«مجلس حوار للثقافة» ينهض على أنقاض الماضي في العراق

TT

قاعة «حوار» للفنون التشكيلية المجاورة لكلية الفنون الجميلة في بغداد، كانت قد تحولت بمرور الزمن قاعة صغيرة تستقطب اعمال الفنانين الشباب، الى منطقة جذب كبيرة لمعظم مثقفي العراق. وكان على الفنان قاسم السبتي صاحب القاعة الذي انطلق بالفكرة الى اقصى حد من الجنون والمغامرة، ان يكون راعيا لتجاذب الثقافات، وان يحرس قاعته من المتطفلين الغرباء، اولئك الذين كانوا في زمن السلطة الشوفينية يأتون الى كافتيريا القاعة بقصد المراقبة والاستماع الى كلام المثقفين (الغامض)، وربما تسجيل بعض الكلام الخارج عن القانون.

عندما سقط الصنم، استبشر المثقفون خيرا، وتوافدوا الى قاعتهم الاثيرة، لكي يبدأوا عهدا جديدا مع الحوار بغياب عسس النهار، مما جعل القاعة أخيرا، تشهد زخما هائلا لا تستطيع جدرانها الصغيرة ولا (مطعمها) المتواضع ان يستوعبه. هذا الامر دفع بالفنان التشكيلي قاسم السبتي الى التفكير جديا بتحويل قاعة حوار الصغيرة مع الكافتيريا العائدة لها، الى مكان كبير يضج بالثقافة والمثقفين، فسعى الى تهديم البناء القديم، وابتدأ ببناء جديد ليضع له اسما جديدا ايضا هو «مجلس حوار للثقافة».

وقال السبتي لـ«الشرق الأوسط»: هذا المكان كان ولا يزال يستأثر بالمثقفين، ويشكل في ذاكرتهم حضورا مؤثرا. وكان المثقفون يتعاطون فيه شؤونهم وشجونهم الإبداعية. وقد كانت مجاورة اكاديمية الفنون الجميلة للقاعة، قد اعطت ابعادا نفسية، قلما يجدها المثقفون في مكان اخر، مما دفعنا الى الانطلاق بالمشروع الحالي، الذي وجد فيه الكثيرون متنفسا، يضاف الى حراك الثقافة العراقية الراهنة، التي تفتحت فيها كل تيارات العطاء، واختفى منها دور الرقيب الذي كان يسجل كل نأمة وحركة تصدر من الفنانين. واصبحت القاعة الصغيرة، عبارة عن قاعات فنية ـ موسيقية ـ شعرية، واصبحت هناك مقرات للمجلس الثقافي العراقي برئاسة الفنان عزيز خيون والدكتور هيثم عبد الرزاق، وهناك مقر لمنظمة حوار للثقافات والاديان برئاسة الدكتور خزعل الماجدي، اضافة الى افتتاح مسرح الستين كرسيا، وقاعة لنادي السينما.

واشار السبتي الى ان «المجلس الثقافي للحوار» سيقوم بفتح دورات عامة، لتعليم الرسم والموسيقى، واستقبال الأنشطة في مجالات الفنون. صحيح اننا انطلقنا من وسائل متواضعة ولكننا بمشاركة الجهات الاهلية الخاصة ومنظمات المجتمع المدني، نجد انفسنا نؤسس لظاهرة ثقافية هي الاولى من نوعها في العراق.

وعن الجدوى من كل هذه الجهود اقتصاديا، اكد الفنان قاسم: ليس لمشروعنا اية جدوى اقتصادية، كل ما في الامر ان جموع المثقفين العراقيين، بكافة اتجاهاتهم، سيجتمعون في هذا المكان، وحضورهم سيتطلب (النزول) الى الكافتيريا، التي هي بيت القصيد في ما تلمح له في سؤالك، حيث ستكون هذه الكافتيريا هي العصب الرئيس الذي يغذي بقاءنا من عدمه. ولأننا اصحاب تجربة متواضعة، فبمقدورنا القول ان المشروع سينجح، ليس في استقطاب شرائح المثقفين، وانما ابعد من ذلك بكثير، لأننا نتجه الى الابداع، لكي نغني للحياة، ونحاول تلمس رياح الحرية.