قديمة أو لدى معارف وعائلات مهتمة توارثتها خلال قرون، وحصل على لوحات أخرى من مكتبة في استطنبول تحوي قسما خاصا لصور فلسطين في الحقبة العثمانية.

واهم ما لفت انتباهه في أسلوب الرسامين القدامى كما يقول هو الإتقان مثل لوحة لساحة المهد أمام كنيسة المهد في مدينة بيت لحم رسمت عام 1510م، وبها وضوح ودقة مذهلان، حسب سمور. ولا يعرف سمور هويات الرسامين الذين تجمعت أعمالهم لديه، ولكنهم حسب اعتقاده فرنسيون أو ايطاليون، عملوا على توثيق ما يجري في فلسطين خلال العهد الصليبي.

ولكن هناك رسوم لفنانين يحملون جنسيات أخرى مثل ألماني رسم حارة النجاجرة في بيت لحم عام 1830م. وبعض اللوحات ينظر إليها سمور باهتمام خاص مثل لوحة لسوق مدينة يافا القديمة رسمت عام 1770م، وتظهر فيها تفاصيل دقيقة ورائعة لحياة الناس في السوق.

وأعاد الفنان الفلسطيني رسم ما تجمع لديه من لوحات ولكن بالألوان التي يختارها ـ كما يقول ـ حسب الزمن الذي يعود إليه تاريخ اللوحة ليعطيها الطابع القديم.

ويعود هذا الفنان لمراجع مختلفة ليكون في صوره الظرف التاريخي الذي رسمت فيه اللوحة الأصلية، ليعرف لماذا اختار الفنان هذا المنظر أو ذاك ليخلده في لوحة.

ومن اشهر المواقع التي رسمها سمور كنيسة القيامة، وباب الخليل، وقبة الصخرة، والمسجد الأقصى، وسوق خان الزيت، والطرق القديمة داخل الأقواس في القدس القديمة بالإضافة إلى كنيسة المهد في بيت لحم. ويمكن من خلال مقارنة ما تحمله لوحات سمور عن الحقب المختلفة معرفة كم تغيرت المعالم في المدن الفلسطينية وعن ذلك يقول سمور «أهم شيء يمكن ملاحظته هو اختفاء نسق العمارة التقليدية، وان البناء الجديد طمس المعالم التاريخية لمدن أثرية مثل القدس وبيت لحم». وأقدم لوحة رسمها سمور تعود لعام 1100م لكنيسة المهد التي تظهر كقلعة قديمة وتعود الصورة إلى عهد بلودون الأول، الذي توج ملكا لمملكة القدس الصليبية في هذه الكنيسة في ذلك الوقت.

ويفصل زمنيا بين لوحة وأخرى فترات تتراوح بين 200 ـ 300 عام، ويأمل سمور أن يستكمل مشروعه مع توفر مزيد من الصور القديمة،

ويمارس الرجل الرسم التجريدي، ولكنه كثير الشغف بمشروعه الجديد التوثيقي.