امرأة تطأ على مشاعرها لشخصية في سبيل طموحها السياسي

كتاب أميركي يرد على السيرة الذاتية لهيلاري كلينتون

TT

عندما تقرأ هذا الكتاب حتى آخر صفحة فيه، يتضح لك أمر واحد بجلاء تام، وهو أنه لن يؤثر بأي حال من الأحوال على سير الانتخابات الرئاسية القادمة، وعلى نتيجتها، سواء بالنسبة لهيلاري أو غيرها من المرشحين. فهذا الكتاب الذي وضعه محرر سابق بجريدة نيويورك تايمز لا يهدف إلى تغيير آراء القراء أو التأثير عليهم. بل هو جمع لمجموعة من المقالات التي كتبت حول موضوع واحد. فالذين يكرهون هيلاري لن يغيروا رأيهم فيها، وكذلك محبوها سيظلون على ولائهم لها وإيمانهم بها. وقد يعتبر البعض هذا نوعا من الفشل بالنسبة للكتاب. ولكن إذا لم يكن ذلك من أهداف الكتاب أصلا، فهل يمكن أن نعتبره فشلا؟

ادوارد كلاين، مؤلف هذا الكتاب، هو أيضا مؤلف عدة كتب سابقة حول آل كينيدي. وقد قام بإجراء عديد من الأحاديث لجمع مادة هذا الكتاب، بالإضافة إلى استعانته بكثير جدا من الكتب والمقالات لغيره من الكتاب والمؤلفين. لذلك فإن الجديد الذي يأتي به هذا الكتاب ينبع بشكل أساسي من الأحاديث التي أجراها. أما المادة الجديدة ذاتها فتدور بشكل خاص حول حياتها وعاداتها الشخصية، وليس باعتبارها شخصية سياسية عامة، مرشحة لانتخابات الرئاسة القادمة. من بين ذلك تعرفنا على أن هيلاري تتناول قهوتها دون كافيين، وأنها تفضل الاستيقاظ من نومها متأخرة، على عكس زوجها، الذي اعتاد على الاستيقاظ المبكر. كما أن أكثر ما يؤرقها بشأن مظهرها هما ساقاها اللتان ترى هيلاري أنهما ممتلئتان أكثر مما ينبغي!

أما أهم ما يؤخذ على هذا الكتاب فهو أنه لا علاقة له بأي كلمة من عنوانه. وإن كانت هناك علاقة ضعيفة، فهي مأخوذة من كتب أخرى سابقة. أي أنه ـ باختصار ـ لم يأت بجديد. وحتى الجزء الأكبر الذي يستولي على اهتمام الكاتب فيدور حول فضيحة مونيكا لوينسكي. صحيح أنه يحاول تبرير تحول طموح هيلاري بهذه الفضيحة التي اهتزت هي لها كثيرا، رغم أنها حاولت التماسك، إلا أنه لم ينجح تماما في إقناع القارئ بوجهة نظره الضعيفة تلك. يقول المؤلف إن هذه الفضيحة لم تأت بمثابة صدمة لهيلاري، وأنها كانت على علم بها من قبل، وبغيرها أيضا من فضائح كلينتون النسائية. أما تمثيلها دور الزوجة المصدومة المخدوعة فكان لكسب الرأي العام لصالحها، فقد كانت تنوي ترشيح نفسها لمنصب سياسي منذ زمن بعيد. وقد أحسنت استغلال هذه الفرصة، التي قدمها لها بيل كلينتون على طبق من ذهب. ولكن الحقيقة التي نعرفها جميعا هي أن هيلاري لم تحاول أبدا تمثيل دور الزوجة المصدومة. بل إنها الصورة التي أضفتها عليها وسائل الإعلام، في محاولة لتكوين قصة كلاسيكية حول المثلث الشهير: الزوجة المخدوعة، والزوج الخائن، والصديقة. وهذه هي نقطة ضعف الكاتب الأساسية: إنه يرى الأمور منظور مختلف، لا يستطيع تبريره وإقناعنا به والدفاع عنه للنهاية. في حين أنه كان يمكنه أن يمتدح قدرة هيلاري على الفصل بين حياتها ومشكلاتها الشخصية من جهة، وكونها شخصية عامة من جهة أخرى. كما أنه حول بنظريته تلك شخصيتها الطموحة إلى شخصية انتهازية تستغل الفرص لصالحها.

وبعد قراءة الكتاب، لا بد أن يتساءل المرء: هل يعجب بهيلاري لقدرتها على تحويل كل الهزائم إلى انتصارات، أم يخشى شخصيتها الجبارة التي تطأ على كل المشاعر الشخصية في سبيل طموحها السياسي، الذي يقول كثيرون إنه بُني على حساب الآخرين؟ والمؤكد أن هيلاري نجحت دائما في إثارة الإشاعات حولها، بجو الغموض الذي يكتنف تصرفاتها وحياتها، سواء عامدة أم غير عامدة.

يعتبر هذا الكتاب أيضا ردا على كتاب السيرة الذاتية الذي كتبته هيلاري منذ فترة قصيرة. إذ يخصص كلاين جزءا كبيرا من الكتاب للرد على بعض ما جاء في كتابها، وليترك الحكم للقارئ حول أيهما يصدق وأيهما يكذب؟!