ياسمينة خضرة: بفضل الاسم المستعار امتلكت شجاعة النظر في عيني زوجتي

TT

التقت "الشرق الأوسط" ياسمينة خضرة الذي يقدم نفسه على النحو التالي: "أنا جزائري، عربي، مسلم، أُقيم الصلاة وأنهى عن الفحشاء والمنكر. اخترت الكتابة لأُوصل الفكر العربي الى أقصى مدى. وأنا فخور لأن كتبي تترجم الى عدة لغات. لقد ألّفت 15 كتاباً في عشرين عاماً".

< لماذا اخترت الكتابة بالفرنسية؟

ـ كنت أكتب بالعربية لكنني لم ألق التشجيع من أساتذتي الذين درسوني العربية، وعندما كنت أعرض قصيدة على أحدهم الاقي الشتم منه. في حين أن المسيو دافيس، استاذ اللغة الفرنسية شجعني واهتم بكتاباتي. جئت اليها منذ ثلاث سنوات، وكنت في البداية أكتب باسمي الحقيقي، محمد مولى السهول، فأنا من قبيلة عربية ترجع أُصولها الى مكة المكرمة، استوطنت الصحراء الجزائرية منذ تسعة قرون. وما زال في أغانينا ورقصاتنا امور تعود الى تلك المنطقة، قبل الاسلام. وأنا لا أُحب أن أقول الى زمن الجاهلية لأن ذلك الزمن أنتج شعراً عظيماً.

< كيف يتاح للمرء اسم جميل مثل محمد مولى السهول ويسمّي نفسه باسم آخر؟

ـ في عام 1989 أحالتني قيادة الجيش الجزائري الى لجنة رقابة لأنني أنشر باسمي الصريح. وكنت عسكرياً منذ سن التاسعة، شبلاً من أشبال الثورة، وأمضيت ستة وثلاثين عاماً في الجيش، فلما فرضوا عليّ الرقابة اقترحت زوجتي أن أكتب وأنشر باسم مستعار. وبسبب شجاعتها التي جعلتني فخوراً بها قررت أن أكتب باسمها. المرأة الجزائرية فخر البلد والرجال أشباه. وأقولها للمرة الأولى، إنني بفضل هذا الاسم المستعار امتلكت شجاعة النظر في عيني زوجتي بدون أن أُصاب بالحرج.

< لماذا لم تعد الى الكتابة بالعربية بعد مغادرتك الجزائر؟

ـ السبب أن الابداع العربي مهمش، والعرب لا يحترمون كتّابهم. لقد جرت محاولات لترجمة كتبي أسفرت عن صدور ترجمة واحدة، في حين أن رواياتي ترجمت الى ثلاث عشرة لغة. ومنها تسعة كتب ترجمت في اسبانيا وستة في الولايات المتحدة الأميركية ومثلها في ألمانيا واليونان وبولونيا وحتى في اسرائيل. بل أن الاسرائيليين طلبوا مني أن أزور القدس فلم أذهب. أما العرب فلم يهتموا، ولا مرّة، بكتبي.

< لعل موضوعاتها تستهوي الغربيين...

ـ موضوعات رواياتي هي في صميم الأدب، وأنا كمواطن جزائري لم أستطع السكوت على الجحيم في الجزائر فكافحت الشر والعدوان والهمجية بالكتابة. الشر هو الجهل والهمجية هي محاولة فرض الجهل على العالم، والعدوان هو عداوة الانسان للانسان، عداوة الجاهل لغيره وعداوة الظلمات للنور. إن تسعين في المائة من الجزائريين يحملون أفكاراً.

< لو صحّ هذا لما تقاتلوا ولأصبح بلدكم مثل سويسرا...

ـ المثل يقول إن تفاحة واحدة فاسدة في الصندوق تفسد التفاح كله.

المشكلة، بل الكارثة، في الحكّام، بينما الانسان العربي قادر على صنع المعجزات. واجب الأديب أن يدافع عن العروبة والاسلام لأن الحرب اليوم صور ومناورات ايديولوجية. وفي كتاباتي أعكس صورة الانسان العربي الذي منح العالم الشعر وعلم الفلك والعمارة والرياضيات. مشكلتنا اننا فقدنا الأمل والثقة في أنفسنا.

< نعود الى رواياتك... هل أنت سعيد بالرواج الذي حققته في الغرب ؟

ـ نعم، وأنا أعيش من عائدات كتبي منذ أن جئت الى فرنسا، وقد حققت أعلى المبيعات في النمسا والثاني في ايطاليا وكنت واحداً من أفضل عشرين كاتباً على صعيد البيع في ألمانيا. لكن السوق الأدبية متغيرة وقد يكسد كتاب من كتبي. أنا لا أملك الثقة في المستقبل.

< يمكنك، إذا حدث ذلك، أن تعود الى الجيش...

ـ كنت ضابطاً سامياً في وهران، لكني لن أعود الى الجيش لو كسدت كتبي أو نضبت قريحتي، بل أود العمل في ميدان الصورة والسينما. نحن نعيش في عالم مكافحة الصورة بالصورة.