درس تعلمنا إياه محلات بيع الكتب الكبرى: الآخرون هم الجحيم

السي دي وبطاقات التهنئة والقرطاسية والقهوة والمعجنات تحتل الرفوف

TT

متى تحولت محلات بيع الكتب الى أماكن رخيصة؟ حاول اجتياز ممرات أي من محلات بيع الكتب الكبرى في ظهيرة عطلة نهاية الأسبوع

أو في مساء أحد أيام العمل، فانك ستشعر مثل فيفيان لي في تلك اللقطة الشهيرة من فيلم «ذهب مع الريح» وهي تحاول أن تسير

في شوارع أتلانتا حتى نهايتها وهي تغص بالأجساد المتناثرة للجرحى.

ان أجزاء شركتي بيع الكتب «بارنز أند نوبل» أو «بوردرز» ليست جريحة ولكنها ساكنة الى حد تتخيل أنها جريحة. والعثور على ممر لا توجد فيه سيقان ممدة أو خزانة كتب بدون شخص يسند نفسه اليها فيحجب الرفوف الثلاثة الدنيا أمر شبيه بمحاولة التراجع خطوة الى الوراء من أجل القاء نظرة على الفن في متحف غوغنهايم.

ومحلات بيع الكتب الكبرى صممت لغرض استيعاب عدد كبير من الناس وجعل كل واحد يشعر بالارتياح خلال ساعات. وتلك هي المشكلة على وجه التحديد.

والمجمعات «الكبرى» من النمط الجديد، التي تجمع متاجر التسوق الكبيرة الى مراكز الفنون، خلقت ثقافة جديدة في ما يتعلق بمحلات الكتب حيث من المستحيل عمليا القيام بالشيء الذي اعتدنا على أن يغري معظمنا ويجتذبهم الى محلات بيع الكتب، وهو التصفح.

فلم تعد الكتب وحدها هي المعروضة للبيع، وانما أيضا السي دي والدي في دي وبطاقات التهنئة والقرطاسية والهدايا المتنوعة والقهوة والمعجنات، ومن المحتمل جدا ان نجد سلعا صحية ومستحضرات تجميل في المستقبل غير البعيد. فالمزيد من المنتجات يعني المزيد من الاعلان. ان محاولة التصفح، أو محاولة القراءة فعلا تعني الدخول في منافسة دائمة توضع فيها قدرتك على التركيز مقابل السي دي الجديد الذي يحاول المتجر الترويج له.

هل تستحق تلك الرواية الجديدة مبلغ 25 دولارا الذي يطلبه الناشر؟ وأي دليل سياحي يوفر افضل المعلومات التي تحتاجها في اجازتك؟

واذا لم تكن الموسيقى تعزف فان سبب ذلك قد يعود الى ان المحل يروج لقراءة عبر جهاز تكبير الصوت بالطبع. وبدلا من تصفح السي دي، ستجد نفسك وأنت تصغي الى الأصوات الحية لكاتب يقرأ من كتابه. ولكن ذلك مجرد شيء عابر وليس دائميا. والدرس الأساسي المستخلص من سارتر والذي تعلمه ايانا محلات بيع الكتب هو التالي: الآخرون هم الجحيم.

فالكراسي المريحة التي تضعها «بارنز أند نوبل» و«بوردرز» في ممرات فروعها لبيع الكتب محدودة في عددها. ولهذا فان الممرات والطوابق تصبح شبيهة بمواقع انزال الجنود. فالشخص سيئ الحظ الذي لا يجد كرسيا يجلس مقابل الرفوف أو بينها.

وبجعل محلات بيع الكتب شبيهة بغرف اللعب فان الشركات العملاقة فعلت الكثير لابعاد المناخ الحميم الذي يجد فيه الناس الفضاء الهادئ للبحث عن الكتب. واذا ما منح الناس وقتا للتصفح فانهم عادة لا يغادرون مع الكتاب الذي جاءوا من اجل اقتنائه حسب، وانما ايضا مع عدد من الكتب الأخرى. فأي نوع من البزنس هذا الذي يقيم ويشجع وضعا حيث الزبائن لا يمكن أن يروا السلع المعروضة للبيع؟ والشعور الذي يتكون لديك في الغالب من تلك المحلات الكبرى هو أن أي عملية شراء تقوم بها ستكون عملية خاطئة.

واذا ما أردت تجرب محل بيع كتب يتوفر فيه للناس فضاء للتصفح فانني اقترح عليك الذهاب الى محل «ثري لايفز أند كومباني» أو «بلاك أورتشارد».

وكلاهما محلان صغيران ولكن تتوفر فيهما خيارات واسعة في ما يتعلق بالكتب الجديدة. وليست هناك محاولات للتأثير السلبي على الزبائن. وهناك اشخاص يقدمون لك المساعدة عندما تحتاجها، ولكنهم سعداء في ان يتركوا لك فرص التصفح. وغالبا ما تجد نفسك، خصوصا في «بلاك أورتشارد»، وأنت تناقش اقتراحات الشراء وأمورا أخرى مع زبون آخر.

* خدمة «نيويورك تايمز»