معالجة سياسية لشهرزاد ممثلة الشعب والديمقراطية

العرض المصري "حكايا لم تروها شهرزاد" على مسرح الجمهورية

TT

من بين المعالجات الحديثة التى شهدها المسرح المصري لحكايات "ألف ليلة وليلة"، العرض الجديد "حكايا لم تروها شهرزاد"، تأليف علاء عبد العزيز سليمان وإخراج حسام الشاذلى، وذلك على "مسرح الجمهورية"، التابع لدار الأوبرا المصرية في القاهرة.

قدم المؤلف، معالجة للصراع المثير بين شهرزاد وشهريار بعيدا عن الليالي ذاتها. فشهرزاد هنا(رغدة) ذريعة، لتقول ما لا يجرؤ على البوح به الناس، حيث انها تدخل فى مناقشات سياسية صريحة شديدة المباشرة مع الملك المصدوم شهريار (سامى عبد الحليم)، حول أصول الحكم الديمقراطي والعدالة مع الشعب الذي يعاني الفوضى والفقر، ونيران السلطة، تحت وطأة رجاله، الذين يحجبون الحقائق، سواء بعلمه أو بدونه، وعلى رأسهم سيّافه وصديقه مسرور(أحمد السعدني).

وغابت عن المسرحية شخصيات مهمة مثل شاه زمان ودنيا زاد والوزير والد شهريار، الذي علمنا أنه توفي منذ سنوات، وكان يشارك في صياغة الرسائل المزيفة لإرضاء الملك، وهي تعبر له عن تأييد الشعب له زورا وبهتانا.

وإذا كان قانون الليالي الشهير، يعتمد دائما على تعميم وتهميش الأنثى باستثناء النماذج المتفردة تماما، بمن فيهن زوجة شهريار، التي لا نعرف عنها شيئا بدءا من اسمها وحتى مبرر خياناتها المتكررة، سنجد المخرج يخلص قليلا من هذا التعميم المطلق، ويقدم نموذجاً أوضح لزوجة شهريار (ريحانة) من خلال شاشة على يسار المتلقى، خارج إطار الخشبة، شاهدنا من خلالها فعل الخيانة المجسم في أحلام شهريار، الذي يتلوى أمامنا على الفراش المستقر على يمين الخشبة. مع ذلك العرض لم يقدم لنا شخصية حية لزوجة شهريار، واكتفى بتوصيل آثارها المدمرة على شهريار، الذي كان يحبها حبا جما.

الصراع بين شهرزاد وشهريار في المسرحية، اتخذ بعداً سياسياً، فهي تحذره من خطر الثوار والمغول، القابعين على الحدود بدعوى الحماية؛ وإن كان هذا الخط الأخير، لم يستثمر بالقدر الكافي. لكن الجديد هنا، أن شهرزاد تعلن لزوجها من اليوم الأول، أن لها حبيبا وهي وفية له، وبالتدريج يتضح أنه أحد ضحايا شهريار، الذي سعى لظلمه كفرد من الشعب من دون أن يعرفه معرفة شخصية.

لكن المشكلة في هذا العرض جاءت بداية من النص، الذي اعتمد تماما على الحواريات من دون اللجوء إلى لعبة الفرجة المسرحية، ولم يستطع المخرج معالجة هذا الخلل، عندما استغنى عن الموسيقى تماما، كما ظلت الإضاءة تتعامل طوال الوقت مع اللون الأحمر، وما يحمله من دلالة تقليدية للدم والموت والشهوة.

وقد استغنت شهرزاد المسرحية إلى حد كبير عن سلاح الأنوثة، وهي الوفية لحبيبها، وبذلك أصبح الصراع بينها وبين شهريار هو عقل في مواجهة عقل، كما أن قتل شهريار لشهرزاد عن طريق الخطأ، بدلا من أحد الثوار بدا نهاية صادمة، قصدها المؤلف والمخرج لتحدث حالة الاستفاقة الداخلية كاملة، بدلا من النهايات المثالية السعيدة.