الأمهات وبناتهن المراهقات

النصائح التقليدية التي نسيناها في غمار الحياة الحديثة هي الأنجع

TT

تؤمن تيري أبتر عالمة النفس والأستاذة بجامعة كمبردج، أن العلاقات المتوترة بين الأمهات وبناتهن المراهقات ليست أمرا محتما،

بل يمكنها أن تصبح علاقة صداقة ومحبة إيجابية للغاية. ومن خلال نتائج استقتها المؤلفة من خلال عديد من الاستقصاءات

والأحاديث التي أجرتها مع فتيات مراهقات وأمهاتهن، استخلصت أن الفتيات الصغيرات كثيرا ما يحاولن تقليد أمهاتهن،

في حين تحاول الفتيات الأكبر سنا تمييز أنفسهن عن أمهاتهن والاختلاف عنهن بقدر الإمكان.

ترى مؤلفة كتاب «أنت لا تعرفينني حقاً» أن التفاعل بين الأم والابنة هو سبب المشكلة، كما أنه مفتاح الحل. فالتحدي الحقيقي بالنسبة للأمهات هو تجنب الدورة اللانهائية من المجادلات والأحاديث المحبطة، مع محاولة تغيير نظرة بناتهن إليهن على أنهن كائنات أكثر تجاوبا وتفهما. ولا يتم ذلك إلا من خلال أن يكن كذلك بالفعل. وفي هذا الصدد تقدم الكاتبة عدة استراتيجيات لمخاطبة الموضوعات التي تهم الفتيات في تلك المرحلة، مثل الشكوى من معاملتهن كأطفال، وضآلة قدر الحرية الممنوح لهن، بالإضافة إلى الشكوى المستمرة من مشكلات الجمال، كحبوب البشرة وزيادة الوزن.. إلخ. ورغم أن نصائحها عاقلة ومنطقية للغاية، إلا أنها لا تأتي بجديد. ولكن ربما تكون أفضل النصائح في هذا المجال هي النصائح التقليدية التي نسيناها في غمار الحياة الحديثة وإيقاعها السريع، الذي أثر سلبا في علاقاتنا بأقرب الأقربين إلينا.

من بين النصائح التي توجهها أبتر للأمهات:

> بذل مجهود مضاعف للإنصات إلى بناتهن دون إصدار أحكام متعنتة

> عدم إظهار أي تعبير بالوجه أثناء الإنصات، إلا أن يكون تعاطفا أو تفهما للمشكلة.

> عدم المجادلة أو الصياح في وجه بناتهن، بل بدلا من ذلك عليهن أن ينتظرن أن يهدأ انفعال بناتهن تماما قبل بدء أي حديث معهن.

وفي هذا الصدد تقدم المؤلفة نماذج لمحادثات واقعية بين أمهات وبناتهن، واضعة إياها في عمود خاص في كل صفحة، للتذكير والتوعية. وتتناول تلك المحادثات شتى الموضوعات والمواقف المختلفة، مما يجعلها دليلا مفيدا للغاية لكل أم تواجه تلك المشكلة، وما أكثرهن.

فالمؤلفة ترى أن المشكلات التي تواجهها البنات هي في الحقيقة فرصة ذهبية للأمهات للتقرب لبناتهن وتكوين علاقة رائعة معهن. فها هي الفرصة للتفهم والإنصات وإبداء التعاطف وإسداء النصيحة الهادئة المغلفة بكثير من الحب والثقة. فالبنات ـ كما أثبتت الاستقصاءات والأحاديث معهن ـ يثقن في أمهاتهن تماما، أكثر من الصديقات بكثير. ولكن طريقة فرض الأم لرأيها على ابنتها، أو نهرها، أو مخاطبتها كطفلة صغيرة، كل ذلك يولد العناد لدى الابنة، والذي يترجم في صورة عدم استماع أو انصياع لنصيحة الأم. وتبرر الأم هذا التدهور الذي تشهده العلاقة ـ التي هي في الأساس علاقة حميمة جدا ـ أثناء الطفولة بأن الابنة تحاول من خلال تبني رأي مخالف للأم أن تثير انتباهها إلى أنها تغيرت، وأن على العلاقة بينهما أن تتغير وتتبدل أيضا، أي أن تصبح علاقة بين صديقتين، وليست علاقة أم بطفلتها.

ولكن هذا التغير لا يقابله فهم من جانب الأم لحقيقة الموقف. فهي تراه على أنه تمرد وخروج على الطاعة. وتؤكد المؤلفة أن ما تسميه الأم تمردا إنما هو نداء استغاثة من فتاة مندهشة من التغيرات التي تصيبها، وتبحث عن يد المساعدة. وهل هناك أقرب من يد أمها؟