معرض تشكيلي سوري يحتج على ابتذال الجسد الأنثوي

فصيح كيسو تنفيذ باهت لفكرة لافتة

TT

خطوط هندسية مدروسة، وصور جامدة لا تميز تفاصيلها في البداية، وأغراض متباينة الدلالات تجمع بين موروثات شرقية تقليدية، عرضها الفنان فصيح كيسو في «المركز الثقافي الفرنسي» في دمشق، بمفهوم معاصر، مستخدماً أكثر التقنيات حداثة مثل التلفزيونات والتصوير والدمج عن طريق الكومبيوتر، لطرح كل من موضوعة الجسد والرقص الشرقي، اللذين كانا وما زالا مثار جدل وبحث وقدرة على إثارة الخيال.

يجذبك في البداية بريق بدلات الرقص الشرقي، متفرعة على حبال الغسيل، وكأنها شجرة تتفتح من تحتها الورود على الرمال بألوان فاقعة، محصورة بين الأحمر والأصفر والأزرق، ألوان كيفما اندمجت خلقت لوناً جديداً.

لعبة الاندماج هذه اتضحت في لوحة كبيرة تحسبها مربعات ملونة، شكل تفاصيلها الكومبيوتر، لتكتشف فيما بعد أنها أجساد لنساء متلاصقات الأرجل والأيدي. وهي أطراف تتجاور لينتج عن اندماجها في كل مرة لون مختلف، لا يخرج عن الألوان سابقة الذكر.

تلك الأجساد انفصلت في لوحة أخرى لترتدي بدلات الرقص الشرقي. نساء كثيرات وقفن أمام الكاميرا بطريقة غير فنية لا توحي بجمال القامة وغوايتها، رغم اختلافهن بين شقراء وسمراء، نحيلة وبدينة، شابة وعجوز. غياب الفنية هنا لا يقتصر على طريقة عرض المرأة في الصورة بل على الصورة نفسها، أيضاً لما فيها من جمود وتسطيح في الرؤية. فكل صورة هي بمثابة قطعة فسيفساء ضمن اللوحة المقسمة إلى مربعات بذات الألوان، وكأنها شاشات عرض لما تقدمه من مضمون، ترافق ذلك مع تلفزيونات موزعة ألبسها كيسو بدلات براقة، وعرض من خلالها لقطات من الرقص الشرقي، حتى اللوحة زينت بحبال ملونة براقة. فهل تحولت الأغراض إلى أجساد؟ أم تحولت طرق عرض الجسد في عصرنا الحالي ؟ أم أن الجسد أصبح مادة للعرض فقط بأسلوب فج ومباشر شبيه بعرض النساء لأجسادهن في الصور؟

ذلك الجمود كان يلفه في الماضي دفء وإغواء وتمايل ارتبط بالمرأة، وأبعدها عن المباشرة في قول ما تريد، والتعبير عن رغباتها تحديداً في الرقص. أما اليوم، فالجسد كما يراه كيسو تحول إلى مجرد بضاعة معروضة لا بد من تزيينها، موضحاً ذلك في لوحة ثالثة أرفقها بعبارة من كتاب تاج العروس «النساء لعب الرجال، فليزين الرجل لعبته».