الأثرياء الجدد يفضلون «السوبرماركت» والغناء

قاعة قاهرية للفنون تبحث عن روادها

TT

«كان حلمي الدائم أن أقيم مركزاً صغيراً للفنون، يشتمل على قاعة فن تشكيلي، ومكتبة فيها قسم للاطلاع والاستماع للموسيقى الكلاسيكية ومقهى لرواد المكان، وحينما تحقق حلمي بعد سنين فوجئت بأن الناس تفضل أن تنفق مالها في السوبر ماركت على أن تأتي إلى هنا»، هكذا تتحدث اليوم فنانة الزجاج المعشق المهندسة فاطمة الطناني، اليوم عن قاعة «فنون» بعد افتتاحها بأشهر قليلة. والقاعة تستقبل حالياً معرضاً مزدوجاً، للرسم والنحت، متمثلاً في أعمال فنانين من جيلين مختلفين، الأول هو الراحل جمال كامل تلميذ الفنان الكبير أحمد صبري، الذي لا تزال لوحاته ووجوه شخوصه حية متألقة، تذكرنا بأعماله في «دار الهلال» ومجلة «روز اليوسف» حيث بدأ عمله رساماً صحافياً عام 1950، والثاني هو النحات محمد الفيومي (مواليد 1963). وتستعد القاعة لاستقبال أحد أهم نشاطاتها، وهو معرض مزدوج آخر للفن والنحت يقام في الثالث عشر من شهر نوفمبر الجاري، يعرض أعمال أحد كبار فن النحت المصري المعاصر د. صبحي جرجس سعد (مواليد 1929)، مع لوحات الفنان التشكيلي محمد طراوي (مواليد 1956) قومسير صالون الشباب لهذا العام. ومع هذا التنوع ووجود معرض دائم لبعض أعمال فنانين كبار تعجبت من شكوى الطناني، التي أكدت أنه لا داعي للتعجب، فهي تفعل ما بوسعها ولن تأخذ الشهور الفائتة كمقياس عام، لكن الواقع والتجربة الحية يؤكدان أن الإقبال ضعيف جداً على المعارض الفنية خاصة بين الشباب. أما المكتبة فكتب الاطلاع المجانية تنتظر من يتصفحها. لكن «فنون» التي تنظم أنشطة ثقافية أخرى في حديقتها من وقت لآخر شهدت إقبالاً في شهر أكتوبر الفائت، حين أقيمت أمسية مفتوحة للغناء مع الفنان الشاب تامر أبو غزالة، وكانت الدعوة مفتوحة للجمهور لمن يحضر آلاته الموسيقية للعزف والمشاركة في الأمسية. وكان الإقبال أكبر في ليلة مع أغاني الشيخ إمام وفرقة الطمي المسرحية حين اشتملت الدعوة على جملة «غناء جماعي يشارك فيه الحضور»، حيث تقول الطناني «لم أهدف من البداية لربح، فهدفي أن يخلق المكان روحاً من الاتصال بين جمهور الفن ودارسيه والفنانين والنقاد وجميع المشتغلين والمهتمين بالفن، وأن يعمل كذلك على بث روح ثقافية بالحي المحيط، لكن المشكلة أنني أخسر يومياً».

الغريب في الأمر أن «الحي المحيط» ما هو إلا حي المهندسين أكبر أحياء القاهرة، والذي تتركز فيه أهم المحال والنوادي والمناطق الحيوية، وكذلك المراكز التجارية ذات الطوابق المتعددة. بل وتتركز فيه طبقة الأثرياء الجدد، التي ربما لا تهتم بالفنون بقدر اهتمامها بالسوبر ماركت بحد وصف الطناني.